السبت 4 مايو 2024| آخر تحديث 1:08 07/02



أزمة سياسية أم أزمة نخبة؟

amina malaainin

إن الإشكال الأكبر الذي نعيشه اليوم في الحياة السياسية في المغرب، يكمن بالذات في الفقر الكبير الذي ابتلي به البلد في إفراز النخب الحقيقية القادرة على قيادة عملية التغيير، بعد أن يتبلور الوعي بأهمية التغيير وإلحاحيته في الوعي الجمعي للفاعل السياسي.
لقد عملت اتجاهات فكرية متعددة على تفكيك مفهوم النخبة بوصفه مفهوما يستبطن معاني الاصطفاء والانتخاب والاختيار على أسس تفضي إلى التمييز. وبذلك تكون النخبة مجموعة منتقاة، تتوفر على ميزات تؤهلها لإنتاج الأفكار وتعبئة المجتمع حولها، والإقناع بمنهجيات الانتقال من وضعيات الجمود والتخلف والمراوحة، إلى وضعيات التغيير والإصلاح.
لقد عكس الحراك الشعبي الأخير محدودية منطق النخبة كأقلية متميزة، لأن القرارات الشجاعة اتخذت من قبل القاعدة الشعبية العريضة، لتلتحق النخبة في مرحلة متأخرة، غير أن تدبير مراحل ما بعد الحراك عرى واقع الحاجة إلى نخب تشكل مرجعيات رمزية فكرية وسياسية، تتسم بالمصداقية وتحظى بالثقة لحظة الاختلاف المفضي إلى التشظي حينما يسود منطق “أنا أو لا أحد”.
لنسائل إذن واقع نخبتنا السياسية والأكاديمية، ولنطرح التساؤل حول أسباب اتساع الهوة بينها وبين القاعدة الشعبية.
إن للشعوب قدرة على التقييم لحظة الاختبار، والاختبار الأكبر الذي خضعت له النخبة في المغرب، هو تدبير مرحلة ما بين الحراك وإقرار الدستور الجديد، ثم مرحلة ما بعد الدستور وانتخابات 2011.
لا يمكن على ما يبدو إخفاء حقيقة واضحة، مفادها أن النضال الذي استهدف تقوية المؤسسات لبناء أساس ديمقراطي حقيقي، لم يوازه النضال اللازم لإفراز نخب حقيقية قادرة على ملء المساحات المتاحة، وتفعيل الاختصاصات، بنفس ديمقراطي استراتيجي، يتخلص فيه الفاعل السياسي من ضيق الأفق وانعدام إرادة الإنفلات من قيود المحافظة والجمود، لنصل في النهاية إلى واقع مؤسس على معادلة مختلة: دستور جديد، مؤسسات قوية نظريا في مقابل نخبة تقليدية عاجزة عن مواكبة التحولات، ومصرة على التشبث بمواقع صار من الواضح أن مقاساتها أكبر بكثير من بنيتها الضامرة.
إن الأزمة الأكبر التي تستوجب منا جميعا حلها، لا تكمن في تأهيل نخب متجاوزة، وإنما في إنتاج آليات جديدة تمكن من إفراز نخب جديدة تعي معركتها، وتحسم اختياراتها خارج المنطق العتيق الذي سفه الممارسة السياسية، وولد النفور منها لدى فئات كان بالإمكان استثمار إمكانياتها، لو توفرت في المشهد السياسي شروط الجاذبية والجدية المطلوبتين.
ءامنة ماء العينين






تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.