الخميس 2 مايو 2024| آخر تحديث 6:29 06/06



لمثل هذه الأوزار يصلح ذلك المزوار

لمثل هذه الأوزار يصلح ذلك المزوار

ali-bounoua

الآن عرفت أن الحكومة في نسختها الثانية إنما تمثل أطيافا و أطرافا متعددة لها مصالح مختلفة.. و لكل طيف فيها نصيب و لكل مصالحُهُ التي يسعى لجلبها أو الحفاظ عليها.. و كل حزب في تلك “التركيبة الرباعية” للحكومة التي تم تطعميها بعناصر تشبه “المواد الحافظة”، محكوم بمراعاة هذه الموازنة.. فهناك دائما ظروف تفرض على السياسي أن يوازي بين المصالح و المبادئ في ميزان الواقع محليا أو إقليميا أو دوليا.

لو افترضنا جدلا أن السيد “سعد الدين العثماني” مازال وزيرا للخارجية و طُلب منه أن يمثل رئيس الدولة في حفل تنصيب “السيسي” كما أجبر من قبلُ على دعم التدخل العسكري الفرنسي في مالي.. هل كان سيقبل يا ترى؟ المهم أن من خلف “العثماني” في الخارجية هو ذلك “المزوار التقدمي المتحرر” و ليست له أي “عقدة نفسانية” مع الحضور في مثل تلك المحافل.. فقد نفذ الرجل التعليمات و شد الرحال إلى بلاد الكنانة لتمثيل الدولة المغربية في تنصيب رئيس مصر الجديد المفروض قسرا على الشعب المصري.

هكذا إذن و بكل أريحية يذهب رئيس حزب “الأحرار المغاربة” إلى مصر، التي حاول شعبها أن “يتحرر” في 25 يناير 2011 من قبضة الإستبداد و “الحكم الجبري”، ليشارك في تنصيب قائد “العسكر” الذي هتف المصريون خلال “جهادهم السلمي” من أجل الحرية و الإنعتاق بإسقاط حكمه مرددين ذلك الشعار المدوي: “يسقط يسقط حكم العسكر”.. و بالتالي فحضور مزوار في حفل التنصيب هو تزكية للشخص الذي يُعيد مصر إلى أحضان الحكم العسكري رغم أنه خلع بذلة “المشير” و دخل غمار انتخابات رئاسية، بدون برنامج طبعا، في أسوأ “عرص سياسي” عفوا أقصد “عرس سياسي” تشهده منطقة شمال إفريقيا مؤخرا.. و هو الحدث الذي فضح من خلاله الشعب المصري مرشح العسكر “عبد الفتاح” بمقاطعة الإنتخاب و التصويت عليه.. ليتبين أن المشير “عبد الفتاح” لم يفتح الله عليه أبواب المشهد السياسي المصري كما كان يتصور و يتمنى.

شخصيا، و كمجرد ملاحظ، أرى أن حضور وزير الخارجية المغربي في حفل تنصيب رئيس الإنقلاب في مصر بعد مرور أسبوع تقريبا على الزيارة الأخيرة لعاهل البلاد و خطابه التاريخي إلى جمهورية تونس، التي بدأت مسلسل الثورات في شمال إفريقيا، و التي يرأسها شخص مثل السيد المنصف المرزوقي الذي لم يجد حرجا في رفضه لحضور حفل تنصيب السيسي (أرى أن ذلك) من غرائب الأحداث التي تستعصي على التحليل و تأبى الإندراج في قوالب المنطق إلا أن يكون ذلك لعبا دبلوماسيا على جبهات مختلفة لكن تصب كلها في اتجاه مصلحة عليا موحدة تحددها المتغيرات الإقليمية و السياق الدولي و تمليها ملفات داخلية حساسة و مصيرية.

إنه مجرد رأي ملاحظ يتمنى لو أن الأمور تكون واضحة للرؤية.. لكنه يؤمن أن الأمور تجري بمقادير و أن الأقدار تقودنا و تسير بنا نحو ما خُلقنا له و مهما فعلنا فلن نغير مجراها.. إنها حكمة الله في خلقه.. و إن له في الكون سننا.. فمن عرفها و خبرها فلا شك أنه يعرف كذلك أن خالق الكون يحاسب خلقه من بني آدم على بذل الجهود لا على حصيلة و نتائج ما يبذله من مجهود.

في الختام.. أقول متهكما على تناقضات اللعبة السياسية بنسختيها (الشبه ديمقراطية و الديكتاتورية) في حالة تنصيب المشير “عبد الفتاح السيسي” رئيسا للجمهورية المصرية بحضور الوزير “صلاح الدين مزوار” و أنا أعتقد أن الوزير سمي كذلك ليس فقط لأنه يؤازر رئيسه لكن لأنه أيضا يحمل عنه بعض الأوزار الثقيلة:

 

“إنه لمثل تلك الأوزار.. يصلح ذلك المزوار”.

علي بونوا







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.