السبت 4 مايو 2024| آخر تحديث 4:00 06/25



بوكو حلال : Beaucoup halal

بوكو حلال : Beaucoup halal

TAWFIQI         

    بولوج بعض السلفيين المغاربة  في الآونة الأخيرة حزب النهضة والفضيلة تعددت القراءات التأويلية للحدث ، وكل منها استندت لسياق محدد ضمن مشروعيتها واتساقها، وبنت عليه احتمالاتها وتوقعاتها .. بتقليلنا من أهمية بعض القراءات التي تغلب شروط سياق الماضي القريب (أي قبيل إقرار دستور 2011) ، من دون إلغائها أو التنقيص من احتمالاتها  ، فإن قراءة هذا الحدث ، والحكم على مستقبل تجربة السلفيين من داخل حزب النهضة والفضيلة في مداها المتوسط ( عشر سنوات المقبلة على الأقل ) – من وجهة نظري المتواضعة – لا ينبغي أن يفصل عن استحضار مجموعة مقدمات أساسية لعل أبرزها أن :

      – السلفيين المغاربة أفراد يجمعهم مشروع تصوري عام مختلفون في تحديد أولوياته وطرق تصريفها ، ولم يوحدهم يوما ما إطار تنظيمي جامع ، نظرا للعلاقة الملتبسة في أذهانهم مع فكرة التنظيم باعتباره “بدعة إذ ليس هناك جماعة ما يمكن أن توحدهم غير جماعة المسلمين ” ، وهي فكرة مستوردة من سياق ثقافي وسياسي هو “السعودية” منشأ السلفية وموطنها الأم ، التي لم تعرف لحد الآن أشكالا جديدة للتعبير عن الحريات العامة كالأحزاب والنقابات والجمعيات .. فضعف ثقافتهم التنظيمية يجعلهم أكثر قابلية للاستيعاب في حزب قائم، من مجموعات إسلاميين آخرين كحزب الأمة أو البديل الحضاري أو العدل والإحسان الذين ما زال كل منهم يكابد بطريقته الخاصة للحصول على شرعية إطاره التنظيمي ..

    – رصيد تجربتهم النضالية في المجال العام خجول ، وحجم احتجاجاتهم وحضورهم في الشارع العام قليل ،إن لم نقل منعدم ، مما قلل من أخطائهم بل وجعل حجم مراجعاتهم لها ضئيلا لكون مواقفهم كانت” غير مزعجة ” من بعض القضايا الحساسة كالنظام الملكي والسيادة الوطنية …، وسقف مطالبهم ظل محدودا ، مما جعل إمكانية الاحتراز من ولوجهم المشهد السياسي من بابه القانوني أمرا مستبعدا .

     – مبادرة ولوجهم لحزب النهضة والفضيلة لم تتم بطلب منهم بل بطلب من أمينه العام ( بحسب ما أكد في برنامج إذاعي ب mfm مساء 14/06/2013 ) وهو أمر يمكن أن يقرأ قراءات متعددة لعل أبرأها أن هذا الإدماج سيكون مشروطا ضمنيا برزمة شروط  منها : تأجيل إثارتهم الوضع التنظيمي للحزب ( اقصد  إعادة  دمقرطة هياكل الحزب بتغليب شرعية الانتخابات على منطق التوافقات ) ، والسعي بدل ذلك لترجيح الرهان النضالي على الرهان التنظيمي  ، وهو خيار يخدم مصالح أعضاء الأمانة العامة الحالية للحزب ويمدد من لعب دور الوساطة والاستفادة من جني ثماره ويكبح أية نزوة طموح في الاستحواذ التنظيمي للوافدين الجدد عليه بوعي منهم أو غير وعي .

       – المشروع النضالي للسلفيين من داخل الحزب سيتم من دون شك بالتدرج  في ظل قيادته الحالية لكون عنصر الثقة لم يتأسس بالشكل الكافي بين الطرفين  ، وعليه فإن الذين يتوقعون منافسته لحزب العدالة والتنمية ربما يستعجلون سيناريوهات جاهزة من غير أن يقرنوها بسياق الوضع التنظيمي الداخلي لحزب النهضة والفضيلة واحتياطات قيادته الحالية ، والسياق العام لأية عملية انتخابية ..

         إن ولوج السلفيين المغاربة معترك السياسة هو من وجهة نظري المتواضعة  بداية التأسيس لخصوصية ” نموذج سلفي سياسي مغربي ” يرجح استحضار نظيره المصري ممثلا في حزب النور أو حزب البناء والتنمية ولا يستنسخه ، ويقطع في الآن نفسه بدرجة ما مع تصريف ” نمط سعودي ” يتخذ موقفا عدميا  من  حق الانخراط في إطار تنظيمي قانوني ، يبدو أنه قد هيمن طويلا  في المشهد الثقافي العام العربي مما جعله يستنفذ مفعوله وجدواه من منظورهم قبل غيرهم .  كما أن هذا الولوج أو الإدماج خطوة ايجابية تستحق التثمين  ، تغليبا لأوجهها الايجابية على حساب الأخرى السلبية ، والصريحة منها على حساب الأخرى الضمنية ، لكونها تمكن فئة من فئات المجتمع  المغربي من ممارسة حرياتها العامة في إطار الشرعية من دون مصادرة لمستقبل التجربة بإصدار أحكام عامة استباقية غير منصفة منذ الآن  . 

بقلم : عبد الله توفيقي







تعليقات

  • إلى القارئ الفاضل رشيد :
    لقد كانت غايتي من العنوان هي استفزاز القارئ ليبحث عن اكتشاف الفرق بين نموذجين سلفيين قد يكونا قد انطلقا معا في بناء مشروعهما التغييري من قاعدة اصولية خاطئة هي : الاصل في الاشياء التحريم . وفي الوقت الذي بقي فيه نموذج نيجيريا ما يزال متشبتا بقناعاته الاصلية ، يعكس ذلك بجلاء تسميتها “جماعة بوكو حرام “،واستمرارها في العمليات الانتحارية . فإنشقا من الحركة السلفية في المغرب قد راجعت قناعاتها ، وحركت عقارب ساعة قاعدتها الاصولية لتقترب شيئا ما من القاعدةالاصولية التي وضعها علماء السنة المتنورون :الاصل في الاشياء الاباحة ، ان لم نقل انها قد تجاوزته لحد “التحليل” مؤسسة بذلك لخصوصية نموذج سلفي مغربي يطمح للعمل في ظل الشرعية والعمل السلمي بعيدا عن السرية .فضلت أن أصفه ب : “بوكو حلال” . أما الارهاب فأنا لم أتحدت عنه ،والسلفيون الذين انظموا لحزب النهضة والفضيلة قد اعتقلوا بدون محاضر للشرطة القضائية تثبت نوع التهمة الموجهة لهم . وأفرج عنهم في 2010 بعفو ملكي ، كما صرح بذلك أحدهم لاحدى القنوات الاذاعية ، دمت متألقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.