الجمعة 17 مايو 2024| آخر تحديث 12:34 07/07



بيوكرى : الدورة الثانية للمقهى الأدبي

بيوكرى : الدورة الثانية للمقهى الأدبي

café-littéraire1

الجنوب امتداد لعمق ثقافي و إنساني، و الاحتفاء بثقافة الجنوب ينم عن اشتغال بالعميق و الجوهري، كما يحيل الى رغبة في إعادة تشكيل العلاقات و التعالقات. إنه طموح مشروع لتأسيس ثقافة الاختلاف و الانفتاح على فضاءات جديدة.

للجنوب أصواته و علاماته و له متخيله الذي يشكل بواسطته رؤيته للعالم و يسهم في إغناء المشهد الثقافي، و تجربة المقهى الأدبي تنشد مغايرتها و فرادتها اذ تحتج على تنميط الاختلاف و تسخر من نموذج المثقف و من النموذج و المثال عموما قصد إرساء فعل ثقافي بديل، ليست تجربتنا سوى مقترح لتغيير القليل في وجه هذا العالم، فالمقهى الأدبي في نظرنا ليس نسخة لمقاهي ذات حضور في التاريخ الانساني -كتجربة المقاهي الأدبية في عصر التنوير- إنما هو تجربة خاصة تستمد مشروعية انبثاقها من الفضاء الجنوبي و من مقاهي الأسواق الأسبوعية بالخصوص حيث الحكايات و شعرية اليومي… دائرتها أشبه بحلقات المساء في الساحات الشعبية، إذ يفكك الواقع الاجتماعي ليصير موضوعا للسخرية باعتبارها الية من اليات النقد، تبعا لذلك فوجود المقهى الأدبي بفضائنا ليس وليد ولادة قسرية قدر ما هي تجربة لها مخاضها الخاص، لتشييد أركان عالم يمنح للثقافة و ضعها الاعتباري و يصل المثقف بتفاصيل واقعه الاجتماعي.

نؤمن بالاستقلالية المادية كألية تؤمن استقلالية الممارسة و نعتز بالفقر الذي يعتمده كثيرون للتنصل من الواجب. ان الاحتفاء بأدب الهامش من قبل اطارنا الثقافي هو احتفاء بتجارب أدبية متعددة يغفلها المركز بإعلامه و مؤسساته و خطاباته الواصفة و يقصيها من دائرة اهتمامه، سواء المتداول الثقافي و الأكاديمي لارتباط متون أدب الهامش بالسؤال، و لكونها لا تعدم حلمها بثقافة الاختلاف و التعدد و تحرير الانسان من سلطة النمذجة، و هي متون نصية لا تهادن السائد و لا تمدح… انها ترقب العالم، تفضحه و تعريه، و تشير بأصابعها الهشة الى الموبوء فيه. تقوم لغة هذا المنجز النصي على توظيف لغة اليومي و العابر، اذ تخلق من صلصالها نصوصا تخط مجراها و تحفر مسارها في جغرافية و براري الكتابة، و لا ترى في اللغة تمثيلا رمزيا للعالم و لا وسيلة للتواصل فحسب، انما تهدف الى خلق أفعال إنجازية تعيد للإنسان هويته و قيمه الكونية.

إن المقهى الأدبي لتيماتارين لقاء تأملات بين ذوات منخرطة عضويا في سيرورة حداثة و تقدمية لا تساوم على مبادئها، و تنتمي في الوقت نفسه الى الان و الهُنا. بعدما احتفى المقهى الأدبي لتيماتارين في السنة الماضية بالتجربتين السرديتين لكل من الكاتب ابراهيم العسري و الكاتب محمد أكوناض، اللتان تشتغلان على موضوعات الهامش و تفكيك سلطة المركز، و امتدادا للأسئلة نفسها، نفتتح النسخة الثانية للمقهى الأدبي، بسلسلة من الجلسات تحتفي بالشعريات و تُعمق النظر في أدب الهامش و تحققاته المختلفة. تُعول تيماتارين على جيل لا يملك سوى كفاحه و امكاناته الذاتية يرى في الكتابة الوسيلة الممكنة لخلق ثورة ثقافية تهد أركان الجاهز، لا يتعلق الامر هنا باستعراض ثقافي سطحي منكفئ على ذاته، قدر ما يتعلق برغبة في التجدد و الاستمرارية و الارتباط بتجارب في الكتابة تقوم على اعتماد الجوهري لا العرضي، ان المقهى الأدبي لتيماتارين يدافع عن الحرية كأفق و كشرط ضروري لوجود الكاتب و المتلقي، و بكلمة وجود أدب لا يهادن… و في أزمة الرداءة يعممون التنميط، يعمم المقهى الأدبي لتيماتارين ثقافة الاختلاف و التعدد.







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.