أول صاحبة كروسة بسوق الخميس بتيزنيت

لم يمض على ظهورها إلا شهر تقريبا حتى غدت حديث كل متسوق بائعا كان أو مشتريا، تتنقل بين بائعي الخضر والفواكه باحثة عن أكياس ممتلئة تحملها على نقالتها أو عربتها اليدوية البسيطة، وكما كانت حديث كل لسان حين برزت كانت كذلك حين اختفت هذه الأيام مباشرة بعد دخول رمضان تاركة في ذهن العديد تساؤلات وعلامات استفهام: هل تركت السوق نهائيا أم أنها أخذت عطلة وستعود لأن العمل مضن في رمضان؟ أم أن المشكل هو المنافسة التي لاقتها مع حلول العطلة حيث يغلب أصحاب العربات من تلاميذ المدارس على الزبائن وأنت تسمع كل دقيقة: كروسة أسي محمد؟ أم هي النظرات والعيون المارقة والألسن المتحدثة التي تجعلها مادة دسمة لحديث الباعة كما المشترين؟ أم لأن عوائد هذه الحرفة لا تجدي ولا تغني؟

إنها شابة في ريعان الشباب بمظهرها الرجولي وهندامها الذي لا يتغير كأنه لباس عمل دائم، تعتمر قبعة سوداء، تقابلك بقسمات وجهها الأنثوية الحادة، سجلت اسمها في تاريخ تيزنيت كأول من دخلت السوق بعربتها وخرقت عادة، وولجت حرفة، طالما كانت حكرا على الأطفال والرجال ، وقد حاول الكثير من الزبائن تشجيعها وتحفيزها رعاية لظروفها وعطفا على حالها، لكن يبدو أنها قد سئمت هذا العمل الذي كان الداني والقاصي يعرف توقيتها، إذ كانت جدية في عملها متأدبة في طلبها عند تقديم الخدمة وغير آبهة بالأصابع التي تشير إليها، وتروح قبل الجميع في احترام لنفسها، فهل هذه لحظة عابرة من حياتها أم أن الصيام وكثرة الأعباء المنزلية هو السبب الذي أثناها عن العمل في هذا الشهر المبارك ؟ هكذا دخلت الشابة في صمت وخرجت في صمت وقد سطرت نوائب الدهر خطوطها على ملامحها وسطرت هي على أرضية السوق معالم مرورها بعجلات عربتها.