السبت 4 مايو 2024| آخر تحديث 3:15 01/03



مغاربة و نفتخر

مغاربة و نفتخر

khalid din

” ما هو الوطن ؟

ليس سؤالا تجيب عنه و تمضي .
إنه حياتك و قضيتك معا ” .            ( محمود درويش )
لقد نص القانون الأسمى للمملكة المغربية في تصديره و لأول مرة في تاريخ الإجتهاد الدستوري بالمغرب على تعدد مكونات الهوية الوطنية مكرسا بذلك التعددية الثقافية و اللغوية و مكسرا للتقليد المبني على الأحادية اللسنية لبلادنا و مدافعا عن التعدد الهوياتي بتنصيصه على انتماءنا ” للمغرب الكبير” و التزامنا بتقوية ” الإتحاد المغاربي”.
ف ” المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة, متشبثة بوحدتها الوطنية و الترابية, و بصيانة تلاحم و تنوع مقومات هويتها الوطنية الموحدة بانصهار كل مكوناتها العربية – الإسلامية و الأمازيغية, و الصحراوية الحسانية, و الغنية بروافدها الإفريقية و الأندلسية و العبرية و المتوسطية ” . ( تصدير دستور 2011 )
كما أن الفصل الخامس من الدستور واضح في تعامله مع اللغتين العربية و الأمازيغية, و هو صريح في تعهد الدولة بحماية كافة التعبيرات على أرض وطننا الحبيب.
لا أحد إذن ينكر الأهمية السياسية و القانونية لدسترة الأمازيغية إلى جانب العربية, و لكن هل غير هذا التنصيص شيئا من طبيعة هويتنا التي كانت و ستبقى دائما أمازيغية عربية إسلامية بامتياز؟
أصلا, ما هذا الحديث الذي أصبح يطفو على السطح عن العرق و الصفاء و النقاء ؟ ألم يجر ذلك البشرية لتطاحنات و ويلات , أم أننا لا نتعض من دروس التاريخ ؟
أليس معيار تحديد الإنتماء إلى الوطن هو المواطنة بدل اللسان كيفما كانت لكنته ؟
هل يمكن لأي كان أن يدعي بإنصاف صفاء عرقه, سواء كان عربيا أو أمازيغيا, أم أن الدماء اختلطت و الأعراق انصهرت لتسري في عروق جسم مغربي موحد ؟
و ماذا عن المقاربة القائلة بعلاقة الدم التي تجمع بين الأمازيغية ذات الأصل الحامي ( نسبة لحام بن نوح ) و العربية ذات الأصل السامي ( نسبة لسام بن نوح ) ؟
 تحركات الجماعات البشرية و علاقات المصاهرة من أصعب ما يمكن ظبطه تاريخيا و جغرافيا. فكما كانت هناك موجة تنقلات بشرية من المشرق تجاه المغرب, كانت هناك أيضا حركات انتقالية من المغرب تجاه المشرق. ألم يشكل ذلك مصدرا للتأثير و التأثر بين مختلف الجماعات الكلامية ؟
هل من يتحدث بلسان أمازيغي هو فعليا من أصل أمازيغي صاف ؟ و هل كل عربي الكلام هو عربي قح كما يدعي ؟
كانت و لا تزال للمغرب شخصية متميزة هي أصل هذا الاستثناء الذي نعيشه اليوم, فلماذا يحاول البعض الإصطياد في الماء العكر و إذكاء التنافر بين عناصر تركيبة تمزج بين الأمازيغي و العربي   و الإفريقي و الفينيقي و الموريسكي و غيرها ؟
ألا يجب علينا كمغاربة تنقية تراثنا الشفهي من كل ما فيه إساءة  أو تهكم على أي جماعة كلامية أو إثنية كيفما كان أصلها ؟
أليس إذن من أوجب الواجبات تقوية الذات الجمعية و تحصين الهوية المغربية بدل الإنصياع لسجالات تفرق أكثر مما توحد ؟
متى كان الإندماج و الوحدة قبرا للخصوصيات داخل الوطن الواحد ؟
كلنا مغاربة أبا عن جد, فما هي فلسفة هذا التفييئ المقيت بين أفراد شعب واحد يعيشون على نفس الأرض  و يتقاسمون نفس الآلام و الآمال ؟
التمايز و الاختلاف سنة الحياة, و الله سبحانه خلقنا من أجناس و ألوان و ألسن متباينة لنتعايش وفق منهج إلهي حكيم. أولم يأت الإسلام إذن لينزع الحمية من القلوب و يؤلف فيما بينها في تناغم راق بين الأعراق و الإثنيات ؟
و ما هذا الخلط العجيب بين الدين كملة و بين العرق, و ما يوازي ذلك من تداول لصور نمطية خاطئة ؟
 لماذا نسقط بعض اختلالات الماضي على حاضر متجدد و منفتح ؟ ألا يؤدي ذلك إلى جمود في الرؤية و استمرار لنفس الأفكار النمطية المتبادلة و المتجاوزة ؟
أولم يقم ملوك السلالات الأمازيغية التي حكمت المغرب باستقدام قبائل عربية و أكرموا وفادتها, بل و استعملوا العربية في دواوينهم و مراسلاتهم من دون أدنى عصبية ؟ و في نفس المنحى, ألم يؤسس ملوك السلالات العربية أركان الدولة عل ركائز أمازيغية من دون إقصاء ؟
لأجل إعمار هذا الوطن بهدي من الله خلقنا, فلماذا نتذكر دائما حقنا على الوطن و ننسى دائما حقه علينا, أم أن الأجندات الخاصة أسمى من مصلحة الوطن ؟
 يقول علي الوردي:   ‘ كنت في أمريكا ونشب نزاع عنيف بين المسلمين عن علي و عمر و كانت الأعصاب متوترة و الضغائن منبوشة فسألني الأمريكي عن علي و عمر هل يتنافسان الآن على الرئاسة عندكم, فقلت: إنهم كانوا في الحجاز قبل 1300 سنة و النزاع الحالي حول أيهم أحق بالخلافة, فضحك الأمريكي من هذا الجواب حتي كاد أن يستلقي على قفاه و ضحكت معه ضحكا فيه معنى البكاء …   و شر البلية ما يضحك ‘ .
 هذه دعوة لنتصارح و نتصالح فيما بيننا من أجل أن نبني وطنا حبه من صميم الإيمان, و لنتعلم العيش معا كإخوة بدل الفناء معا كأغبياء.
يقول عز و جل :
” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا, إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” .

فسبحان العزيز الحكيم الذي مزغ حاحا و عرب دكالة

خالد دين







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.