الإثنين 6 مايو 2024| آخر تحديث 11:53 06/26



أربعاء أيت أحمد :في الذاكرة “أبيضار ن توكارت” …أو الشاعر الذي أزعج الإستعمار الفرنسي بكلماته الساطعة

أربعاء أيت أحمد :في الذاكرة “أبيضار ن توكارت” …أو الشاعر الذي أزعج الإستعمار الفرنسي بكلماته الساطعة

تزخر الذاكرة السوسية بسجل حافل من الأبيات الشعرية الأمازيغية الموثقة لأحداث تاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية توارتتها الأجيال وظلت خالدة إلى اليوم بحكم خطابها العميق الدلالة وكلماتها السهلة الممتنعة ،فملأ أصحابها الدنيا وقتئد وشغلوا الناس في حياتهم بفضل ما أوتوا من مواهب خارقة.

قرية “توكارت” النائية والمطلة على وادي أولغاس بجبال آيت احمد إقليم تيزنيت أنجبت واحدا من هؤلاء الشعراء المبدعين آواخر نهاية القرن التاسع عشر الميلادي ويتعلق الأمر بالرايسي علي بن احمد الملقب ب “أبيضار ن توكارت” الذي عاصر الإستعمار الفرنسي للأراضي المغربية وفهم خبايا الصراعات التي كانت تدور بين القبائل السوسية آنداك ،فسخر موهبته الشعرية الفائقة في خدمة النضال ضد المستعمر لتصبح كلماته القوية محط اهتمام الفرنسيين أولا قبل غيرهم ترجمة ودراسة وتحليلا لما كانت تلعبه هذه الكلمات الموزونة من دور تأثيري في مجابهة المستعمر من حيث تحريض الجماهير السوسية ورثاء نضالاتها وتخليد سير الأبطال.

  “إذا مات شيخ مسن ماتت معه مكتبة شاملة “

يعتبر القبطان  Leopold Justinard ( 1878-1959 ) الذي قدم إلى المغرب سنة 1909 وعين حاكما عسكريا بتيزنيت- صاحب المقولة أعلاه-  أحد أبرز المهتمين بثقافة القبائل السوسية تدوينا وكتابة معتمدا في ذلك ربط علاقات صداقة و مودة مع كبار القبائل ومعهم تعلم اللغة الأمازيغية التي ساعدته في فهم وترجمة العديد من النصوص الشعرية بما في ذلك إبداعات شاعرنا “أبيضار ن توكارت” التي كتب بعضا منها وترجمها إلى اللغة الفرنسية لعل أشهرها قصيدة “سوس والمخزن ” كما تبث عليه أنه حفظ بعضا منها عن ظهر قلب ويلقيها بين الحين والآخر في مجالسه بطريقة تطغى عليها النبرة الفرنسية و تلقى بذلك إعجاب الحاضرين .

نماذج من إبداعات الشاعر

وعلى سبيل الذكر لا الحصر فقد استشهد القبطان Justinard في تدوينه لظاهرة الهجرة التي عرفتها المناطق المغربية عموما في اتجاه مدينة “وهران” الجزائرية بداية القرن العشرين بسبب  تداعيات الاستعمار والجفاف وقلة فرص الشغل ، استشهد، بشعر  لأبيضار ن توكارت مطلعه “بمجرد ما يبلغ الصبي أشهرا حتى يبدأ في التفكير بالهجرة إلى وهران” :
ADDOKAN INKR WAZAN IK SA YIRN
INNA WIHRAN AYS ILLAN GH LAAKL

وفي حديثة عن المصائب التي حلت بالقبائل السوسية آنذاك بسيادة الإقتتال والصراعات ودخول الإستعمار الفرنسي وانتشار القحط و الجفاف، أعزى شاعرنا أسباب ذلك إلى عدم أداء الواجبات الدينية على أحسن وجه من صلاة وزكاة وإحسان إلى اليتامى والمحتاجين فقال:
TAGAT N TMZGIDIWIN TOT MDN
A HAN LAACHOUR ORYAD ILLA DAR MDN
IGA KOLO TIGHRAD I YA YSRWATN
BAB N ZKA HAN IDOULAN IWINT
IMA YA YGAN IGIGIL MAGHTN YOUF
ALLAH OKBAR AWLDI LISLAM NGH
HAN RBBI OR NODDI LAHKOK NS

اللقب أو اسم الشهرة أو حين تكون الإعاقة نقطة قوة

لقب الشاعر علي بن احمد التوكارتي ب “أبيضار أي الأعرج” لكونه يعاني إعاقة جسدية على مستوى الرجل جراء إصابته برصاصة طائشة من بنذقية أحد أصدقائه في رحلة صيد ليلية وغالبا ما كانت إعاقته هذه محط هجاء وسخرية شعراء زمانه في حلقات الشعر والسمر لكنه لا يأبه بذلك أبدا بل ويفتخر بإنجازات رجله العرجاء حيث قال في حديثة عن انتصار في معركة شارك فيها شخصيا :
ATI WIJJAN NSFA GISNT LKHATR
LKMGH LKHZINT S ODAR INW IFRGHN

علاقة وجودية مع جلسات الشاي وزيت الأركان

أما حين تهدأ الأوضاع  في مناسبات الفرح والأعياد فقد تطابقت الروايات الشفوية في أن الشاعر “أبيضار ن توكارت”  كان دائم الحضور في كل مجلس بكلماته القوية المرتجلة الواضحة المعاني التي تلتقطها الألسن وتتداولها على نطاق أوسع . فكان هو السباق إلى ذكر المنافع التجميلية لثمار “الأركان” حيث قال:
SNMILY ABNADM TIFYYICH
AKKA WARGAN AGHTRGLM AYSAFARN
ATOKAN YILI WAZZAR ARITAGHD
ATTOKAN YILI ZNAD ORATKRMADN
AFKKIR D LKIR LIDAM ARTI ITTIRY
ATTOKAN KHISSIN IDR WONFOS NS

ولا يخلو مجلس شاعرنا من حضور كؤوس الشاي بل يشترطه أحيانا من أجل تنشيط المناسبة لأنه مولع به إلى درجة بيعه أراضيه وممتلكاته من أجل شراء السكر والشاي كما قال في هذه الأبيات:
TAZART IFLYID BABA ASGHAR NM
ASNGAR IFLYID BABA MAGHT NTASY
IGOULANH LBRAD ORAKTN FALGH
ATTAY IGA ZOND TIZILA N TOWOTCH
ADOR AFON IKRAD OLA CH HANASN

وقد تأثر الشاعر بوفاة صديقه شيخ قبيلة “اشتوكن” واشتاق إلى جلسات الشاي التي كانت تجمعه به وقال في رثاء ابنه الحديث السن  :
AYIWIS OUBNJAH AFAK SAWLGH
AMANG SIGHAH IDRK I WALIWN

ADAGH NSSA ATAY GH LJIR AN YATOYN

نماذج ما هي إلا كيل من فيض من اسهامات الشاعر التوكارتي الغنية بحمولاتها الابداعية في مجالات متنوعة، انتقلت إلى الجيل الحالي عن طريق الرواية الشفهية وصارت يضرب بها كبار السن المثل في كل مقام، لذلك تحتاج إلى نفض الغبار عنها أكثر، من حيث  الدراسة والتحليل  والتدوين  قبل أن تموت مع رحيل الأجداد .

التفاتة في انتظار مبادرات مثيلة

يذكر أن الجمعية الرياضية مولودية آنزي بتنسيق مع جمعية كنوز للتنشيط الثقافي والسياحي والمجلس الجماعي لآنزي كانت السباقة والوحيدة التي بادرت إلى تكريم شخصية الشاعر “أبيضار ن توكارت” سنة 2010 في ندوة سلط الضوء من خلالها أساتذة باحثون ومثقفون على اسهامات وابداعات الشاعر وأهميتها الثقافية كرافد أساسي من روافد الموروث الثقافي الأمازيغي الذي يفترض الحفاظ عليه.
احمد أولحاج







تعليقات

  • شكرا اخي احمد واصل عملك قالمنطقة تزخر بشخصيات متل ابيضار نتوكارت بصمت المنطقة بشعر قل متيله من حيت المعنى والدلالة يتم تداولها في الوقت الحالي فاستمر في التنقيب حتى يتم ابراز الموروت التقاقي لمنطقتنا الحبيبة حتى النساء ابدعنا في هذا المجال استحضر الشاعرة تدبهت وغيرهن كتير وفق الله فيما انت ماض فيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.