يعتبر الدعم الاجتماعي دعامة أساسية من دعامات تحقيق مبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص لولوج التمدرس، ووسيلة محورية لتذليل الصعوبات والعراقيل السوسيو اقتصادية والمجالية التي تحول دون ولوج شريحة مهمة من التلميذات والتلاميذ للمؤسسات التعليمية، كما يساهم في خلق تمييز إيجابي بين الأوساط القروية ونظيراتها الحضرية.
هذا، ويعتبر النقل المدرسي إحدى برامج الدعم الاجتماعي التي تساهم في تحقيق الأهداف المرجوة من هذا الورش الاستراتيجي، والتي تساهم بشكل كبير في إحقاق الإنصاف الجغرافي والسوسيواقتصادي. بيد أن هذا القطاع يعاني من عدة إشكالات يمكن اختزالها في بعدين: الأول تمويلي والثاني تدبيري.
• الإشكالات المرتبطة بالتمويل: يعتمد هذا القطاع في تمويله على منحة المجلس الإقليمي، ومساهمات الجماعات الترابية، إضافة إلى انخراطات المستفيدات والمستفيدين. غير أن هذه المصادر تبقى غير كافية في ظل ارتفاع المصاريف (التأمين، الفحص التقني، الضريبة على السيارات، الكازوال، الزيوت، قطع الغيار، العجلات، أجرة المستخدمين…)، وتخلف البعض عن أداء ما بذمته من مستحقات. كل هذا يجعل القييمين على هذا الورش يتوجسون من ضمان تقديم هذه الخدمة في ظل هذه الإشكاليات المادية، مع العلم أن هذه الجمعيات محدودة الدخل؛
• إكراهات على مستوى التدبير: أنيطت مسؤولية تدبير النقل المدرسي لجمعيات المجتمع المدني أو جمعيات مؤسسة لهذا الغرض. واجتهدت في بلورة إطارات تعاقدية على شكل قانون داخلي يضبط السلوكات داخل حافلات النقل المدرسي. غير أن الفئات العمرية المستفيدة قد تصدر منها بعض التصرفات التي من شأنها أن تخرق الإطار التعاقدي سالف الذكر؛ الشيء الذي يستوجب اتخاذ قرارات انضباطية في حقهم من طرف الجمعيات المسيرة. هنا يطرح إشكال: هل يتم حرمان المخالف من حصصه الدراسية من خلال عدم نقله من وإلى مؤسسته التعليمية؟ أم أن الجمعيات المسيرة، بهذا الإجراء، تكون قد خالفت الإطار الذي وجد من أجله ذات النقل؟
ويبقى المنفذ الوحيد لبسط هذه الإشكالات وتذليل الصعوبات هو الاجتماعات التي تدعو لها هذه الإطارات، والتي غالبا ما يتخلف العديد من أمهات آباء وأولياء المستفيدات والمستفيدين عن الحضور لها، مما يستعصي معه خلق توازنات بين الكائن والمأمول.
من خلال ما سبق، يتضح جليا ضرورة فتح نقاش عمومي حول النقل المدرسي قصد بسط الإشكالات التي تواجه الجمعيات المسيرة، والعمل على إيجاد حلول للإشكالات التدبيرية والمالية، كما يتوجب كذلك العمل على الانخراط الإيجابي لجميع المتدخلين المعنيين من أجل توسيع شبكةهذه الخدمة، لما لها من أثر إيجابي على الفئات الاجتماعية الفقيرة والمجالات الجغرافية الهشة.
عبدالله الداكر
تعليقات