الجمعة 3 مايو 2024| آخر تحديث 9:15 01/30



إبا إيجو.. حي على الصراخ، حي على العدالة

إبا إيجو.. حي على الصراخ، حي على العدالة

page_600x400

امرأة مسنة هي إبا إيجو.. لم تسلم أمرها كما فعل المئات من المظلومين قبلها للعدالة الإلهية، ولم تنتظر حكم المحكمة الابتدائية بتيزنيت، لتعرف إن كانت ستتحقق العدالة الدنيوية.. بل حدسها علمها، ومنذ بداية جلسات المحكمة، أنه ليس بالضرورة ببلدنا أن تكون العدالة في صفك لمجرد أنك صاحب حق.. فآلاف المواطنين الذين اضطرتهم الظروف لدق أبواب المحامين والمحاكم، لا يفكرون في العودة مجددا إليها، بل كثيرا ما يسلم المغاربة أمرهم لله، ويدعون على المعتدين والظالمين والمافياهات وعلى ظلم الدولة نفسها، بدل التوجه كما يفعل أي مواطن في الدول التي تحترم مواطنيها نحو العدالة لنيل حقه.. كيف لا ونحن في بلد ينخره الفساد، بل وتخرق فيه الدولة نفسها القانون الذي تزعم حماية سيره ونفاذه في مساواة تامة بين كل بنات وأبناء الشعب.

  إن الحديث عن المحاكم والقضاء بالمغرب بقي دوما مرادفا للحديث عن الفساد والرشوة واستغلال النفوذ.. كما أن مصطلحي الدولة والمافيا صارا في ذهن المواطنين وجهين لعملة واحدة. وربما لهذا السبب لا نرى المغاربة يفتخرون بعلمهم أو يعبرون عن “تامغريبيت”، كما يعبر غيرهم عن حسهم الوطني. إذ عبر التراب المغربي تنتشر مافيات بألوان الطيف، لها نفوذ داخل مختلف دواليب الدولة، حتى صار من الصعب تحديد أين تنتهي المافيا وأين تبدأ الدولة، وضمنها مافيات العقار، التي لا يقتصر نفوذها على القضاء فقط بل يمتد للمحافظات العقارية، والأحزاب السياسية وكبار موظفي الدولة وحتى الوزراء وغيرهم.. وثمة قصص كثيرة تحكى عن أبناء عائلات في السلطة، أو نافذين في الدولة، بل وحتى فقراء لم يكونوا يملكون ما يثير الانتباه، لكنهم بين عشية وضحاها، وبعد أن فتحت لهم السياسة أبوابها أو نالوا قسطا من رضى المخزن، صاروا من كبار ملاكي الأراضي والأثرياء.

  إن قضية إبا إيجو قد تحل، لكن لا يجب تناولها كقضية امرأة أمازيغية مسنة وزوجها فقط.. بل بشكل أوسع وأكبر.. فتلك المرأة الشجاعة التي استبقت حكم المحكمة، ولم تنتظر عدالة الأرض أو السماء، قامت، بفعلها البسيط في شكله، العميق والكبير في مضمونه، وبمجرد أن أطلقت صرختها أمام المحكمة الإبتدائية بتيزنيت، (قامت) بفتح بوابة ومدخل نحو قضايا كثيرة، يفترض علينا جميعا، وبعد أن نتوجه بالتضامن والتحية والتقدير إلى إيبا إيجو، أن نخوض فيها ونكشف عنها، بدءا بمافيات العقار، ومرورا بفساد القضاء، ثم وصولا لنهب الأراضي والثروات من طرف كمشة نافذة في الدولة، وانتهاء بهذه الدولة نفسها التي تقوم أحيانا بعمل أفظع من المافيا نفسها.

  فعلى سبيل المثال لا الحصر، ومنذ سنوات، وبسلطة الدولة وتوقيع مختلف رؤساء الحكومات المتعاقبة، يتم انتزاع أراضي العشرات من القبائل الأمازيغية بموجب قوانين تعود للفترة الاستعمارية. وثمة كثير من القصص المأساوية لمواطنين في قرى ودواوير تشكل الغابة كل مصدر عيشهم، وامتلكوها وقبلهم أجدادهم لمئات السنين، لكن فجأة ينزل عليهم قانون التحديد الغابوي وتنتزعها الدولة منهم، وحين يصبحون في الغابة، مصدر عيشهم الوحيد ليزاولوا أنشطتهم المعاشية الوحيدة المعتادة، يتم القبض عليهم ثم يزجون في السجون، أو في أحسن الظروف يثقل كاهلهم بغرامات يصل بعضها إلى عشرات الملايين، إن لم يدفعوها يسجنون.

  إنها دولة، بالإضافة لديكتاتوريتها، غبية إلى حد أن تأخذ من المواطن أملاكه، ولا تكلف نفسها حتى عناء توفير البديل له، ويكون مصير الأراضي التي تنتزعها الدولة غالبا، إما التفويت لشركات معينة، كما حدث مؤخرا لسكان توزونين بأمسكرود مثلا، أو تحويلها إلى محميات مؤقتا، أو تفوت كهبات لمن ينالون الرضى المخزني أو للأجانب.. دولة عجيبة لا تحترم إلا الأراضي التي يزرع فيها القنب الهندي. ولعل الفضائح التي لها علاقة بالمخدرات التي تورط فيها سياسيون مغاربة كثيرون مؤخرا، وحتى من حزب العدالة والتنمية نفسه، تكشف عن السر وراء ذلك الاحترام.

  الحديث عن العقار والأراضي يجرنا للثروات التي يزخر بها المغرب، التي، على ما يبدو، يجيد نافذون في الدولة استغلالها بشكل يمنع وصول ولو مليم للمواطنين. وما اعتصام سكان إيميضر الأمازيغ لأكثر من سنتين قرب منجم إيميضر، إلا أكبر دليل على الغبن الذي يشعر به هؤلاء المواطنين. لكن لم نر أيا كان من الحاكمين يكترث لهم بعد، رغم أن كثيرات في سن إبا إيجو ظللن يصرخن لسنوات، من دون أن تشغل حكومتنا الموقرة بالها بالالتفات لهن. ربما لأن المنجم تابع لإحدى شركات الملك نفسه.

  القانون في بلادنا يقف كما الدولة والمافياهات واللوبيات في مقابل الشعب بمواطناته ومواطنيه. إذ في المغرب تتواطؤ الدولة والأحزاب والنقابات وآلاف الجمعيات التي لا تؤطر ولو أربعة بالمائة من المغاربة، ضد الشعب وتطلعاته في وطن حر وديمقراطي وكريم. ولقد مضت سنة 2011، وانطفأت شعلة ما كان ليكون ربيعا مغربيا.. لكن للأسف لم تستقي الدولة وأحزابها الدروس، بل عادوا لمسرحيات سياسوية هزلية أكثر سماجة وأكثر استخفافا بالشعب وتطلعاته.

  إمرأة مسنة هي إبا إيجوا أخرجت اللآلاف بصرخة، وهبوا جميعا للتضامن معها داخل المغرب وخارجه.. لكن، لا يجب أن ننسى أن القضية ليست قضية إبا إيجو وحدها، بل قضية الآلاف من المغاربة، وقضية شعب بأكمله، كثير من أبنائه تجرعوا مرارة الإهانة والظلم و”الحكرة” لعقود، ولم يصرخوا بعد، ولم يتكلم أحد عن معاناتهم، في بلد، الكلام فيه بشكل واضح وصريح وبشجاعة قد يجر صاحبه للعزلة، وما لا يتخيله من نوائب، ولو بعد حين. فمن يحكموننا، رغما عن إرادتنا، لا ينسون لأي أحد حديثه عن المحظور.. لكن يبقى لدينا أمل لا ينتهي في أن يسير كل المظلومين والمقهورين على نهج إبا إيجو.. وحين يفعلون، ستأتي الثورة.. لأن القضية لن تعالج في النهاية إلا بثورة من أجل الديمقراطية الكاملة، والكرامة، والمواطنة، والحرية الكاملة.. والتاريخ يخبرنا أن الثورة تأتي دوما من حيث لا يحتسب أحد.

ساعيد الفرواح







تعليقات

  • إبا يجو تحب الورد…لكنها تعشق الخبز أكثر…
    إبا يجو تحب دفء السبيطار…لكنها تعشق دفء “كانونها” أكثر
    إبا يجو تحب تضامنكم جميعا…لكنها تعشق العدالة أكثر…
    اخرجوا ابا ايجو من سجنها ..من منفاها القسري…
    إن إبا يجو…لن ترضى بديلا عن الصراخ…
    في وجه الجلاد…ومغتصب هدوئها..
    أتركوها…تقظ مضجع الطغاة…
    أتركوها تعيد لتزنيت السلطانية…شرف الصمود
    أتركوها تعيد للمقهورين… للمظلومين …وجه المقاومة
    أتركوها تعيد رسم ملامح المدينة…
    بعمامة بوتزكيت…ومطرقة الرعونة…
    دعوها تصرخ…دعوها تنفجر….
    لتزرع بذور الثورة وتعلن ميلاد الكمونة…

  • أنا كمواطن مغربي أجد نفسي في تناقض،وأريد من يشرح لي هذه الحالة؟

    1-أنا ضد الأطروحة الإنفصالية للأقاليم الصحراوية…لكن لماذا تستحوذ الدولة على أراضي المواطنين خاصة بسوس.

    2-أليس هذا ما يجعل المواطنين يرغبون في الإستقلال أو حتى الإنفصال..مثال الريف+الجنوب..

  • يجب تشكيل جبهة وطنية شبابية ضد وزير العدل و الحريات الرميد ورفع قضية ضده في محكمة العدل الدولية و دلك لتغاضيه عن الفساد الموجود في القضاء

  • C vraiment un vrai pays de merde ta raison la famille c pas normal tou sa ,moi je ven tou seke j ai au Maroc et je rentre mon argent en France ya pas de justice de en plus moslimine soi dison ,ke d voleur ke des escros et cherche ke l argent comme des pute oubilie pas ke en va tous mourir a lhmire.vive lha9e.heuresment je sui parti en France allahe ma sauvée de la misère lhagra sans pitié .ici je sui pas chez moi m je sui trop bien même la vrai justice sauf ya un lobi sioniste et con je voit l affaire de iba ijo je pence ou lobi juif ki contrôle la France

  • من قال لك انها لم تنتضر العدالة الالهية نعم امراه بسيطة انتفضت ضد الضلم و العدالة الالهيه سينتصر لها الله عز و جل فدعوة المضلوم مقبوله و لو بعد حين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.