السبت 27 أبريل 2024| آخر تحديث 9:00 09/24



الأستاذ.. ذلك الإنسان

الأستاذ.. ذلك الإنسان

______________________599746827

افتتح الموسم الدراسي الحالي على وقع منع تراخيص متابعة الدراسة عن موظفي وزارة التربية الوطنية، ولوحت الحكومة بعصا تمديد سن التقاعد لملء الصناديق الفارغة، وتكالبت الأقلام المأجورة على نهش لحوم من حملوا السلاح في الثغور ضد أفتك أعداء الأفراد والشعوب، كأنهم فيروس “إيبولا” الذي سبقت دعايته مخاطره، وتحول المدرس من ملقن للعلم والمعرفة إلى حارس يحرس النشء الذي لفظته الأسر المنهكة نحو المدارس العمومية ولو لحين.

   مؤشرات دقيقة كلها تدعو للتأمل وإعمال الفكر لاستخلاص العبر، سيما وأن الجميع مقر بفشل سياسة الحكومات المتعاقبة على هذا القطاع الحيوي، وهو ما أكده التقرير الأخير الصادر عن المجلس الأعلى حول واقع التعليم بالمغرب، رغم المخططات والدراسات والنقاشات التي تصاحب كل دخول تربوي جديد بإشراك الفرقاء الاجتماعيين وبدونهم.

   وما زال الأستاذ ذاك المشجب الذي تعلق عليه الذنوب والخطايا، وذاك “الحائط القصير” الذي يتطاول عليه كل من هب ودب بمن في ذلك الدهماء ورعاع الخلق، تكريسا لفكر الانحطاط والتخلف، إذ لا خير في أمة لا تحترم معلميها.

   ومما يزيد الطين بلة، الانفصام الخطابي الذي نلمسه من القائمين على هذا الشأن حول ضرورة الاهتمام بقطبي العملية التعليمية-التعلمية (الأستاذ والتلميذ)، فيما تنصب الوقائع لصالح المسكوت عنه، وأكبر الأدلة على هذا حرمان هيئة التدريس من تراخيص متابعة الدراسة كخطوة جريئة تعيد مكتسبات الشغيلة التعليمية نحو الوراء وتجعل السؤال الصعب حاضرا بقوة عن مدى جدية خطاب إصلاح قطاع يستنزف من ميزانية الدولة الكثير، ويخرج أفواجا من الباحثين عن الذات مع نهاية كل سنة دراسية.

   ورغم أن المركزيات النقابية سارعت إلى “الشجب القوي” لهذا القرار المجحف، فإن الأمر سار مفعولا تطبع معه الجميع على أرض الواقع، فلم يتوصل رجال التعليم بتراخيصهم لاستكمال حقهم المشروع في التعلم، الشيء الذي يؤثر سلبا في مردوديتهم المعرفية داخل وخارج حجرة الدرس ضدا على التوجيهات الرسمية الداعية إلى الإبداع والابتكار وملازمة التكوين الذاتي المستمر.

   ولو فكر مسؤولونا بصدق في كل الأحداث المصاحبة لما أشرنا إليه أعلاه، والتي أزكمت الأنوف بانتشارها المهول على صدور الجرائد والنشرات وتقارير المواقع الإلكترونية الإخبارية لاكتشفوا مدى قسوة الضيم الذي لحق بالأستاذ الإنسان، ولاستطاعوا إذ ذاك إخراج كتاب رائع للوجود تتذكره الأجيال القادمة بعنوان “الأستاذ.. ذالك الإنسان”، على غرار ما فعله الطبيب الفرنسي الحائز على “نوبل” سنة 1912 “ألكسي كاريل”، لما أضناه البحث في المختبرات عن هوية الإنسان ليخلص في النهاية إلى نتيجة رائعة مفادها: “الإنسان.. ذلك المجهول !!”.

 احمد اضصالح







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.