الإثنين 29 أبريل 2024| آخر تحديث 4:06 05/16



تيزنيت : فنان عصامي شاب أغوته الريشة والألوان بالفطرة لاستنطاق و خدمة التراث الأمازيغي

تيزنيت : فنان عصامي شاب أغوته الريشة والألوان بالفطرة لاستنطاق و خدمة التراث الأمازيغي

وجدنا الفنان التشكيلي الشاب” أحمد بن أحمد” (29 سنة) بمعمله الفني البسيط،يمسك الريشة بأطراف أصابعه،و يتأمل مساحة اللوحة التي أمامه.. بدا كمن يريد أن يتخلص من أشياء تقلقه، تتوقد بداخله كجمر.. تنهّد بعمق وغمس ريشته في خليط الألوان، وسرعان ما انكشف بهذه المساحة الصغيرة عالم كبير لا يحده حد.

يرسم هذا الفنان العصامي الصاعد، و يجسد بنشاط وحماس كبيرين، في في كل فراغ أو مساحة تبدوا له متعطشة ، وتألقت ريشته وهي تتغزل بالجمال البسيط لتكوين إبداعات يغلب عليها الطابع الأمازيغي، وقد جسدتها بحيوية ألوانه المتناغمة في لوحات غرافيتية بدت بواقعية كبيرة كأنها طبيعة حقيقية.

من يكون الفنان التشكيلي الشاب الصاعد ” أحمد بن أحمد ” ؟

هو ” أحمد بن أحمد” ، من مواليد عام 1993 ،بدوار ” أوكرز” التابع للنفوذ الترابي لجماعة أيت رخاء اقليم سيدي إفني ،فنان تشكيلي شاب عصامي لا يحب الأضواء ، شارك في العديد من الملتقيات الفنية،آخرها تنظيمه لمعرض تشكيلي على هامش فعاليات النسخة الثانية لمهرجان “امزاد للتراث الموسيقي” الذي نظمته المديرية الإقليمية للثقافة بحر الأسبوع الماضي .
يقول أحمد في تصريح لموقع ” تيزبريس ” إن موهبته تشكلت ملامحها في طفولته،حيث كان يقضي معظم وقته في الرسم و يفضل اللعب واللهو بالأقلام والألوان .

هبة الخالق..

كانت موهبته “هبة من الخالق”كما يقول ،ولم تلبث أن تحوّلت فطرية نشأته وتعليمه الذاتي عبر مراحل عمره إلى طاقة هائلة، نجح في التعبير عنها بطريقة مبتكرة ، فأصبحت الريشة هي الطاقة الدافعة لمجابهة ظروفه المجتمعية .
انطلقت تجربته مع الفن التشكيلي، بإحساسه بشعور داخلي يعشق الفن، فكانت البداية نتاج الموهبة الفطرية، وتراكمت مع الاحتكاك في إطار ملتقيات و تجارب ، إلا أن دخل إلى عالم الاحتراف .

الفن الواقعي و التجريدي عنوان لكل اللوحات ..

من خلال المشاهدة لأعمال الفنان التشكيلي “ أحمد بن أحمد” يتضح أنه فنان حداثي، تأملنا لوحاته بعمق و تخطينا طبقاتها وغاصت أعيينا إلى عمقها الدلالي والفني، فكلما اقتربنا من رسوماته التشكيلية وقاربنا أفقها الجمالي وتأملناها زدنا شوقا وعطشا إلى فك علاماتها اللونية والشكلية والرمزية الطافحة، ومشاطرة الفنان في تأملاته واستقراءاته اللامنتهية وأحلامه الرائعة لتمنح لها مما تعلمه من تقنيات وإمكانيات فنية متعددة.

خلصنا من خلال هذه اللوحات التشكيلية ، و من خلال حديثنا معه ، أن الفنان ” أحمد ” يستخدم اتجاهين من الفن التشكيلي أحدهما واقعي و الآخر تجريدي .
بالنسبة للنوع الأول الواقعي ، وجدناه يشتغل على الأسوار و البنايات القديمة وكل ما يتعلق بالثقافة الأمازيغية و بالخصوص بعض المآثر الثاريخية المتواجدة بمدينة تيزنيت التي تعتبر من بين المدن العريقة المعروفة منذ القدم بالحرف الأمازيغي.

و بالنسبة للنوع الثاني التجريدي، فهو يشتغل فيه على  ما يسمى بـــ ” الكولاج coulage ” و هو تكنيك فني يقوم على تجميع أشكال مختلفة لتكوين عمل فني جديد .

و يحاول هذا الفنان بقدر المستطاع أن يجسد كل ما هو ثراتي أمازيغي أصيل كالأبواب القديمة و الأسوار و البنايات و المساجد و بعض النوافد القديمة التي اندثرت معالمها و يحاول احياءها من جديد و يجسدها في لوحاته الفنية لتعطي جمالية و منظر طبيعي ملموس واقعي .

و المتمعن في الانتاجات الفنية للفنان ” أحمد “،  يخلص أن لوحاته تتلون بالثراث الأمازيغي الفني والثقافي الأصيل، فغالبية هذه اللوحات موشومة و مزخرفة بالحرف الأمازيغي الذي يعتبرة مهم جدا في لوحاته كرمز للثقافة الأمازيغية الأصيلة.

فن تشكيلي خدمة للتراث الأمازيغي

الفن التشكيلي بالنسبة للفنان أحمد بن أحمد هو خادم للتراث ومؤرخ له، وهو وسيلة التعريف بالثقافة المغربية المتنوعة، و منها الثقافة الأمازيغية .

غالبية اللوحات الفنية للفنان التشكيلي ” أحمد بن أحمد ” نجد فيها استنطاق للذاكرة الشعبية و الثقافة الأمازيغية الغنية ، والاستفادة من التراث في شقه الإيجابي وإعادة تدوينه
ويقول ” أحمد” في هذا الصدد في حديثة لجريدة ” تيزبريس ” ، أن الكاتب يمكن أن يعالج القضايا بالقلم والكلمة، أما الفنان فهو يعبر عن الموضوع باللوحة والريشة، مثل قضية التراث الأمازيغي وجماليته والدعوة إلى المحافظة عليه.
اشتهر هذا الفنان في بسبب رسوماته التي يُنظر إليها على أنها تكاد تكون مطابقة للواقع و تجسد التراث و الثقافة الأمازيغية .

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة..

وما استغربنا له في حوارنا مع هذا الفنان العصامي الشاب، هو غياب التشجيع و الدعم و الاحتضان “الكافي و المطلوب” من قبل القطاعات و المجالس و الجهات الوصية بالإقليم.
فنان من هذه الطينة بامكانيات فردية وعصامية، كان لازما من هذه الجهات الأخذ بيده و فتح القاعات و الملتقيات أمام إبداعاته وإعطائه الفرصة لترسيخ مكانته في الساحة الفنية ومتابعة مبادراته،من أجال انطلاقة نحو الأفق الرحب ليطّلع العامة على ما ينتجه معمل فني بسيط داخل منزل بأحد أزقة مدينة الفضة .

 

الحسين كافو – تيزبريس







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.