السبت 4 مايو 2024| آخر تحديث 2:38 06/24



أرجع إلي دريهماتي يا “دوزيم”!!

أرجع إلي دريهماتي يا “دوزيم”!!

idsalh ahmed copier

  في انتخابات 1960 فاز “جون كينيدي” برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بعد مناظرة تلفزيونية مشهورة مع المرشح الجمهوري “ريتشارد نيكسون” بفارق ضئيل من الأصوات رجحها المراقبون إلى التأثير الذي أحدثه التلفزيون على الكثير من المشاهدين الأمريكيين آنذاك بوسامة وأناقة “كينيدي” وفصاحة كلامه، في حين بقي خصمه باهت اللون مضطربا بتحريك رجليه يتصبب عرقا كالمتهم الواقف في القفص ينتظر نطق الحكم المتراوح بين الشنق والرمي بالرصاص!. آنذاك فعل التلفزيون بالأبيض والأسود أفاعله بتتويج “كينيدي” رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية فكيف واليوم بالألوان والتقنيات العالية.

   إنني بهذه المقدمة أريد أن أصرح بقوة أن الإعلام السمعي البصري بالمغرب يستطيع بآلياته وإمكانياته المادية المتوفرة توجيه الرأي العام والتحكم في عقول الكثير من المتتبعين لا لشيء إلا لأن هذه الوسيلة لا تحتاج لجهد كبير ومفاتيح علمية معينة بل تكفي حاستي البصر والسمع لإيصال المعنى للدماغ المتحكم في كل شيء وبالتالي التأثير في السلوك الإنساني على أرض الواقع.

   الدكتور المهدي المنجرة – مدير الإذاعة والتلفزة المغربية عام 1954- خط في مقال له تحت عنوان: “لنا التلفزة التي نستحق” بإحدى الجرائد وما زال كتاب “قيمة القيم” يحتفظ به كلاما أشار من خلاله عالم المستقبليات المغربي هذا إلى أن القناة المغربية الثانية تأسست على يد مجموعة من الأشخاص الذين يبحثون عن التواصل مع أقلية مغربية  مضيفا: “القناة الثانية والتي كانت في البداية تلفزة حرة، والتي استفادت من إمكانيات فعلية مادية وبشرية، لم تقم أبدا بالدور المنوط بها، ولا حتى بعدما أصبحت تلفزة وطنية، وعندما بدأ المواطن يؤدي من أجلها بطريقة مباشرة. والسبب يرجع إلى عدم ملاءمة برامج هذه القناة مع الوضع المغربي اجتماعيا وثقافيا”.

   “دوزيم” بالفرنسية أو كما تحلو للبعض مُعرّبة: “القناة الثانية” أحد أكبر الموجهين لعقول أبناء المغرب كبارا وصغارا تستغل هذه الفرصة لتمرير مجموعة من القيم التي لا علاقة لنا بها لا من قريب أو بعيد ، قيم لفئة قليلة على حساب جمهور عريض ينتظر برامج ومشاهد وأصوات مغربية أصيلة تعبر عن الوجه الحقيقي لبلد مسلم ذي ثقافة عريقة في تاريخ البشر، بعيدا عن محاولات التطبيع  مع القيم الدخيلة التي يناضل الشرفاء ضدها صباح مساء.

   القناة الثانية “دوزيم” تحدّت غير بعيد رئاسة الحكومة المغربية في شخص الفرنسية المغربية نائبة المدير العام ومديرة الأخبار “سميرة سيطايل” في خرق سافر لأدبيات التحاور واحترام الأعلى قائلة مرة لجريدة (أخبار اليوم): “إن بنكيران يريد إعلاما شبيها بإعلام القذافي وكوبا…” وما تلا ذلك من كلام ينم عن اللامبالاة لشخص ارتضاه المغاربة الناخبون رئيسا لحكومتهم وكرها دفينا للحزب الحاكم ضدا على الحياد الإعلامي الذي يجب أن يطبع المهنة. فما كان من الأخير إلا أن ردد شكواه في مجالس كثيرة وفي لقاءات عديدة محاولا إيصال صوته لمن يهمهم الأمر من أبناء هذا الوطن.

   “دوزيم” تحدّت أيضا غير ما مرة مشاعر كل المغاربة لعرضها مسلسلات وأفلام ومشاهد فاضحة تحديدا في شهر رمضان الأبرك. وفي النسخة الأخيرة مما يسمى “مهرجان موازين” النقطة التي أفاضت الكأس عرضت “جيسي دجي” البريطانية كما ولدتها أمها، والغريب في الأمر أن بعض الجرائد الإلكترونية التي أكلت من “نعمة موازين” لم تفصل القول في هذا الباب ولم تنحز للقراء بل اكتفت بعرض النصف العلوي للمغنية مع مقال جاف أُمطر بتعليقات كثيرة نُقّحت تنقيحا قبل أن تعرض لعامة الناس.

   إنني حين أتحدث عن القناة الثانية باعتبارها قناة عمومية تأخذ من خزينة الدولة مبلغا لا بأس به من الدراهم حُق لي وأنا واحد من المواطنين أن استنكر ما تعرضه وتروج له من بضاعة كاسدة مؤلفة من أفكار دنيئة ومسلسلات وأفلام طرحت منذ القدم في مزابل الأتراك وأبناء المكسيك مطبوخة بحنكة في دهاليز “دوزيم” لتخرج للناس على شكل إنتاجات وطنية مغشوشة.

   “دوزيم” تأخذ مني دريهمات لا بأس بها كل شهر وأنا مقاطعها منذ مدة طويلة، لذلك لا بأس إن التمست من القائمين عليها منح حرية الاختيار للمواطن ولو من باب “الحرية الفردية” المروج لها في ثنايا البرامج والمشاهد لدافعي الضرائب، فإما أن تكون من المتتبعين فوجب الدفع مقابل الخدمة دون أن تقبل منك شكاية، وإما ألا تكون فلك حق الاختيار بين الدفع صدقة وإحسانا أو طالبا بإرجاع ما أخذ منك بأثر رجعي يضمن الديموقراطية وحق الإنسان في منع أمواله عن السفهاء امتثالا لقوله عز وجل: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما).

 

بقلم: احمد اضصالح







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.