الجمعة 26 أبريل 2024| آخر تحديث 1:51 04/21



محمد فضيل يكتب : جولة رئيس الجماعة في الشوارع الفارغة

محمد فضيل يكتب : جولة رئيس الجماعة  في الشوارع الفارغة

في عز أزمة”  كورونا كوفيد 19″ ، و في ذروة الحجر الصحي الذي سنته الدولة المغربية كتدبير وقائي ضمن التدابير و الإجراءات الاستباقية الكفيلة بحماية الوطن و المواطنين من تداعيات هذه الجائحة  ، خرج علينا السيد  رئيس جماعة تيزنيت بشريط فيديو و هو يتجول في بعض شوارع المدينة رفقة أحد المنابر الإعلامية بالجهة.

و بغض النظر عن مدى أحقية السيد الرئيس ، كشخصية عمومية لها وضع اعتباري خاص، في التحرك ” المشروط”  في ظل قانون الطوارئ من أجل المصلحة العامة، الا ان هذا الحق ليس شيكا على بياض و لا يجب أن يكون مبررا لمثل هذا التصرف المتهور الذي خرج عن غايته النبيلة.

ففي الوقت لذي انخرطت فيه جل القوى الحية بالبلاد في التعبئة الشاملة لإنجاح  العملية التضامنية التي ارساها عاهل البلاد ، و التي تروم التصدي لمواجهة هذه الجائحة و التخفيف من تداعياتها  الخطيرة عبر إحياء قيم التضامن و التآزر  و التماسك الاجتماعي ، ابى السيد الرئيس الا ان يسبح ضد تيار الإجماع الوطني و يمارس “بروباكاندا” انتخابية تافهة بإخراج غارق في الرداءة، مما يشكل سقوطا أخلاقيا مدويا لرجل مسؤول و مثقف يحظى بالتقدير و الاحترام.

فما الذي حدى بالسيد الرئيس الى الوقوع في هذه الهفوة  التي قد تصنف، بسبب الوضعية الاستثنائية التي تعيشها البلاد، ضمن ما يسمى في التشريع الاداري ب” الخطأ الجسيم”؟  هل  تحرك من تلقاء نفسه أوهل يا ترى ذهب ضحية مؤامرة خارجية أو داخلية مدبرة من طرف محيطه في التنظيم السياسي الذي ينتمي اليه في إطار ما يمكن تسميته بصراع الاجنحة و التسابق على المواقع في أفق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ؟

جملة من الاسئلة و المؤشرات الكثيرة كلها تدل على أن القضية فيها ” إن” كما يقال ، نجملها فيما يلي:

  1. لماذا لم يهتدي السيد الرئيس الى فضيلة ” التواصل” الا في هذ اللحظة بالذات و هو المعروف عنه” الدرجة 0 “في هذا المجال حسب رولان بارتle degré zéro  en matière de communication ؟
  2. إذا كان لابد من التواصل بشأن أمور تهم ساكنة مدينة تيزنيت و ليس غيرها، فلماذا استعان السيد الرئيس ب ” الأجنبي”، و تم اقصاء كل المنابر الاعلامية المحلية و المشهود لمعظمها بالكفاءة و المصداقية و الموضوعية و المهنية؟ بل هو نفسه، و من خلال الجولة، شكرها و اشاد بمواكبتها المتميزة لمختلف الانشطة و المبادرات في تيزنيت المدينة و الاقليم ؟
  3. الاعلامي الذي رافق الرئيس في الجولة، هو ايضا مستشار جماعي بإحدى الجماعات الترابية التابعة لإقليماشتوكة ايت باها باسم نفس حزب الرئيس، و قد كانت له مشاكل داخلية مؤخرا جعلته يقدم على تقديم الاستقالة من الحزب  ربما لنفس الاسباب ( صراع الاجنحة) ، و هنا يطرح التساؤل التالي: من الذي أوحى اليه بالمجيئ الى تيزنيت  في هذا الوقت و ” إغراق”السيد رئيس الجماعة في هذه الورطة؟
  4. قد يقول قائل ان السيد يمثل منبرا اعلاميا مستقلا و من حقه في إطار حرية التعبير استضافة من شاء و متى شاء.لكن اعتبارا دائما للسياق العام الذي تعيشه البلاد، فإن ما قام به هذا الشخص رفقة السيد الرئيس يمكن اعتباره تدخلا سافرا في شؤون اهل تيزنيت بدون موجب حق. وهنا تحضرني مقولة للمرحوم الدكتور المهدي المنجرة  حين سئل ذات يوم من تسعينيات القرن الماضي عن رأيه فيما اصطلحت عليه الخارجية الفرنسية آنذاك  ” le droit d’ingérence”  او ” حق التدخل”  كمبرر لشرعنة جريمة غزو العراق ، فكان جوابه رحمه الله   :  «tant qu’il y’a ingérence on ne peut pas parler de droit مادام ان هناك  “تدخل  “فلا يمكن الحديث عن شيء اسمه  “حق ” »    .
  5. بدون مقدمات، و بدون احترام الضوابط الأخلاقية لمهنة الصحافة، وخاصة تلك التي تفرضها اللحظة، و في الوقت الذي كان فيه المتتبعون ينتظرون معطيات  حول  الاجراءات و التدابير الاستعجالية التي اقرتها الجماعة في إطار تنزيل و أجرأة فحوى مذكرة وزير الداخلية بخصوص جائحة ” كورونا كوفيد 19 ” ، خاصة ما يتعلق بالدعم الاجتماعي للأسر المتضررة، ابتلع السيد الرئيس الطعم بكل سذاجة و بدون تحفظ ، و أطلق العنان للسانه يعدد و يحصي المشاريع التنموية المنجزة و المزمع انجازها في الأفق القريب، تماما كما فعل إبان حملته الانتخابية البرلمانية عندما تحدث عن المشاريع المهيكلة للإقليم من ميناء سيدي بولفضايل و الطريق السياربين اكادير و تيزنيت و مطار المعدر و آلاف الكيلومترات من الطرق المعبدة الخ…

من حق السيد الرئيس أن يحلم و من حقنا كساكنة أن نحلم معه بغد أفضل لمدينتنا، لكن من السذاجة و البلادة إيهام الناس بأنه  ” لولا كورونا” لتحقق العديد من المشاريع. و هنا اقول للسيد الرئيس ما قاله الطفل الامازيغي لجدته البخيلة والتي تدرعت برمضان لتبرير بخلها و  قالت له: لولا رمضان لأعطيتك ما لذ و طاب من الطعام و الشراب ، فأجابها الطفل بكل عفوية : ” سْنْحْكْمْ ءَاجْدَاءُورْتاءيلْكِيمْ رْمْضَانْ”   ومعناه : عرفت مقدار كرمك  يا جدتي قبل حلول رمضان “.

6 .تحدث السيد الرئيس عن كل شيء و لم يقل اي شيء باستثناء نقطة و حيدة وردت في كلامه و لها علاقة بالجائحة هي إشادته بما قدمته الجماعة من مقرات لإيواء بعض عناصر الوقاية المدنية او المشردين ، في الوقت الذي لم يشر فيه الى قطاعات و جهات أخرى قامت بنفس الشيء أو أكثر مثل المديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية التي وضعت جل المؤسسات التعليمية  بالمدينة رهن إشارة وزارة الداخلية لاستغلالها في إيواء أفراد من القوات المساعدة ، وكدا مؤسسة الاعمال الاجتماعية للتعليم التي وضعت إقامة سوس العالمة رهن إشارة مندوبية وزارة الصحة لإيواء الأطقم الطبية ، ثم جمعية باني التي وضعت مقراتها و أطرها رهن اشارة السلطات لاستغلالها فيما تراه مناسبا،بالإضافة طبعا الى  العديد من جمعيات المجتمع المدني التي ابدعت  و تفننت في تنظيم مبادرات وأشكال تضامنية كثيرة.

هذه ادن مجموعة من الاسئلة التي تطرح نفسها بخصوص خرجة السيد الرئيس ، ومن شأن الاجابة عنها إجلاء  بعضا من الحقيقة فيما يجري و يدور.

ختاما ، لا اريد ان اقسو على السيد الرئيس المعروف  بطيبوبته و تواضعه و دماثة أخلاقه. ولكن أريد أن اوجه اليه نصيحة على لسان احد حكماء الاعلام المغربي عندما قال لاحد محاوريه:” من كان يحب السيد الرئيس فليقل له الحقيقة”  نصيحتي للسيد الرئيس:الطيبوبة و التواضع و النية الحسنة وحدها لا تكفي لرسم معالم “بروفايل”  مدبر الشأن العام.

بلغة مليير:«  l’habit ne fait pas le moine »او بلغتنا  الامازيغية: ” ءاسلهامءورايسكار الطالب”.

 

محمد فضيل

تيزنيت يوم  20/04/2020  

 

 

ملاحظة : إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر عن رأي هيئة تحرير جريدة تيزبريس وإنما تعبّر عن رأي صاحبها.







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.