الأربعاء 24 أبريل 2024| آخر تحديث 10:30 05/28



أحلام ديمقراطية وتشاركية

noir-homme-personne-utilisateur-icone-4433-48

  لقد كانت فكرة إعداد المخطط الجماعي التنموي (Plan communal de développement) فكرة جيدة لكونها ستجبر المنتخبين المحليين على التفكير في المدى المتوسط عوضا عن التركيز على السنة المالية الواحدة وبالتالي الخروج من مناطق جبر الخواطر إلى منطق الأهداف والأولويات.

التخطيط الاستراتيجي التشاركي جملة لها وقعا خاصا على أذن السامع وأنت ترددها في العالم القروي حيث بعض المنتخبين لا يميزون الفرق بين الجماعة والجمعية ولا يستسيغ معنى أن يشارك الجميع في النقاش مادام هو “المرشح .

شيء جميل أن يجلس بعض المنتخبين ليخططوا لمستقبل مناطقهم والأجمل من كل ذلك أن يكتبوا أحلامهم في أوراق ويطبعوها ليذكر التاريخ أنهم كانوا يحلمون بشكل ديمقراطي وتشاركي وأنهم كانوا يعرفون المهم والأهم.

مرت تلاث سنوات على تلك الطقوس التي أرخت لأحلام بلدتكم فماذا كانت النتيجة؟ مثل هذه الأسئلة لا تحتاج الى جواب لأن شرح الواضحات من المفضحات.

إن تلك المخططات على ما يبدوا كانت تحمل في ولادتها عوامل فشلها لعدة أسباب:

أولويات السكان الأساسية هي مهام قطاعية وزارية كالتعليم والصحة والبنيات التحتية ولا يمكن للجماعات التخطيط لها بعيدا عن الوزارات التي لها مخططاتها.

هذه الوزارات التي تنضر إلى العالم القروي كتركة ثقيلة غير مرغوب فيه حيث السكان يعيشون في قرى متخلفة أشبه بقاعة انتظار طبيعية قبل أن تهاجر إلى المدينة لتلتحق بجحرها في إحدى الغابات الإسمنتية حيت ستقضي حياتها تصارع بعضها البعض.

فماذا ستخطط إذا كان للتعليم مخطط استعجالي و للتجهيز مخططها للشق الطرق وللفلاحة مخططها الأخضر و للسياحة مخططها الأزرق وللتجارة مخططها « Emergence » وللتجارة مخطط» رواج « وحتى مكتب الماء والكهرباء له مخططه الخاص…

ما معنى التخطيط في جماعة قروية تكاد ميزانيتها تكفي لتغطية كتيبة من الموظفين ومصاريف التدبير اليومي ولا تكاد تنهي سنتها المالية إلا بمشقة الأنفس ? أليست الاعتماداتالمالية عامل أساسي في التخطيط؟ كيف تخطط وأنت لا تعلم حتى إن كانت المداخيل كافية لتغطية المصاريف بعد أن أغرقت الجماعات بالشباب المعطل بعد المباراة الشهيرة؟

+ هل للتخطيط معنى في ضل عدم وضوح الرؤية لدى المنتخبين ?.فكيف ستخطط لسنة 2015 و قد تغادر في 2013 فلا أحد يعرف متى ستنضم الانتخابات الجماعية المقبلة ولا كيف؟

+ بعد مرور زمن غير هين على وضع تلك المخططات٬ هل هناك مشاريع بيجماعتية أنجزت فيظروف تغيب فيها فرص تواصل الرؤساء والتنسيق بينهم بعيدا عن الصراعات الانتخابيةالمقيتة؟

إن التخطيط كفكرة عمل محمود لكن العمل به في جماعات تدبر فائضها بمبدئ جبر الخواطر و كسب ود القواعد الانتخابية ودون انخراط حقيقي من لدن كل الفاعلين يبقى عبثا يجعلنا نحلم فقط بشكل ديمقراطي وتشاركي.

إن الظرفية الحالية ومن أجل بناء نموذج تنموي جديد تحتاج الهيئات الترابية إلى جيل من المنتخبين متحكم في اليات التدبير السليم كالتدبير بالأهداف، التخطيط الاستراتيجي، المردودية، تدبير الزمن والتقييم المرحلي وهذا في نضرنا يحتاج إلى أحزاب سياسية تنضر إلى المنتخبين كفاعلين يصنعون التنمية وليس مجرد ارقام تبرر بها وجودها.

و هذا يجعلنا أمام سؤال معقد وهو هل من السليم و الصالح أن تكون بطاقة التعريف الوطنية كافية لتصبح منتخبا و تخطط لمستقبل الأخرين؟  هذا السؤال يصبح دي معنى أكثر في مناطق يصبح فيها الترشح عملا أنانيا و غير مرغوب فيه لما أصبح ملازما للمنتخب المحلي من نعوت تجعل الشرفاء يغادرون الساحة لينفرد بها الاخرون…

محمد صلوح