الجمعة 26 أبريل 2024| آخر تحديث 6:11 01/27



حسنا فعل المغرب من الانسحاب من مسرحية باريس

2015-01-17 13.57.31prophile

لقد انتقدت بعض الأقلام السياسة المغربية قرار انسحاب الوفد المغربي من المسيرة الفرنسية المؤيدة في الأساس لمناهضة العنصرية والعنف الإرهابي والحروب على إثر الأحداث الإرهابية المدبرة ضد جريدة “شارلي إبدو” الساخرة، واعتبرت ذلك الانسحاب قرارا غير حكيم قد يؤثر على مصالح الدولة المغربية الحيوية ويمثل في نظرها الخروج عن الإجماع الدولي. وانتقدت أيضا المبررات التي أدلت بها Jrzoonverting o Judaism duasically, “free speech” means you can call Blacks “n*ggers” and you can abuse God, the Virgin Mary, Jesus, the Holy Spirعلععلعi الدبلوماسية المغربية واعتبرتها غير مقنعة إن لم تدل على الخطأ وعدم فهم سيكولوجية الحشود كما ذهب إلى ذلك عبد الرحيم العلام في مقالته المنشورة على جريدة “هيسبريس” الإلكترونية.yإلى ذلك ألأستاذ عبد t,

وبغض النظر عن المبررات المصرح بها، فإن قرار انسحاب الوفد المغربي صائب وحكيم يدل على الحنكة السياسية والنضج وبعد النظر في اتخاذ مثل هكذا قرار وذلك لاعتبارات كثيرة سأحاول في هذه العجالة سرد بعضا منها، ويأتي في أول القائمة النفاق الدولي وازدواجية معاييره. هذا والمسيرة التي شاركت فيها ملايين البشر من مختلف الأطياف والديانات والجنسيات تستهدف الصالح العام للبشرية والسلم العالمي، في الأساس، والتضامن بين المواطنين الفرنسيين، لكن الزعماء والوفود الرسمية التي اختطفت السير في مقدمتها ليس هدفها الأساسي محاربة الإرهاب، بل المقصود من المسيرة عندها هو تعبئة الرأي العام الفرنسي والعالمي ومباركة شن الحروب والاستمرار في متابعة إرهابها الرسمي على الدول الإسلامية وإطلاق العنان للآلة الحربية الفرنسية لتعيث في الأرض فسادا. لا يخفى على أحد أنهم(من في المقدمة) يمولون الجماعات الإرهابية التي هم وراء تكوينها ويزودونها بالأسلحة وكل ما من شأنه أن يحقق أهدافهم المريبة. فلقد ثبت تورطهم في دعم كل الجماعات الإرهابية وخنقهم للحريات وما تقوم به تركيا في دعمها للدولة الإسلامية المزعومة وضد الأكراد، وما تقوم به أمريكا وفرنسا والدول الأوروبية ودول الخليج من دعم للإرهاب في كل من سوريا والعراق واليمن وغيرها من البلدان إلا أمثلة قليلة في مسلسل عبثهم بمصير الشعوب الإسلامية أساسا، ولا بد من استحضار حقيقة استهداف الصحفيين في هذه الحروب التي يشكل المسلمون أغلبية الشهداء فيها. هذه هي حرية الصحافة والرأي عندهم.

النفاق وراء أهداف المسيرة جلي وواضح وضوح الشمس لكل عاقل منصف وذلك عند اعتبار مسالة الإرهاب التي دبرتها المخابرات ومصالح الساسة الذين لا يتورعون في إلصاق كل الأعمال الإرهابية ببعض من ينتسبون إلى الإسلام من بعيد أو قريب، ليبعدوا عنهم الشبهات ويبرؤوا أنفسهم من الإرهاب الشنيع الذي يمارسونه بقتل الآلاف من المسلمين بأسلحة فتاكة تقضي على الأخضر واليابس في معظم المجتمعات الإسلامية الآمنة التي تقتل فيها سنويا آلاف البشر وتهددهم باستمرار مع كون معظمهم من المدنيين. وقد يتساءل: المرء كيف للداخلية الفرنسية أن تمنع المسيرات المناهضة للعنف مباشرة بعد الهجوم على “شارلي” وسمحت بها يوم الأحد (يوم الجمع) لتركب عليها وتحقق بذلك مبتغاها ومقصودها من التعبئة الجماهيرية التي لا سابق لها في التاريخ الفرنسي؟

لا شك أن الجريمة المؤلمة التي ارتكبت ضد المدنيين في باريس وضواحيها تستوجب الإدانة والشجب من طرف كل منصف، على أن ما تثيره بعض وسائل الإعلام الغربية من تأجيج مشاعر الكراهية والحقد ضد المسلمين أمر لا يقبله أي منصف أيضا، فلقد استمرت جريدة “شارلي” وغيرها في بث سمومها على الرأي الفرنسي خصوصا، والرأي العام العالمي عموما، ولم تحرك السلطات الفرنسية ساكنا لتطبيق قوانينها على الذين ينشرون الكراهية والحقد ويدعون إلى العداء ضد المسلمين الذين هم مواطنون تسري عليهم جميع القوانين الفرنسية التي تستوجب احترامهم وحمايتهم من جميع أشكال العنصرية والاضطهاد. وبالرغم من أن كتاب وفناني شارلي وغيرها ينتقدون بحرية بعض الأديان ويسخرون منها، إلا أن نفاقهم ومنهجيتهم تستثني اليهودية ورموز زعمائها وزعماء المسيحية الصهيونية الذين ينفثون سمومهم في كل مكان.

“شارلي إبدو” ليست بريئة كما يتخيل البعض وأجندتها معلومة ومواقفها ثابتة ونفاقها جلي وانحيازها يفقع العين، فلقد قامت سنة 2009 بطرد الكاتب “موريس سيني” الذي عمل معها لمدة عشرين سنة على خلفية اتهامه بالعداء للسامية بمجرد رفضه الاعتذار عن رسوم سخر فيها من نية ابن ‘ساركوزي’، الرئيس الفرنسي السابق ، في اعتناق الديانة اليهودية ليتمكن من الزواج ببنت يهودية من أسرة غنية جدا، فأقاموا الدنيا وأقعدوها من إقصاء إلى المحاكم والتشهير وما إلى ذلك من التهديد لأنه تجاوز الخط الأحمر المتمثل في عصمة الأسياد. ومباشرة بعد الحادث قامت بنشر الرسوم الدنماركية المشئومة المسيئة لني الإسلام ولم يحاسبها أحد والمقصود واضح من أفعالها.

طبعا كل هذا لا يبرر العنف والقتل لكنه يبين النفاق بوضوح ويبين أن حرية التعبير ومناهضة العنصرية خاصة ببعض فئات المجتمع الفرنسي يستثنى منها المسلمون الذين يطلقون عليهم العرب بالرغم من أن مسلمي فرنسا ليسوا كلهم من أصول عربية ، لكن لا يهم، الإسلام وتشويهه هو المقصود ولم لا زيادة الطينة بلة بنشر رسوم مشوهة لمحمد ليتأكد الجميع أن اللعبة مستمرة وأن الحرب على الإسلام ما تزال في بدايتها والجميع يؤكد أنها طويلة الأمد، ربما إلى عشرات السنين. ألم يصفها فقهائهم بصراع الحضارات ونهاية التاريخ؟ وكفى من القفز على فهم سيكولوجية الحشود لدى بعض كتابنا.

وهكذا، بعد المسيرة مباشرة، جندت وسائل الإعلام وأخرجت الأجندات الجاهزة للحرب المعلنة وكتب ‘كامرون وأوباما’ عن إعلانهم لشن الحرب بلا هوادة على الإرهاب والبربرية ضد ما سموه: “قيمنا وطريقة حياتنا وعداء السامية”؛ ألم يتضح أمام هذا حكمة المغرب في انسحابه من المسرحية التي أتقن زعماء الغرب اخراجها؟ الإرهابي’ ناتنياهو’ ودماء آلاف الأبرياء في يده يستقبل بالأحضان ويسير في المقدمة والذين معه لا يسعون إلا إلى كسب رضاه ومباركة خطواتهم للتعاون معه على إبادة كل من يقف في طريق طموحاتهم لتنظيم العالم لخدمة مصالحهم وتحقيق نبوات سيطرتهم واختيارهم الإلهي المزعوم لقيادة البشرية. أيلام المغرب بانسحابه من هذه المهزلة؟

إن الذين يخافون على مصالح المغاربة وعلى مصير المواطنين الفرنسيين من أصول شمال إفريقيا ويتهمون الخارجية المغربية بالخطأ في قرار الانسحاب، لا بد أن يدركوا أن مثل هذا القرار لا يمكن أن يكون قرارا فرديا مبنيا على الأهواء الشخصية، فإنه يتعلق بمصيرنا جميعا كمغاربة وفي المغرب دولة وحكومة وأجهزة وحكماء وخبراء يصهرون على مصالحنا الحيوية ولربي لقد أصابوا في هذا القرار أيا كانت الجهة التي صدر منها.وإذا كانت مصالحنا هي التي تهم البعض لتفادي إلحاق الضرر بها، فيمكن التساؤل عن الطرف الذي قد يتضرر أكثر، فرنسا أم المغرب؟ الشركات الفرنسية موجودة عندنا بالمئات وقد أحصاها البعض بما يربو على سبع مئات ويزيدون؛ زيادة عن هذا، العالم كله لا يكره التعامل مع المغرب اقتصاديا وسياسيا ولا ننسى الإمبراطوريات والحضارة التي بناها أجدادنا عندما كان “شارلومان” أميا, مصالح المغرب لا تنقطع ولا تتضرر إن لم ترض عنا فرنسا والذين يمجدون حضارتها وتقدمها وينسون أنها تحت الاحتلال الأمريكي ولا تقوم إلا بما يأمر لها به أسيادها،ودولة المغرب التي هي كيان كل المغاربة مستقلة دائما في قراراتها الحيوية بالرغم من الضغوطات الخارجية للي ذراعه وهو، كما يعلم الجميع، معروف باعتداله واستقلاله في الأمور الدينية وشؤونه السياسية ولا ينتظر الدروس في هذا المجال من أحد، فمبروك علينا الانسحاب من المسرحية التي اختطفوها لتأجيج مناهضة الإسلام في أوساط مجتمعاتهم. والحسابات مع الحكومات الفرنسية ما زالت معلقة وسيأتي يوم لمحاسبتها على كل ما اقترفته من البشعات والإرهاب في بلدنا الغالي والغني إن شاء الله.

الدكتور عبد الغاني بوشوار-باحث وأستاذ العلوم الاجتماعية

جامعة ابن زهر-اكادير

ملاحظة: أميز بين الحكومات وشعوبها التي تسعى إلى حياة آمنة مطمئنة مثل جميع الشعوب الإسلامية، بل إن جميع شعوب الأرض ليست إلا أمة واحدة.







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.