الثلاثاء 7 مايو 2024| آخر تحديث 9:28 10/18



الأحزاب السياسية و المنتخب المحلي

DSC_2147k_450x600
اهتمت الأحزاب السياسية عبر مختلف ممارساتها بتيمات عديدة كالصراع الطبقي و التدافع المجتمعي و التناوب السياسي وغيرها, لكنها سقطت في فخ التعامل المناسباتي مع صناعة النخب و تدوير عجلة الأجيال السياسية.
 
جاء في الفصل السابع من دستور المملكة بوجوب أن ” تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات و المواطنين و تكوينهم السياسي, و تعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية و في تدبير الشأن العام “. فدور الأحزاب في تنشيط الحياة السياسية و تطويرها أمر بديهي, لذلك كان من باب أولى أن تولي الهيئات الحزبية أهمية قصوى لتفريخ النخب و تكوينها, وخاصة منتخبيها المحليين لارتباطهم العضوي بالممارسات اليومية للمواطنات و المواطنين, وألا يكون تعاطيها مع الانتدابات الجماعية تعاملا موسميا ينتهي بإغلاق سوق الانتخابات.
 
و لعل تركيز ملك البلاد على أهمية المنتخب المحلي خلال خطابه الافتتاحي للسنة التشريعية الحالية و في هذه الظرفية بالذات لم يأت اعتباطا, بل إيمانا منه و في إشارة صريحة للأحزاب بوجوب اجتهادها في بناء نخب القرب و المواطنة, لا منتخبي الانتدابات و المواسم.
 
فالإنتداب الجماعي المحلي أو الجهوي يكتسي ” أهمية أكبر في الواقع السياسي الوطني لكونه يرتبط بالمعيش اليومي للمواطنين الذين يختارون الأشخاص و الأحزاب الذين يتولون تدبير قضاياهم اليومية ” , وبناءا عليه ” نتوجه للأحزاب السياسية بضرورة العمل على إفراز كفاءات و نخب جهوية جديدة مؤهلة لتدبير الشأن العام المحلي خاصة في ظل ما يخوله الدستور للجماعات الترابية من اختصاصات واسعة و ما تفتحه الجهوية المتقدمة من آفاق وما تحمله من تحديات “. ( الخطاب الملكي)
 
هو تأكيد إذن على حيوية الانتداب المحلي/ الجهوي ليس فقط كاختيار إداري لتخفيف الثقل على الإدارة المركزية و إنما هو في عمقه إستراتيجية متقدمة في حكامة التدبير الترابي للملكة و إرساء لقواعد جهوية متقدمة و تدعيم لنظم لامركزية و لاممركزة تستوجب حتما نصوصا تنظيمية و تشريعية لضبط الاختصاصات و عقلنة التسيير, ولكنها تستدعي أيضا تقوية مؤهلات العنصر البشري لأنه هو الكفيل بأجرأة الخيارات و التوجهات في تناغم بين الإدارة الترابية و المنتخبين المحليين.
 
فالنخب المحلية هي عماد الممارسة السياسية في مختلف تمظهراتها التقنية و المجتمعية و الأخلاقية. و النخب كيفما كانت أدوارها سواء الثقافية أو الدينية أو الاقتصادية أو الإدارية أو المدنية هي دائما في تفاعل مستمر و علاقة تأثير و تأثر بالنخبة السياسية التي تعتبر أساس الممارسة الديموقراطية, ليس فقط كوسيط بين المكونات المحلية و اليات التدبير المركزي و إنما كقدوة تعمل على تشجيع العمل الإيجابي و المواطنة السليمة.
 
فمسألة فرز النخب و إعدادها أساسية لأنها و بكل بساطة ترجمة لحركية المجتمع و حيوية أحزابه و مدى قابلية الجميع لبلورة مشروع مجتمعي نابع من التقاء هوية و توجهات الدولة مع أفكار و مشاريع المواطنين, نخب محلية تستطيع احتواء التقاطعات بين مختلف الأقطاب لخدمة استراتيجيات التنمية المحلية المستدامة, نخب يجب أن تؤهل لمسايرة العلاقة المتجددة بين الدولة و الجماعات الترابية القائمة على أسس التفاعل و التكامل و المبنية ابتداءا على التزامات تعاقدية و منهجية تشاركية عوض وصاية ممركزة لم يعد لا السياق التاريخي و لا التدبير الإداري العقلاني يقبل بها.
 
إن ضرورات التنمية المستدامة و المندمجة و أهمية مفاهيم من قبيل الحكامة التدبيرية و الديموقراطية التشاركية و سياسات القرب المواطنة و التداول حول القرار التنموي تبقى جامدة ما لم تؤد إلى وجوب إعادة الاعتبار لكل ما هو محلي و جهوي في إطار وحدة الدولة و التراب. و من هنا جاءت الحاجة الماسة لإبراز و تشجيع نخب قرب جديدة لحلحلة السلوك السياسي المغربي و تقريب الهوة بين مطالب المواطن و احتياجاته اليومية و بين ما يتم تحقيقه واقعيا و بالملموس حتى يتزايد  ’ الطلب ’ الاجتماعي على الانخراط السياسي الذي تأثر كثيرا ب ’ العرض ’ المتداول و ما يعرفه من عزوف محلي و وطني.
 
مسؤولية وطنية على عاتق الأحزاب لتستوعب أن للسياسة توابثها و متحولاتها, و من تم فالمتغيرات المجتمعية تستوجب تغيير الخطط و الذهنيات و البنيات. و تأسيسا على هذا, يمكن أن نتوقع درجة أكبر من الفعالية و الإستمرارية لدى التنظيمات السياسية التي تتوفر على ذاكرة نخبوية تتميز بالخبرة و في نفس الآن تسلم المشعل لنخبة صاعدة تعمل بكفاءة و واقعية.
 

هي متغيرات تدفع الأحزاب إلى فرز النخب و تثمين قدراتها و إعدادها, و هو في نفس الآن خطاب ملكي مباشر يحث الأحزاب على تغيير عقيدتها التنظيمية و الإنتخابية نحو تجديد دماءها و الإعتماد على طاقاتها البشرية بدل التهافت على الأعيان عشية كل استحقاق انتخابي في إطار ” ريع سياسي ” هجين./خــالـد ديـــــن







تعليقات

  • لم أعد أفهم النخب المغربية .. فتارة تدعي نضالها مع الشعب و الذوذ عن حريته و كرامته ومعيشته التي يجب أن تكون كريمة و بزيادة نظرا للخيرات التي منحها رب السماوات و الارض لهذه البلاد .. و تارة تراهم ينهلون من قاموس جلاديهم و جلادي الشعب لحثنا على العمل السياسي .. أقول لهذه النخب التي أرتمت بين أحضان الجبروت دعوا الشعب يبدع نضالاته فهو قادر على إستلهام نهضته و ثوته من شكل معيشته و من معاناته المتعددة .. لا تحاولو تمويه قضاياه المصيرية بجعلها رهينة بعمل سياسي ضعيف أمام قوة جبروت المخزن و برنامجه التحكمي في جميع مجالات المال و الإقتصاد (لم يحصل في التاريخ أن أخد رئيس الدولة أيا كان شكل الدولة مالا من خزينة الدولة -الشعب – تحت ذريعة أنه يبيع الزيت و السكر و الدقيق و الغاز للشعب بسعر أقل من سعر السوق الدولية ) يحصل ذلك في المغرب و أحيلكم على الشركة الوطنية للإستثمار و امنيوم شمال إفريقيا و تحكمهما في جميع مفاصل التجارة الداخلية و الخارجية – من حانوتي .. إلى المناجم .. مرورا ببيمو و الحليب و باسطا و الشوكولاته و قطن الاذنين و عويدات الاسنان و حفاظات الأطفال و فوطات النساء .. إلخ ..إلخ.. إلخ . فهل تتعظون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.