الأحد 28 أبريل 2024| آخر تحديث 1:34 06/06



التلميذ المسكين في عصر مهرجان موازين

التلميذ المسكين في عصر مهرجان موازين

 صورة  قد لا أكون مضطرا في هذا المقال للوقوف كثيرا عند لباس جيسي دجي الذي اعتلت به منصة مهرجان موازين إيقاعات العالم المقام على أرض بلدي، وكذا كيف تصرف البعض مع أحد الفنانين اللبنانيين لأخذ الصور التذكارية كأنه أحد أعظم علماء الفيزياء الذين حللوا الذرة واستنبطوا بجهدهم نظريات تنفع الإنسانية في آنها ومستقبلها، ولن أهتم بما راج في الصحف أخيرا من تلويح مغربيات بملابس داخلية ل”تامر حسني” أحد ضيوف المهرجان الذين سمعت بخبر إنشاء جمعية خاصة تهتم بأحواله، وحتى لا أنسى تلك التي اعتلت المنصة لتقول سهوا أو عمدا والأمر عندي في هذا المقام سيان بأنها تكن كرها دفينا للمغرب في كلمات لها. كما لن أقف مليا عند أموال هذا المهرجان الضخم لأن غيري تكلموا وأفادوا من له مسكة عقل وضمير.

  إن مهرجان “موازين” الذي أقيم بأرض الثقافات في أيام مضت تزامن إلى حد كبير مع استعدادات التلاميذ للامتحانات والاختبارات التي يعز فيها المرء أو يهان على حد تعبير المثل الشائع، من مختلف المستويات الابتدائية منها والثانوية والجامعية، فهذه أيام كد واجتهاد وألم وصبر علّ الفرج يأتي بعد ذلك. لكن “نشاط موازين” يجعل من دراسة البعض وقتا مستقطعا قد يحدد مصيره، إذ المعرفة وحدها لا تكفي ، فلا بد من أن تحول إلى سلوك واقعي حسب علماء النفس التربوي وبالتالي تبقى الصور التي يتلقاها إخواننا وأبناؤنا التلاميذ الأبرياء القاصرين منهم والمميزين خالدة في الأنفس والعقول ضدا على الرغبة في المراجعة والكد والتحصيل. والغريب في الأمر، أن قنوات القطب العمومي عوض أن توجه الرأي العام نحو قرب مواعيد الامتحانات انكبت على نقل وقائع السهرات واحدة بواحدة، بل ساعة بساعة، وعذرها في ذلك تقريب الحدث من المواطن البسيط الذي دفع من جيبه مالا لدعمها.

   حدثني واحد ممن أثق بقولهم مرة: “لما كنت طالبا أستاذا في مادة الرياضيات بمدينة الرباط قبل ثلاث سنوات من الآن، نظم مهرجان موازين على عادته فاسترعى ذلك انتباهي” (وصار يحلل ويفسر) حتى نطق: “كيف للتلاميذ أن يدرسوا أو يراجعوا في تلك الأيام !!“. لقد كان حدثا مريرا بالنسبة لهم ، لكنهم لن يكتشفوا ذلك حتى يفوت الأوان، فيا للمساكين!.

   “موازين” اسم على غير مسمى . فالتلميذ البريء سينساق وراء هذا “الاختلال” وسيسهر مع السهرات وهو من رفع عنه القلم، وفي الصباح الباكر الذي يعد من أزهى الأوقات للحفظ والمذاكرة ينام المسكين المغلوب على أمره حتى تصل الشمس إلى كبد السماء وبالتالي لن يردد ما كنا نقوله في أيامنا الأولى في المدرسة: “أنا الفتى النظيف.. مهذب لطيف.. أقوم في الصباح…”، آنذاك يكتفي بجمع تأخير وتقصير لوجبتي الفطور الصحي والغذاء، يصاحب ذلك عجز دماغي كبير وإرهاق نفسي عظيم كأنه قد حمل بين أضلعه جبلا من الأوراق، ناهيك عن صداع في الرأس بسبب الصخب الذي يرافق أحداث المهرجان. ومع غياب ذلك التحفيز النفسي يبقى الاستعداد لتلقي المعارف والمعلومات من المستحيلات، ثم أخيرا يتمنى المسكين أن تأتيه أسئلة الامتحان على شكل تلك التي يراها في الفواصل الإشهارية لبعض قنواتنا لغرض ربح قسيمة شراء أو سيارة في بعض الأحيان.

   التلميذ المسكين بكل ما يحمله المفهوم من دلالات لا حول له ولا قوة أمام إغراءات عصرنا، فهذا “فايسبوك” وجه الكتاب الذي ليس بكتاب يخطف الوقت الثمين من الأنامل البريئة دون شعور، و”مسلسل” يذهب العقل الصغير ويسكره ويجعله يعيش على أرض “تركيا” وفي بعض الأحيان تحت شمس “المكسيك” الحارقة، أما قصة “موازين” فتأتي أخيرا لتريح الاثنين وتختم فصول الحكاية فيا للتلميذ المسكين !.

 

بقلم: احمد اضصالح







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.