الجمعة 29 مارس 2024| آخر تحديث 2:09 07/21



مدرسة سيدي وكاك بأكلو بتيزنيت: أول مدرسة عتيقة ظهرت في المغرب

مدرسة سيدي وكاك بأكلو بتيزنيت: أول مدرسة عتيقة ظهرت في المغرب

sidi_wagag_aglouسيدي وكاك، من مشاهر أولياء سوس، على بعد حوالي 15 كلم من مدينة تيزنيت يوجد ضريحه متوسطا قرية محادية للساحل المحيطي, قرية تردد صيتها كثيرا في كتب التاريخ كمعقل حافل بالأحداث والوقائع، إنها قرية زاوية أكلو المحتضنة لأول مدرسة دينية في المغرب خلال فترة ما بعد الفتح الإسلامي, قرية زاوية اكلو التي اشتهرت في التاريخ المغربي بكونها النواة الأولى لانطلاق الدعوة إلى تأسيس  إحدى أعظم وأقوى دول المغرب, الدولة المرابطية التي شكل رباط أحد تلامذة اكلو لبنتها الأساسية.
وكاك بن زلو اللمطي, واحد من أبرز رجالات القرن الخامس الهجري علما وتصوفا, مؤسس مدرسة اكلو التي سيتلمذ على يديه بها متزعم حركة الدولة المرابطية عبد الله بن ياسين .هذا الأخير الذي كانت رحلته الشهيرة صحبة الأمير يحيى بن إبراهيم  الكدالي باقتراح وإشارة من وكاك, رحلة شكلت بداية مغامرة كبرى, انتهت بتأسيس إحدى أهم وأعظم الدول بالمغرب وابرز إمبراطوريات القرن الخامس الهجري.
تقع المدرسة العلمية العتيقة لسيدي وكلك على بعد خمسة عشر كلم غرب مدينة تيزنيت وهي على ربوة محاذية للأطلس الصغير المطل على المحيط الأطلسي، وقد شهدت تغيير مرافقها، ذلك أنها جددت على يد فقيهها السيد الحاج أحمد الزيتوني رحمه لله في عهد الحماية الفرنسية حيث كتب الفقيه إلى والي الحماية الفرنسية بمدينة تيزنيت يقول في مضمون رسالته : “إن فرنسا تهتم برفع العلم والعرفان، وأنتم يتبين منكم خلاف ذلك، فلما أجاب المستعمر فر الفقيه خوفا من بطشه فبناها بيده احد أبناء البلدة مأجورا من طرف الحماية الفرنسية”.
المدرسة الوكاكية
إن المدرسة الوكاكية لهي مدرسة أعدت لتدريس العلوم الشرعية واللسانية وتحفيظ القرآن الكريم وأنواع قراءاته فتارة يدرس بها العلم وحده وتارة تكون مدرسة قرآنية وتارة تجمع بينهما.وقد تعاقب على العمل بهذه المعلمة فقهاء ومدرسو القرآن الكريم والقراءات وآخرهم الفقيه الجليل الذي ما زال يعمل بها مدرسا للعلوم الشرعية واللسانيات سيدي محمد البوجرفاوي منذ سنة 1984م. ومدرس للقرآن الكريم والقراءات السبع السيد الفاضل محمد واسميح التناني منذ 1992 إلى الآن.تستقبل المدرسة أكبر عدد ممكن من الطلبة حيث تحتضن اليوم أزيد من ثمانين طالبا يتوافدون عليها من جل القبائل المجاورة من أيت بعمران والصحراء والشرق والأخصاص ومجاط وأيت عبلا وسملالة وبعقيلة واداوتنان ودمنات وشتوكة وحاحا وأيت صغراشن بالأطلس المتوسط والحسيمة وغيرها.
طرق التدريس بالمدرسة العلمية العتيقة الوكاكية
إن طريقة العمل بالمدرسة الوكاكية لا تختلف عن طرق ومناهج التدريس بالمدارس العلمية العتيقة على الصعيد الوطني، فالعمل يبتدئ بها منذ الفجر ويستمر طول النهار. فبالنسبة لقسم تحفيظ القرآن وتدريسه، يتعهد الطلبة ألواحهم بعد صلاة الفجر وقراءة الحزب الراتب فيحفظونها ثم تمحى ليدونوها كل حسب طاقته فمنهم من يملى عليه ومنهم من يدون لوحته عن ظهر قلب، وفي هذه الفترة يقوم مدرس القرآن بتلقين الأطفال الصغار وتحفيظهم الآيات القرآنية وبعد خروجهم من الكتاب يجتمع طلبة المدرسة بنفس الكتاب ويتعاهدون القرآن الكريم (السوار) والفقيه يصحح الألواح إلى أن يصل الظهر إبان دخول الصبيان إلى الكتاب للفترة المسائية ويراقبهم مدرس القرآن إلى صلاة العصر ثم بعدها يأتي الطلبة فيقرؤون الحزب الرتيب ويتعهدون ألواحهم إلى صلاة المغرب وبعد تلاوة حزب رتيب المساء يعيدون تلاوة حزب رتيب الصباح إلى العشاء فيتعهدون ألواحهم إلى منتصف الليل، هذا بالنسبة لحفاظ القرآن ومدرسو القراءات والصبيان بالكتاب. أما طلبة العلم فبعد صلاة الفجر يتوجهون إلى مجلس الفقيه كل طائفة ومؤلفها التي تدرسه وقد يتم تدريس العلم في الفترة الصباحية وباقي وقت النهار يكون للمطالعة والبحث في الكتب.
تتكون أدوات التلقين في المدارس العلمية العتيقة من اللوحة و”أكراج” أوالحكاك او الكرار والصنصار والصمح والقلم القصبي. فاللوحة لا تكون إلا من الخشب, طولها يناهز خمسا وعشرين سنتيمترا في عرض ثمان أو عشرة سنتيمترا. وتكبر هذه اللوحة بكبر الصبي حتى تبلغ عند ختمته الأولى للقرآن نحو ستين سنتيمترا في عرض نحو خمس وثلاثين. أما أكــراج، فهو عود من غصن الزيتون أو نحوه في غلظ الإصبع وطول الفتر أو ما يقاربه, ينحت من كل وجه من الوجوه الأربعة غالبا, حتى تكون له أربعة أحرف وأربعة سطوح, وقد يزين بنقوش تحفر فيه، ويحرف احد طرفيه بالنحت من جهة واحدة محدود الرأس كراس باطن الإبهام, ليتأتى له أن يحك به لوحه إذا أكب على قراءته, ويزعم أن ذلك الحك يعينه على حذقه بسرعة. ومادة الصنصار تحك به الألواح حال غسلها بممحاة من ليف أو حلفاء حكا شديدا, وبعد تنقيتها وسلت الماء عنها سلتا أكيدا, تطلى بطلاء كالمدر ابيض يسمى الصنصار. ويحك بالراحة على اللوحة حكا بليغا حتى لا يحتاج إلى حكه بالطلاسة بعد جفاف اللوحة, ويشترى من السوق عند العطار إن لم يكن معدنه في القرية, فتجفف اللوحة بالشمس أو لهيب النار. في حين يكون المداد المستعمل في الكتابة على الألواح عبارة عن الصمــح الذي يهيآ غالبا إبان البطالة كيوم الخميس أو غيره، حيث يأخذ الطالب قرون الكباش بدون أمرختها أو ما تلبد من الصوف تحت آباط الأغنام فيضعوه في مذوب خزفي خاص كبرنية أو كسرة مقعرة, فيوقدون النار تحته, فإذا ما في المذوب يذوب قليلا بحر النار, ثم يقلبونه جنبا إلى جنب حتى يذوب جيدا ويصير كصمغ الشجر فيضعونه في دواهم بعد أن ألاقوها ويكتبون به ألواحهم. أما القلـــم، فيتخذ من القصب, حيث يؤخذ أنبوب اليراعة فيقد طولا أجزاء صغارا كالنواة عرضا في طول فتر أو نحوه ثم يخرط ذلك الجزء من كلا جانبيه خرطا جيدا.
أوقات الدراسة داخل “أخربيش” ونظام العطل
يكاد التنظيم اليومي للدراسة داخل الكتاتيب في جميع أرجاء سوس يكون موحدا حيث ظلت الحصص الدراسية بنهج تقليدي سلفي محض. فالعادة أن الطالب يصحو عند طلوع الفجر ويسخن الماء في مربع خاص يسمى “أخربيش نومان” لتبدأ الحصة الصباحية مباشرة بعد صلاة الصبح وتلاوة الحزب الراتب.أما الفترة المسائية فتبدأ بعد آذان الظهر وكان الطالب يحرص على أداء الصلاة قبل الشروع في الحصة طبقا للهدف المنوط لهذه المراكز, والذي يتمثل في التوجيه الديني, وفي الحث على الصلاة منذ الصغر. ومن بين
التقاليد المعروفة داخل “إخربيشن ن امحضارن” قبل ابتداء الحصة المسائية أي قبيل صلاة الظهر كانوا يسخنون ماء الوضوء في سطل نحاسي معلق بسلسلة من حديد في وسط (تافضنا), وأثر هذا المكان قائم إلى الآن رغم التجديد الشامل للمسجد ومرافقه, ولا يستعمل إلا في بعض الزيارات الموسمية. أما نظام العطل فغالبا ما يشترط السكان المحليون على معلم القرآن أثناء جلسة المشارطة الالتزام بأوقات العطل التي تنقسم إلى عطلة أسبوعية, وعطلة مقترنة بالأعياد الدينية أو بالمواسم الدينية المحلية, حيث يحضر طلبة القبائل المجاورة لترتيل القرآن وتجويده. وترتبط عطلة العيد في الاصطلاح الاجتماعي المحلي بكلمة “العوايشير”.    إبراهيم أكنفار (GSM 0668699190)







تعليقات

  • السلام عليكم ورحمة الله
    قبل أن تتحدث يا أستاذ عن المدرسة الوكاكية، عليك بزيارتها، فهي لا تبعد عن تيزنيت إلا بكيلومترات قليلة. أما ما ورد في كلا مك عنها فيمكن لأي شخص أن يقوله وهو قابع في منزله، وما تتميز به هذه المدرسة لم يرد في كلامك عنها، وربما لست على علم به، ولم تكلف نفسك أدنى مجهود لمعرفته. ونتمنى أن تطل علينا يوما ما بمقال عن هذه المدرسة يليق ومكانتها العلمية والاجتماعية، منجز بالحرفية التي يقتضيها عملكم الصحفي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.