السبت 27 أبريل 2024| آخر تحديث 2:07 09/14



إشكاليـة نطق ” اللام- نونا ” .. وسبل التخفيف من حدتهــــا حارة المرابطين” أنموذجـــا “

إشكاليـة نطق ” اللام- نونا ” .. وسبل التخفيف من حدتهــــا حارة المرابطين” أنموذجـــا “

yassine

عرفت منطقة حارة المرابطين تحديدا، سلسلة من المشاكل الاجتماعية والثقافية واللسانية ، هذه الأخيرة تتجسد في إشكالية نطق اللام نونا، الذي يظل عائقا للتواصل السليم، الذي يقتضي منا إعطاء كل حرف حقه و مستحقه في النطق والكلام و اللفظ. ومن المعروف عندنا كباحثين اجتماعين أن فهم أي ظاهرة اجتماعية أو مشكلة اجتماعية، يلزمنا الأمر العودة إلى الماضي للإحاطة بتاريخ الظاهرة. أين يتمثل ذلك؟

 إن إشكالية نطق” اللام نونا”، ليست بأمر طارئ، وليد اللحظة، وإنما هي إشكالية لازمت الإنسان الحاروي قديما وحديثا،  لكن رغم ذلك حرمت من حقها في البحث والدراسة والتنقيب، وهذا ما أدى إلى استفحال الظاهرة حتى باتت الأوضاع في منطقة حارة المرابطين مقلقة جدا. إن المؤشرات العامة تشير إلى أن ظاهرة نطق “اللام نونا” في منطقة حارة المرابطين تعرف تزايدا ملحوظا، وهذا الأمر حتم بالضرورة التفكير الجدي والبحث المعمق في أسباب هذه الإشكالية، و من هذا المنطلق فإن هذا المقال  سيهدف بالدرجة الأولى إلى معرفة العوامل الأساسية التي تقف وراء نطق” اللام نونا” من خلال دراسة واقعها في المنطقة، تعد هذه الإشكالية من بين المعضلات التي تعاني منها منطقة الحواري بصفة عامة وحارة المرابطين بصفة خاصة، و هذا راجع بالأساس إلى وجود خلل في التنشئة الاجتماعية، فحسب بعض المصادر التاريخية والرويات الشفوية فإن السبب المباشر يرجع إلى أن ” المولى الحاج عمرو” تزوج من منطقة فركلة (تنجداد حاليا) وذلك لأن أيت أمزاورو الذين استوطنوه أراضيهم ليعلم أمور تخص الدين والشرع، رفضوا تزويجه بدعوى كونه أجنبيا، فما كان منه إلا أن يتجه صوب منطقة” أسرير “أيت بوتخسين” في تنجداد ليتزوج من هناك . وكانت المرأة التي تزوجها مثلما حال جميع ساكني تلك المنطقة ممن ينطقون اللام نونا ، ولأن الأم تلعب الدور الرئيسي في تربية الأبناء فقد نقلت إلى أبنائها مع المولى سيدي الحاج عمر هذا الخلل اللغوي ومع الزمن أصبح الأمر شائعا بين أهل الحارة.. إن الغوص في أسباب هذه الإشكالية، يقتضي منا الأمر الكثير من الوقت والجهد، لأن الظاهرة أصبحت ظاهرة مستعصية ومعقدة إذ أنها ضاربة في أعماق الطفولة، وربما تمتد إلى الخصائص الوراثية للشخص، وإذا لم تذهب بها التربية الرشيدة، نمت مع المرء شابا و شيخا، وهذا ما نلمسه في حديث معظم الحاروين لعدم وعيهم بخطورة الأمر، لكن هذا لا ينفي وجود فئة واعية بدأت منهم تعير الاهتمام للأمر وتحاول التغيير وهذا أمر يستحق من أن نثني عليه، وهناك فئة أخرى يعاب علىها أنها أرادت أن تصحح فصححت الخطأ بالخطأ حيث أنهم يقلبون “النون_ لاما” وهذا خطأ أفدح من الأول، و فئة أخرى أمرها خطير حيث أن هذه الظاهرة امتدت لي الكتابة والقراءة بلغات أخرى كالفرنسية والعربية. بالإضافة إلى هذا كله هناك فئات أخرى لا تبالي بالأمر معتبرة أنه لا يستحق كل هذا القلق لأن الأمر يتعلق بالتواصل، ومن أمثلة هذه الظاهرة نذكر:”لحارة_نحارة، سلام_سنام، أفلا_أفنا ، نيغاك_ليغاك.. علو_ عنو، ديسفليلي_ديسفنني، أملال_ أمنان، اللحم_النحم …” و هذه – النطق – الإشكالية ورثناه من أجدادنا ويرجع أساسها أحيانا إلى الصعوبات على مستوى نطق مخارج الحروف أو التلفظ بها.  و أعتذر من صميم القلب للذين قد يستفزهم هذا المقال، لكنه كان من الضروري أن نسلط بعض الضوء على المشكلة لعلنا بهذا نساهم في الوعي أكثر بالظاهرة، رغم أنني لم أتعمق فيها تفصيل التفاصيل حولها، لذا أدعو جميع الغيورين على المنطقة من المربين و الأساتذة و جميع أطراف المجتمع المحلي و كذا الطلبة أن يهتموا بهذه الإشكالية قدر المستطاع، إما عن طريق حث التلاميذ و الشباب مع الاحتكاك بالواقع أو عن طريق توجيههم ببعض النصائح التي تفيدهم في هذا الإطار أو عن طريق تزويدهم بالتعليمات الصحيحة و بعض التوجيهات التي قد تقلل من هذه الإشكالية، وإننا نلاحظ أن هذه المسألة أثارت في الآونة الأخيرة جدلا كبير في أوساط الغيورين حيث أصبحوا يهتمون بها ويحاولون تحسين وضعيتها في المنطقة.

ومجمل القول، أختم هذا المقال بمجموعة من التوصيات التي من شأنها أن تخفف من حدة هذه الإشكالية والتي من بينها: الاعتراف و الوعي بالمشكل أولا. الاحتكاك بالقبائل التي تفرق بين اللام و النون. الاهتمام أكثر باللغة الأمازيغية. تدريس مخارج الحروف في المدارس و الكتاتيب القرآنية. الأخذ بنصائح الآخرين. حث التلاميذ على الكتابة الصحيحة و القراءة السليمة. تدريب و تربية الأبناء على النطق والتلفظ الصحيح. تسخير الإعلام ” بكل أشكاله لتعلم النطق السليم….” هذه فقط بعض الآليات التي يمكن أن تساعدنا للحد من هذه الإشكالية .

الكاتب:ياسين بولمان







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.