الثلاثاء 3 يونيو 2025| آخر تحديث 4:45 06/01



نحو نموذج عمراني أكثر استدامة: ندوة علمية بأكادير تسلط الضوء على تحديات البناء المستدام بجهة سوس ماسة

نحو نموذج عمراني أكثر استدامة: ندوة علمية بأكادير تسلط الضوء على تحديات البناء المستدام بجهة سوس ماسة

في سياق وطني ودولي يتجه نحو ترسيخ مبادئ التنمية المستدامة والتصدي للتغيرات المناخية، شهدت قاعة الندوات بمدينة المهن والكفاءات بأكادير، يوم الثلاثاء 27 ماي 2025، تنظيم ندوة علمية تحسيسية تحت عنوان: “البناء المستدام في جهة سوس ماسة: من التحديات البيئية إلى الحلول الترابية”، من تنظيم جمعية تقنيي قطاع البناء والأشغال تيزنيت، وذلك في إطار مشروع “سفراء البناء المستدام”، بدعم من برنامج “أمل” الذي تشرف على تنفيذه منظمة الهجرة والتنمية بشراكة مع الوكالة الفرنسية للتنمية.

التكوين من أجل الوعي والممارسة

جاء تنظيم هذه الندوة كإحدى محطات مشروع تكويني وتوعوي يستهدف الرفع من الوعي البيئي لدى التقنيين والمهنيين والطلبة في قطاع البناء، وتعزيز كفاءاتهم في مجال البناء المستدام. المشروع، الذي اختار له منظموه شعار “سفراء البناء المستدام”، يهدف إلى تكوين جيل جديد من الفاعلين المحليين، القادرين على تبني ممارسات مسؤولة بيئيا داخل اوراش ومشاريع البناء، والذين يمكنهم لاحقا لعب أدوار تحسيسية وميدانية في مجتمعاتهم المهنية.

الندوة شكلت مناسبة لتجميع مختلف الفاعلين من أكاديميين، ممارسين، ومهتمين، حول طاولة واحدة لطرح القضايا الكبرى التي تواجه الجهة في علاقتها بالبناء وتدهور الموارد، وتقديم رؤى وحلول واقعية تستند إلى خصوصيات سوس ماسة وإمكاناتها المحلية.

محاور متعددة ومقاربات علمية

وقد أغنى اللقاءَ حضورُ ثلة من الأكاديميين والخبراء الذين تطرقوا لمواضيع دقيقة ومتكاملة، من أبرزهم:

الدكتور وحيد العصري، أستاذ باحث بجامعة ابن زهر، الذي تطرّق إلى أهمية البناء المستدام في سياق التغيرات المناخية وتدهور النظم البيئية بجهة سوس ماسة، مؤكدا أن التحول نحو ممارسات مسؤولة لم يعد خيارا بل ضرورة مجتمعية.

الدكتور سعيد باجي، مهندس وخبير في الهندسة المدنية والطاقية، استعرض آفاق الاعتماد على المواد المحلية والتقنيات الأصيلة في كأساس لبناء منخفض التأثير البيئي، يراعي السياق الترابي والموروث المعماريوغي جهة سوس ماسة.

الدكتور عبد الحكيم البوركي، أستاذ بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، أبرز أهمية إدماج بعد الاستدامة في تكوين المهندسين والتقنيين، باعتبارهم واجهة تنزيل التصورات البيئية على أرض الواقع.

الدكتور عبد الرحيم بلعبيد، أستاذ مكون بالمعهد المتخصص في التكنولوجيا التطبيقية تدارت باكادير، سلط الضوء على البعد الاقتصادي للبناء المستدام، باعتباره فرصة لتثمين الموارد المحلية وخلق مشاريع تنافسية وصديقة للبيئة في آن واحد.


تفاعل ونقاشات فتحت آفاقا جديدة

تفاعل الحاضرون مع المداخلات كان لافتا، حيث عبّر العديد من المتدخلين من المتدربين والمهنيين والطلبة عن تطلعهم إلى إدماج حقيقي لمبادئ البناء المستدام في مناهج التكوين وفي الممارسات اليومية بالمشاريع. كما أجمعت أغلب التدخلات على ضرورة دعم هذا التوجه من طرف مختلف الفاعلين، بما في ذلك الجهات المسؤولة والمؤسسات التعليمية والمهنية.

ولم تخل النقاشات من الإشارة إلى معيقات بنيوية تعترض الانتقال إلى نموذج بناء أخضر، منها غياب التحفيزات، وقلة التكوينات المتخصصة، والحاجة إلى تأطير قانوني وتشريعي أكثر وضوحا في هذا المجال.

أفق مفتوح على مشاريع مستقبلية

الجمعية المنظمة عبّرت في كلمتها عن امتنانها للشركاء، كما جددت التزامها باستثمار هذه الدينامية في مبادرات ومشاريع مستقبلية، توسع دائرة التأثير، وتعزز ثقافة البناء المسؤول بيئيا، في أفق بلورة نموذج تنموي جهوي يرتكز على الاستدامة.

هذا اللقاء، وإن كان آخر محطة ضمن برنامج “سفراء البناء المستدام” في صيغته الحالية، إلا أنه مثل نقطة انطلاق جديدة لمسار واعد، يراهن على الوعي، والمعرفة، والممارسة الميدانية، كأدوات أساسية لبناء مستقبل عمراني يحترم البيئة ويستجيب لتحديات الجهة ومؤهلاتها.







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.