الإثنين 29 أبريل 2024| آخر تحديث 5:37 07/20



حارة المرابطين.. مجتمع التناقضات

حارة المرابطين.. مجتمع التناقضات

ياسين بولمان منذ فترة طويلة ونحن نعيش داخل المنطقة الحبيبة حارة المرابطين في مجتمع بسيط محافظ، ونعرف كيف نسير حياتنا وأمورنا فيه بدون أية مشاكل وبدون أن نتأثر تأثرا سلبيا، بالتطور الموجود بالعالم من حولنا (سيل العولمة الجارف)، فقط نأخذ التطور الإيجابي الذي لا يخالف عقيدتنا ولا يخالف المبادئ التي تربينا عليها، ولا الأخلاق الكريمة التي تعلمنها، ونظرا لما تتميز به منطقة حارة المرابطين من عادات وتقاليد ،تمثل الموروث الثقافي والحضاري للمنطقة، ارتأيت اختيار هذا الموضوع” حارة المرابطين .. مجتمع التناقضات”.
فمنذ مدة كانت لدي رغبة في معرفة أهم التناقضات التي تعيشها المنطقة في السنوات الأخيرة، وأردت من خلال هذا الأمر إحياء هذا الموضوع المتناسي باعتباري فردا من أفراد المنطقة لدي الغيرة على مجتمعي وطموح لتغييره. وقد حاولت من خلاله أن أركز على الأسباب التي تقف وراء هذه الظاهرة، لكن الأمر تطلب مني وقتا كبيرا واكتفيت فقط بوصف بعض الأمور نظرا لانعدام المعرفة المسبقة بالموضوع وعدم إطلاعي الجيد على خصائص الظاهرة. والسؤال الذي نسعى للإجابة عنه في هذا الموضوع هو: أين تتمثل أهم التناقضات التي يعيشها مجتنعنا؟
إن المتأمل في ثقافة المجتمع الحاروي في جميع مناحيها، خصوصا في هذه السنوات الأخيرة “عصر العولمة” ، يجد نفسه أمام تناقضات كثيرة، ولكن إمعان النظر في الأمر وبالرجوع به إلى الماضي، نجد حياة سعيدة تسودها أخلاق كريمة وروح التضامن الاجتماعي وكل القيم النبيلة والمثل العليا بدون أية مشاكل، أقصد بهذه المسألة عصر أجدادنا وآبائنا.
منذ وقت طويل، وأنا منشغل بهذا الموضوع، بالواقع المعاش في حارة المرابطين، وهذا الأمر هو الذي دفعني إلى البحث فيه ورصد أهم الأسباب التي ساعدت على ذلك، وهكذا استوقفتني الكثير من التناقضات التي نعيشها إلى يوميا، و يمكن أن أجملها فيما يلي:
+ إنه من التتناقض أن نكون في مجتمع تقليدي ومحافظ، تحكمه العادات والتقاليد، لكننا اليوم نجد العكس فنحن نعيش بعيدين عن تقاليدنا وعاداتنا ونقلد عادات غيرنا.
+ تناقض أن تجد الأسرة الحاروية تحكمها الأخلاق وفي نفس الوقت تنفتح على مشاهدة المسلسلات المدبلجة بجميع أنواعها وهو ما يجعلها تتأثر بثقافتها، خصوصا الفتيات اللواتي يُعْجِبنَ بتلك الثقافة وسَعْين إلى تجسيدها في الواقع.
+ تناقض حينما نجد الأطفال داخل منازلهم تربوا تربية حسنة، وتراهم في الشوارع وأثناء اللعب أو عند ممارسة كرة القدم يتقنون ثقافة السب والشتم والسرقة وغيرها من الأمور.
+ تناقض أن ترى شباب اليوم يخرجون إلى العمل في مناطق متعددة من المملكة، لكن هذا يجعلهم ينغمسون في التقليد الأعمى مما يجعلهم يغيرون مواقفهم تجاه كل ما هو تقليدي.
+ تناقض أن تجد شخصا حارويا بما تحمله الكلمة من دلالات في بعض المجالس (إِجْمُوعْنْ) أو في المناسبات الاجتماعية والدينية كيفما كان نوعها أو في شبكات التواصل الاجتماعي (الفيس بوك، التويتر) يكون هو ذاك الشخص الذي يُضرب به المثل صاحب المبادئ والأخلاق النبيلة، لكن في الحقيقة يعيش بلا مبدأ وبلا أخلاق، فأصبح البعض منا اليوم كأنه يلبس مجموعة من الأقنعة في جميع الأوقات وفي جميع المواقف.
+ تناقض حينما نجد أمهاتنا أو أبائنا يربون أولادهم ويتعبون في تربيتهم تربية سليمة وتعليمهم مبادئ الصحيح من الخطأ واالصالح من الطالح، ويعلمونهم الأمانة والإخلاص والصبر وينتظرون منهم الخير بأنواعه، وبالوقت نفسه تجد الأم لا تبر أمها وتجد الأب في عملة يعمل بدون ضمير ولا يبالي.
+ تناقض أن نُكَوِّن مجتمع يضرب فيه المثل في محافظته على دينه وعاداته الإيجابية وبالوقت نفسه نرى أنواع من المنكرات في الشارع وفي المدارس وحتى في الأسواق وفي جميع الأماكن العمومية .
وقد يبدو جليا من خلال ما سبق، أن مثل هذه الظواهر، بكل بساطة قد نجدها في أي مجتمع كيفما كان نوعه، لكن تبقى المسألة حول هذه التناقضات هي حول أسبابها تفشيها، وهنا أقول، بأن سيول العولمة الجارفة وانعدام الأخلاق ومبادئ التربية السليمة وغياب الوعي والتقليد الأعمى هو السبب الرئيسي في كل ذلك، وهو الذي ساهم بشكل كبير في تفشي هذه الظواهر في مجتمعنا، وساهم أيضا في زعزعة قيم شبابنا وأخلاقه واستبدالها بقيم غربية غريبة لا تليق بأعرافنا ومبادئنا، إن هذا الأمر جعلنا اليوم نعيش تناقضات في جميع مناحي حياتنا في زمننا هذا، لذا أناشد شباب الحارة باعتبارهم شعلة التغير أن يفطنوا لهذا الأمر والعودة بعجلة المنطقة إلى طبيعتها الأصلية، فالسؤال الذي يطرح نفسه دائما هو كيف السبيل للحد من هذه الظواهر؟ وما هي بعض الحلول للتخفيف من حدتها؟.
بقلم: ياسين بولمان







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.