الجمعة 29 مارس 2024| آخر تحديث 7:59 10/16



شكايات للمسؤولين 1

med lahrach

تقديم : 
مطلع شهر مارس من هذه السنة قررت اللجنة الإدارية للاتحاد المغربي للشغل التي يترأسها ميلود مخاريق، حل الفرع الجهوي بالرباط بما في ذلك القطاعات الموازية للنساء والشباب وتوقيف قياديين بارزين، وجهت اليهم تهمة الإساءة إلى النقابة، وتعيين لجنة مؤقتة للإشراف قصد تدبير شؤون النقابة إلى حين عقد المؤتمر الجهوي، أسندت رئاستها إلى عضو الأمانة الوطنية للنقابة نور الدين سليك.

الطرد: تاريخ و خلفية.

و ليست هذه المرة الأولى التي تقدم فيها نقابة المحجوب بن الصديق على عمليات من هذا القبيل، فالتاريخ النقابي للمركزية يزخر بمثل هذه اللممارسات ومنها حل المكتب الجهوي للاتحاد المغربي للشغل بالجديدة 1993، و الهجمة التي استهدفت الاتحاد الجهوي بالخميسات في 2005 و حل الجامعة الوطنية للبريد و المواصلات من الاتحاد و فصل أطرها النقابية و على رأسهم الفيلالي الطبيعي..و غيرها كثير.

و للملاحظ أن يرصد وجهتا نظر مختلفتين في الموضوع: 

• الأولى تستنكر منطق التسويات بين البيضاء و الرباط بعيدا عن الآلية الديمقراطية و تنتقد استغلال شعار ” محاربة البيروقراطية النقابية ” لتحقيق مكاسب تنظيمية داخل الاتحاد.

• أما الثانية فتنتقد منطق الطرد و الحل و التوقيف لهياكل منتخبة في غياب أية أرضية قانونية تنظم ذالك في القانون الأساسي للاتحاد.  

أما خلفيات حملة التطهير التي باشرتها أمانة الاتحاد المغربي بالرباط فهي لا تخرج عن الآتي:

1- صراع إيديولوجي بين تيار راديكالي في مواجهة بيروقراطية نقابية يمثلها الأمين العام ميلود المخاريق.

2- تداعيات تباين المواقف من التعديل الدستوري الأخير داخل الاتحاد المغربي للشغل، و بيان عبد الحميد أمين الرافض للدستور الممنوح .

3- بروز موقع الرباط كقلعة لنشطاء النهج الديمقراطي و احتضانه لعشرات المعتصمين و المحتجين و القلق المصاحب لذلك من طرف دوائر الحكم.

و النقطة التي أفاضت الكأس: الملف الصحافي المنشور بجريدة المساء تحت عنوان: ” الاتحاد المغربي للشغل، عندما يتعايش النضال والاختلال ” لشهر أبريل 2012،  و الذي يشخص مكامن الداء في البيروقراطية النقابية و الفساد المالي استنادا لتقارير المجلس الأعلى للحسابات و المفتشية العامة للمالية.

الطرد ووظائفه:

و بعيدا عن معركة الرفاق و أمانة الاتحاد المغربي للشغل فإن ما يجري داخل مجموعة من المركزيات و الهيئات النقابية قد يسعف في فهم قواعد العمل ( غير المكتوبة طبعا ). فبعيدا عن القوانين الداخلية و الأساسية المنسية فوق الرفوف و التي لا تشهر إلا في وجه الخصوم كالحراب، وظيفة الطرد أو التطهير النقابي لا تخرج عن الآتي:

1- ضبط الصف الداخلي و التصدي للخصوم السياسيين و الإيديولوجيين.

2- تقزيم الخصوم و تصفيتهم نقابيا خصوصا إن ظهرت جماهيريتهم/خطرهم جليا بما يؤهلهم لمزاحمة القيادات المخلدة فوق كراسي الزعامة.

3- بعث رسائل تطمين لدوائر الحكم، مفادها: “الوضع تحت السيطرة، نحن في الخدمة” 

4- بعث رسائل للداخل النقابي تقول بالفم المليان: انظروا ما حل بهؤلاء ومن يتجرأ يتجرع !!!  بما يحول المسئولين النقابيين لمداحين و متغزلين في نضال و محاسن الأخ الأمين العام، لا أكثر.

القاعدة الذهبية في العلوم السياسية تقول أن الشعوب الحرة هي تلك التي تولي عناية و اهتماما للشأن العام و للمواطن و همومه و معاناته، ومن أهم هذه الهموم المعيش اليومي من شغل و أسعار و تطبيب و تعليم و حفظ كرامة و حرية سياسية و نقابية…إلخ.

على سبيل الختم:

حركة الشارع المغربي أنجزت جزءا من مهمة التغيير، تجلت أساسا في استقباح الحكم المطلق و لفظت بالتالي فرية الزعيم الأوحد و القائد الأمجد و أطلقت عقد اللسان عند ملايين المغاربة الذين عاشوا ردحا من الزمان متجاورين مع حيطان نسبوا لها آذانا.

مطلوب اليوم إعادة النظر في كل المسلمات الديكتاتورية داخل الأحزاب و النقابات و الهيئات و حتى الفضاء العام التي ظهر جليا تهافتها و عدم صمودها أمام إصرار الشعوب على انتزاع كرامتها و تحقيق حريتها.

إن التحديات المطروحة الآن على الفضلاء النقابيين و السياسيين كبيرة و ليس البديل عنها التراشق الإعلامي حول مواضيع يسخرها الإعلام الرسمي كملهاة لا طائل من ورائها غير الإشغال بما لا طائل من ورائه، انظروا للنقاش البيزنطي الذي يثار حول مواضيع كالتضامن مع فلسطين وهي قضية تحوز على شبه إجماع المغاربة، و انظروا للتداول الإعلامي للفتاوى العجائبية حد الإسهال، و انظروا للتطبيل و التزمير لمهرجانات و مناسبات تلتهم ميزانية معتبرة من قوت المغاربة في زمن الأزمة و الجفاف و السنة الفلاحية شبه بيضاء، و بالمقابل انظروا للتعتيم شبه المطلق لما يدبّر حول قانون الإضراب و إصلاح صندوق المقاصة و التقاعد و التعاضديات و الفساد المالي و الإداري و اقتصاد الريع. 

هناك قدر غير يسير من الفخاخ المنصوبة للقوى الحية بالمغرب و صراع الإرادات، بين من يريدون تأبيد حالة الخنوع و الخضوع و بين من يسعون لتوعية المغاربة و مواجهة سياسة الاستحمار، مكتوب له الاستمرار، و الحسم فيه يتوقف على تشكيل أوسع جبهة ضد الظلم و الفساد السياسي والنقابي. 

[email protected]