الثلاثاء 16 أبريل 2024| آخر تحديث 6:02 10/17



انــقــــراض الأمـــازيــغ !!

انــقــــراض الأمـــازيــغ !!

Captureقفّ شعري وأنا أطالع ما أفرج عنه “الحليمي” حول نسبة الناطقين بالأمازيغية في المغرب بلهجاتها الثلاث، التي  حددها في 26.7 في المائة من مجموع من يرطنون العامّية /الدارجة كمزيج لسني بين الأمازيغية والعربية والفرنسية والإسبانية، تختلف حسب كلّ منطقة وظروفها الخاصّة..، وهو معطى يؤرّخ لتراجع كبير في حفظ رصيد هوياتي طالما فاخرنا به الأمم.

ومع هذا العدد المسجّل في إحصاء (2014) على علّاته، يبقى ذا نسبة كبيرة من المصداقيّة الرّسميّة التي تؤكدها معطيات الواقع المعيش، ويحيل على كونه مرجعا أساسيا لأي بحث مستقبلي مفترض.

إن التفريط في “الأمازيغية” نطقا رغم رسميتها في الفصل الخامس من دستور (2011)، يفتح على الجميع في هذا الوطن سؤال المصداقيّة مع الذّات الهجينة التي تتوق إلى التّخلّص من أصالتها، والتّنكّر لجذورها شيئا فشيئا، والظّهور بمنطق الضّعف أمام الأجنبي.

سنة 2009، حضرت محاضرة للمفكر السّوري (خالص جلبي) بعاصمة سوس، تحدّث فيها كثيرا عن مبادئ الاختلاف وأهمية السلم والتّسامح في بناء المجتمعات، لكنّ لسانه لم يستسغ ألقاب بعض الحضور التي تفتتح عادة ب”آيت” قبل أن يتكفّل أحدهم بتوضيح المراد، وبعد سنوات على ذلك قادتني الأقدار إلى محاضرة أخرى أطّرها أحد مفكري مصر الذين لهم باع في العلم والمعرفة إلى جانب آخرين من المغرب، وراعتني كيفية انتفاضته في وجه أحد الأساتذة الباحثين الذي فضّل توجيه سؤاله بالأمازيغيّة لأحد المحاضرين، وقاطعه قبل حتّى أن يتمم فكرته !!

وأمام الحادثتين تفهّمت على مضض تصرّفات المصري والسوري لانتمائهما إلى التّربة الخصبة التي أنتجت “ميشيل عفلق” و”حزب البعث”، وما يعنيه ذلك من تأثّر بمشاريع فكريّة تحاول تنميط الإنسان ضدّا على الطبيعة الخِلقيّة  في اختلاف الألسن والألوان والصّفات، على غرار نموذجي “التّتريك” و”الرّوسسة”..، لكنّي لا يمكن بطبيعة الحال أن أتقبّل بعض المحاضرات “الوعظية” التي تصدّع رؤوسنا مع كلّ محاولة فتح نقاش جدّي حول ورش الأمازيغية ببلادها.

ذلك أن أي محاولة تُستتبع بكون صاحبه أقدم على تصرّف عتيق متجاوز، أو يُرمى بتهم التّعصّب والميل إلى العرقيّة، وهذا في عمقه يعدّ “استغباءا إيديولوجيّا” تمارسه بعض الأطراف من بني جلدتنا عن قصد أو غيره،  كالأمّ التي تقدّم حلوى لذيذة الطّعم لوليدها اللّقيط حتّى تجنّبه ألم الجواب عن أبيه البيولوجي ولو لحين.

إن الانبطاح أمام رياح الشرق أو الغرب، والشمال أو الجنوب، لا يبرّر بحال من الأحوال الهروب إلى الأمام، والحقد على الأصل والمنبت، لأنه لا خير في أمّة لا تحفظ لسانها ولا تقدّر إرثها الحضاري.

أعرف جيّدا أن قلوبا شتّى من بني جلدتنا شربت حدّ الثّمالة من القوميّة العربيّة، وأخرى من الفرنكفونيّة، فوُصمت كلّ القضايا مع الفئة الأولى  بالعروبة، حتّى سمعنا عن “القدس العربية” والجامعة العربيّة و”القضية الفلسطينية قضية عربية” و”المغرب العربي” و”الأشقّاء العرب”…، ثم رأينا كيف يتمّ تجاهل ما يقع لمسلمي “بورما” الذين صنّفتهم الأمم المتّحدة كأكثر الشّعوب اضطهادا في العالم، و”الإيجور” بالصّين والأكراد في بلادهم…، لأنّهم لم تمنح لهم صفة العروبة ولم يتجرّأ أحدهم للتّنعّم عليهم بهذا اللّقب.

أمّا الفئة الثّانيّة ففضّلت لسان المحتلّ الفرنسي وتبنّته ملاذا يذكّرها بمجد تليد دشّنه نابليون بحملاته العسكريّة، ووجدت في الإدارة ومختلف مؤسسات الدّولة سندا قويّا يؤيّد طرحها.

إن أخشى ما أخشاه أمام هاتين الفئتين أن نتخلّى يوما عن قيمنا الثّقافيّة وفي مقدّمتها الأمازيغيّة كوعاء فكري رصين، على المستويين الرّسمي والشّعبي، وأن تولد بعدها أجيال هجينة لن تراعي التّاريخ قيمة تُذكر، وقتذاك  ستتلمّس الطّريق في غير محلّه، لأن الطّبيعة دوما لا تحبّ الفراغ.

 

بقلم : أحمد إدصالح







تعليقات

  • شذوذ الأكثرية، وتهافت البراهين: صارت أرقام بعد الدراسات صانعت للشك والحيرة، بدل رفعهما، ما المقصود بالنطق هنا وما هي الآليات التي صيغ بها هذا الرقم؟ وما مغزى طرح ذلك وإخراجه هذه الأيام خاصة بعد حث صاحب الجلالة حفظه الله على الإسراع بالقانون التنظيمي للأمازيغية؟ ثم إني ألوم الأمازيغ الذين يتحدثون مع الإداريين بالعامية، ربما كل دواوير أدرار وأزغار في سوس والشرق والريف.. كل من أجاب ” شكون” آه” خمسة بدل سموس، وغير ذالك كل هؤلاء سجل عليهم أنهم ينطقون العامية، ونصيحة للأمازيغ” لا تجب بعد اليوم أحدا إلا بلغتك” ليعيد الحلمي إحصائيته” وبعد هذا الكلام المشوش أعود قائلا: إن التضارب بين القومية العربية والإنبهار الفرنكفوني والتدحرج مع مواقع التواصل التي خلقت لغوا -وليس لغة- جديدا مزج فيهcv مع m1.. مع إنشاء الله بدل إن شاء الله، وواخا وو سيخلق بعد مدة قصيرة شعبا سيحير علماء اللسانيات ومراكز البحث في تصنيف هويته ولغته وروح ثقافته وحضارته، لكن ربما سبقني لهذا التنبؤ أصحاب القرار الذين لا يريدون إخراج مجلس اللغات لهذا لأنهم ينتظرون محو العربية والأمازيغية من الوجود، ليفقد الإسلام لسانه وآلية الاجتهاد الثانية بعد الأصول والمقاصد، وليفقد الأمازيغ ذاكرتهم الثقافية التي زاوجت الثقافة الامازيغية مع مبادئ الاسلام طوال أربعة عشر قرنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.