الجمعة 26 أبريل 2024| آخر تحديث 1:24 06/24



“ميركاتو” تيزنيت الحزبي، والأسئلة المغيّبة

“ميركاتو” تيزنيت الحزبي، والأسئلة المغيّبة

Captureأن ينتقل مواطن منتخب من لون حزبي معيّن إلى آخر، أمر لا يقابل بكثير استغراب، لأنه حدث ويحدث منذ الانتخابات التشريعية الأولى في بلدنا سنة 1963، وطفا على السطح مع انتخابات 2009 وبروز حزب الجرار في واجهة المشهد الحزبي، واستحالة الحجر على أفكار الناس وخلفياتهم الإيديولوجية وحصرها في إطار محدد. لكن أن تُنجز حفلات افتراضية على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي لأعضاء مجالس جماعية معينة وهم في فترة الانتداب من طرف أحزابهم الأصلية، وتوزع صورهم يمنة ويسرة أمر يستوقف المهتمين بالحياة الحزبية في إقليم تيزنيت، ويضع “الترحال السياسي” في قفص الاتهام، ويجعل أبطال هذه الأحداث في واجهة المساءلة.

وإذا كان دستور (2011) قد نص صراحة على أنه “يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها”، فإن الموضوع على مستوى القاعدة والجماعات المحلية اليوم ما زال تحت رحمة تأويلات ذوي الاختصاص، مما حدا بالكثيرين إلى المجاهرة بهذا التصرف تودّدا تارة وعقابا للحزب القديم تارة أخرى.

وبالإضافة إلى هذا، يضع المرتحل نفسه أمام مسؤولية أخلاقية جسيمة في مواجهة حزبه الذي تسلق عبره  إلى الكرسي الوثير بالمجلس المنتخب، وفي مواجهة المواطنين الذين راهنوا عليه في لون حزبي ما وفق مشروع محدد، وكذا في مواجهة الضمير الذي يقبل فجأة الانسياق مع ترحال فكري وإيديولوجي من طيف سياسي يؤمن بمشروع مجتمعي معين، نحو آخر يخطو طريقا مغايرا تماما فيما يشبه خيانة. ويضع المشهد الحزبي كله أمام التسيب والعبثية والميوعة، ويكرّس عزوف الشباب وبؤس المواقف السياسية لأعضائها ومنخرطيها، ويغيّب الثقة بين مناضلي الأحزاب من القاعدة إلى القمة.

فالاتجاه من اليمين نحو اليسار أو العكس في لمحة بصر ظاهرة معقّّدة تحتاج إلى عالم اجتماع يحللها ويحدد مسبباتها بين المجتمعات التي ما فتئت تتلمّس طريقها نحو النور، والخروج من حزب انبثق من الشعب في أحلك الظروف وخاض معارك حقيقية ضد ما يصطلح عليه التحكم والتسلط، إلى حزب يشاع خروجه من رحم الإدارة بعد ولادة قيصرية، حالة نفسية معقّدة يكتنفها الغموض…

هذا وإذا كانت الديناصورات الانتخابية التي تعرف من أين تؤكل الكتف تعيش حالة الكمون بين فترة انتخابية وأخرى وتحمل حقائبها مترددة بين الأحزاب كما يتردد أحدنا على الدكاكين بحثا عن مقادير كعكعة لذيذة، أو كما تردد اللاعب الألماني “لوكاس بودولسكي” بين نوادي كروية عديدة حتى استقر به المقام السنة الماضية في “إنتر ميلان” الإيطالي معارا، وينحشر مجددا في لائحة ال”ميركاتو” الصيفي لأرسنال الإنجليزي، حتى دعاه المتتبعون ب”الرّحالة”. فإن الذين أعلنوا هذه الحالة قدّموا حجة كبيرة على أنفسهم بزيادة كوليستيرول البؤس الحزبي، في الوقت الذي كان عليهم أن يكفّوا عن نشر هذا الغسيل الذي عدّوه فتحا مبينا يستوجب الزهو والفخر الشديد، ويخفوا وجوههم خجلا مما اقترفوه في حق أنفسهم وغيرهم.

ولو افترضنا جدلا أن “أولاد عبد الواحد واحد”، وأن الأحزاب السياسية يافطات جميعها في سلة واحدة يجوز تغييرها كما نغيّر ملابسنا بأخرى، وأن هدفا نبيلا هو ما برّر هذه الوسيلة، فإن قادم الأيام كفيلة بتوضيح الحقائق التي قد تخفى في الوقت الحالي.

كما أنها ستتكفل بإيجاد مخرج ملائم لسؤالين كبيرين طبعا ذاكرة أبناء “أدرار” و”أزغار” بعد الارتحال وقبله مع اقتراب موعد الانتخابات الجماعية: ما هي الإنجازات الشخصية لكل منتخب على حدة بعد أن استطاع الوصول إلى كرسي التسيير؟، وما مدى التزامه بالبرنامج الذي تحمّل على عاتقه مهمة تنفيذه يوم أقنع الناس بالذهاب لأجله نحو الصناديق؟. ولتعقدوا إذ ذاك مقارنة بسيطة لا تتطلب كبير عناء !!.

 

بقلم : أحمد إدصالح 







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.