الجمعة 3 مايو 2024| آخر تحديث 11:26 04/10



المسألة الأمازيغية في عمق الإشكال السياسي المغربي (1)

يظهر لنا عمق الإشكال السياسي للنظام المغربي ، اليوم ، في أنه رغم ما يبديه هذا النظام مبادرات و تسامح ظاهري مع أطرافه لبناء نموذج سياسي واقتصادي واجتماعي معين، فإن فساد الطبقة السياسية بلغ درجة بدأت تهدد النظام نفسه وتضعه أمام إمكانيات انفجار اجتماعي جديد نظرا لكون الإصلاح الذي يهدف إلى إنقاذ هذا الوضع لا يتم بجرعات كافية ولا يحقق النقلة المطلوبة بل ظل إصلاحا مؤمما ومراقبا تتغلب فيه عناصر الاستمرارية على عناصر التغيير.
1 – قواعد الخطاب مع النظام السياسي في المغرب:
لاحظنا صدور تصريحات من بعض الأطراف اتسمت بشحنة نقدية قوية إزاء المسار الحالي لعمل السلطة، وشهدنا بروز لغة متشددة غير مسبوقة في الحياة السياسية أخذت تتداول على نطاق واسع ولم تسلم بطبيعة الحال من التداعيات السياسية التي استجلبتها لنفسها أمام مؤسسة سلطة غير قادرة على رفع تحدياتها لان ذلك يرتبط بطبيعة النظام السياسي واختياراته الاقتصادية والثقافية.
ومن المعروف أن بلادنا تتوفر على هياكل ومؤسسات للدولة العصرية ومعروفة ديموقراطيا لكنها في حقيقتها مجرد غطاء لممارسات تقليدية تضع اللعبة السياسية بالبلاد خارج أصول الصراع حول السلطة حيث تقوم بتعطيل الممارسة الديموقراطية الحقيقية عبر صناعة الولاءات عن طريق المكافئة، وصناعة أحزاب إدارية، ومصادرة الحق في المساءلة أو ردع الصحافة والرأي العام. فكل فعل اجتماعي يريد الاشتغال في محيط سياسي عام يرى مصير من يحاول محاولة مساءلة السلطة واعتبارها فعلا بشريا.
ذلك الخطاب المتسامح الذي يطبع ثقافة النظام العام إزاء ممارسات سياسية معينة هو مجرد تسبيق سياسي ومقابل على الولاء وحشد الحلفاء، فعوض أن نتيح أسباب التباري الديموقراطي وتضع السلطة في موضع منازعة اعتمدت سياسة التوازنات وإضعاف أطراف لصالح أخرى أو إقصائها لان الأخير  يرفض الخضوع لمطالبها تحث ذريعة استعارة نماذج أو لكون أفكارها تصطدم مع  عقيدة النظام نفسه.
يضع النظام قواعد للخطاب مع أطرافه طبقا للإشكالية المتعلقة بفرض توجه ضمن خيارين: إما أن يحاول الأطرف أن يلتقطوا من المحيط السياسي العام أبجديات تسمح لهم برسم توجه متجانس ويتيح لهم الفرص أو أن  تسعى إلى البحث عبر مسالكها الخاصة . لكن مسالة التدخل تعتبر في نظر النظام استراتيجية مرتبطة بالأمن وبالثقافة التي يرعاها ويحرص على أن تتجدر في المجتمع والدولة كضمانات لاستمراره…(يتبع).

بقلم ذ. الحسين صبري