الثلاثاء 19 مارس 2024| آخر تحديث 7:43 06/30



عامري يكتب : الألتراس بين التشجيع … والسياسة

عامري يكتب : الألتراس بين التشجيع … والسياسة

حينما نتحدث عن ظاهرة “الألتراس” فالبعض يربطها عادة بأعمال الشغب والعنف والتخريب، لكن الذي لربما لا يلمسه الكثيرون، أن هذه المجموعات أضحت اليوم فاعلا اجتماعيا وسياسيا له القدرة على التنظيم وتدعيم المبادرات الخيرية بهدف الرقي والنهوض بالمجتمع.

ولعل وقوفهم إلى جانب الفئات المعوزة خلال جائحة كورونا خير دليل على هذا ،الشي الذي يجعل الكثيرين مجبرين على إعادة النظر في مواقفهم تجاه هذه الشريحة من المجتمع.
أغاني ولوحات تعبيرية “TIFO” دخل التسييس منطقها، فأصبحت تطرح أسئلة عميقة عن التحولات الفكرية والسياسية : هل يجب على الشباب الانخراط في تنظيمات حزبية وجمعوية للتعبير عن وعيهم السياسي؟ وهل ما نلاحظ اليوم حقا عزوف الشباب عن السياسة أم عجز الأحزاب عن استيعاب احتياجات وتطلعات شباب اليوم، والتي تعبر عنها مجموعات “الألتراس” بشكل أفضل؟
في نظري أغاني الألتراس بمثابة بوابة للدخول والانفتاح على الحياة والممارسة السياسية، فحينما نرى كيف أن الألتراس خصوصا بتيزنيت تقاوم وتجتهد لإيصال صوت وهموم الساكنة في مختلف المناسبات فهذا يعتبر عاملا قويا للشباب للانخراط في الحياة السياسية”. اضافة إلى أن مدرجات الملاعب لا يمكن اعتبارها فقط حقل للفرجة والمتعة بل تجاوزت ذلك لتصبح مقاعد برلمانية موازية، بإمكانها تشكيل أرضية صلبة للمشاركة أو الانخراط في بعض الأحزاب أو الجمعيات التي تعبر عن أفكار وتطلعات من أجل مجتمع أفضل”.
الشباب بتزنيت لربما لعب دورا، كان من الواجب أن تلعبه أطراف أخرى متمثلة في نواب البرلمان والمجتمع المدني والهيئات السياسية، وفي غياب هؤلاء الوسطاء وعدم جديتهم، أخذ الشباب التزنيتي مشعل للتبليغ عن هذه المشاكل من داخل مدرجات الملاعب ،هذه الشعارات جسدت حالة من الإحباط ليعبروا عن عدم رضاهم من التدبير والتسيير خلال هذه المرحلة، خاصة مع الفشل في تطبيق الوعود المقدمة خلال المسلسل السياسي الأخير. هذا ما يجعل من الملاعب مرتعا مريحا، هو عدم وجود قيود لحرية التعبير، خصوصا حينما نكون وسط الحشود. كما أن غياب دور الشباب والمراكز الثقافية، وعدم قيامهم بالدور المنوط بها جعلت مدرجات الملاعب هي الملجأ الوحيد للتعبير عن سخطهم الاجتماعي بكل حرية وارتياح، حيث جسدت هذه الأخيرة وعيا سياسيا قويا يدل على أن للشباب مستوى تعليمي وفكري عالي، وخير دليل على ذلك هو صنع أغاني بطريقة معبرة ومرتبة ربما أفضل من مداخلات بعض البرلمانيين داخل البرلمان”.
فالشباب لم يغب يوما عن المشهد السياسي، خاصة حينما نتحدث عن ظهور مواقع التواصل الاجتماعي التي جعلته مدركا لما يجري من وقائع سياسية، وما الشعارات الكروية إلا تجسيد لنضج الوعي السياسي لهذه الشريحة من المجتمع”.

ظاهرة “الألتراس” خلقت نسيجا من الألفة الاجتماعية بين شباب ويافعين، يجمعهم انتماء وحب لنادي ومجموعة مشجعين، مما يترتب عنه اتحاد عاطفي وذهني. و”الألتراس” هي نمط حياة بالنسبة لهؤلاء، فالمشجع عليه أن يعيش ويفكر ك “الأتراس” بالبيت والشارع والمدرسة، وفي حياته اليومي. مضيف بأنها “ظاهرة لها العديد من الجوانب المحمودة والإيجابية وأولها في اعتقادي انخراط يافعين وشباب داخل مجموعة، تقوم بعمل جماعي للدفاع عن ألوان نادي معين ومجموعة مشجعين؛ وما يترتب عن ذلك من تقسيم المهام وتخطيط مسبق
وبالتالي تلعب “الألتراس” دورا أساسيا في التنشئة الاجتماعية لليافعين والشباب، بعيدا عن الجمعيات الكلاسيكية والأحزاب السياسية التي لا تستطيع استقطابهم.
وبحسب قول الباحثين “نعلم جيدا صعوبة إيجاد مكان داخل المجتمع المغربي بالنسبة ليافع أو شاب لم ينل حظه من التعليم الأساسي ولم يذهب قط إلى المدرسة أو تلقى تكوين ما، الألتراس تفتح الباب للجميع دون تمييز اجتماعي أو دراسي، الشرط الوحيد هو الانتماء والحب اللامشروط لنادي مجموعة الألتراس، التي تصبح بمثابة العائلة الثانية وتتجاوز في بعض الأحيان العائلة. وأضحت كذلك متنفس للأعضاء للتعبير عن مشاكلهم، وما يجيش في صدورهم والملعب أصبح المجال الوحيد لتمرير وترديد خطابات ومطالب موجهة إلى النادي ومسؤولين، أولا وكذلك للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والسلطات العامة القيمة على اللسان الكروي؛ وبما أن “الألتراس” هوية واعية ومتصلة بما يحدث حولها وتعيش داخل المجتمع من البديهي أن توجه رسالة ومطالب لمن يدير الشؤون العامة للبلاد من سلطات محلية وحكومية. ولقد لاحظنا أن “الألتراس” هي نبض الشارع وفئة من المجتمع المغربي التي تعيش عيشة بسيطة ومنهم عدد كبير ممن يعاني التهميش والهشاشة. ولو تتبعنا سياق الإرهاصات الأولى الظاهرة في بداية الألفية الثانية، نلاحظ أن الملعب أصبح مرآة تعكس المجتمع” حيث اصبح صوتا للشباب المغربي، تعبيرا عن همومه وكأنها تقرع طبول المعارضة.

بقلم الصديق عامري







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.