الجمعة 19 أبريل 2024| آخر تحديث 11:35 04/22



المحفوظ هبو يكتب : من يحمي تاسريرت ؟

المحفوظ هبو يكتب : من يحمي تاسريرت ؟

من هناك و خلف جبال الشموخ تطل علينا شمس الأصيل كل صباح لتنشر نورها على سفوح إقليم مقهور و ساكنة مغلوب على أمرها . من هناك بأعالي تاسريرت الأبية هزم المستعمر و انتصر الأجداد للوطن . قلاع الفخر و الصمود تشهد اليوم على مجد التاريخ و عز وشرف الإنسان .

هناك انطلق الرعيل الأول نحو كبريات المدن لبناء صرح المغرب الحديث ووضع أسس النماء و التقدم بعد نسيم الإستقلال فأبلوا البلاء الحسن و شرفوا منشأهم و رفعوا شأن الاباء و الأجداد . حرثوا الأرض و غرسوا الشجر لتروى من دمائهم و عرق جبينهم .

من صاحب “تاسريرتيا”  أو زار المكان سيخبر لا محالة كرم و طيبوبة الأهل و طهر البلد ، كل هاته النعوت الصادقة و الخصال الحميدة قد تكون اليوم سبب أنين الحقول و بكاء الحجر .

سنة بعد سنة و مع كل موسم تتجدد المعاناة بتطاول الرحل على ممتلكات الساكنة و فسادهم في المد اشر و نشرهم الرعب بين الأهالي بالليل و النهار أمام صمت و خدلان الجهات المسؤولة  .

بروية و ذكاء العقلاء و نبل “إبودرارن” تدبر نسوة و رجال تاسريرت الإشكال رغم ما يطالهم من حيف و جور ، لكن وكما يشهد رب الأرض و السماء طفح الكيل و بلغ الألم مبلغه في السنوات الأخيرة التي صارت فيه حقول و سهول تاسريرت  محج و مرتع من لا مرعى  له وبذلك تتزايد هجمات التخريب التي تطال الممتلكات و الأشجار و المزروعات و المياه من طرف مليشيات مغربية غريبة لا تقر بكل الأعراف و القوانين المنظمة للرعي و الترحال ولا تأبه بتدخلات و تنبيهات السلطة بل تهدد بالسلاح و العنف سلامة كل متدخل و متضرر.

من يحرص البسطاء و يصون ممتلكات أدرار في زمن الترافع و صون الحقوق ؟ أم أن من  قدرهم اليوم أن يشهد العالم بؤسهم و يسمع أنينهم في عهد الخطابات و الوعود السياسية المعسولة  الكاذبة ؟

تعالت أصوات المتضامنين قبل المتضررين و حشدت همم الرجال و النساء مرات بمسيرات الأرض و الكرامة بشوارع العواصم أمام مرأى و مسمع الحكومات و الوزراء تنديدا بجرح و نزيف شرف البادية السوسية  ، أهين البشر و الشجر فكان التفاعل و الجواب معاكسا فاعتقل المتضرر المسكين و أشييد بأباطرة العهر و الفتنة باسم دعم و تشجيع الكساب و رعاية القطيع .

أليس من حق أهل تاسريرت و غيرهم من مرابطي الجبال أن ينعموا بنصيبهم من الأمن و الاستقرار وهم من اختار البقاء بالفيافي و الأعالي و العيش البسيط  هناك لرعاية و حماية ما تبقى من عبق الأرض و مجد الأجداد ، أم أن سياسة القبتين ماضية في تهجير الكبار و قمع الصغار ليمتد المرعى على مد البصر و يغادر اخر المهجورين  ثم يسقط آخر سقف يحمى الأرامل و الأيتام ؟؟

أخبروني رجاء من يحمي تاسريرت ؟ ومن يوقف النزيف ؟ فالكيل طفح و الصبر نفذ بعد أن توقف الحرث و استحال الغرس ، وانقلبت المواسم و طالت سنون الجور و النحيب .

فهل سيعود الزهر و يجد النحل ؟ و هل ستخضر المروج و تنبث الحقول ؟ فأسواق تافراوت تبكي طول غياب محصول تاسريرت الذي طالما أطعم الجياع و أكرم الزوار .

المحفوظ هبو







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.