
ذ. سعيد رحم
يبدو أن المغرب على موعد مع أصدق مكتب دراسات في تاريخه، مكتب دراسة أكثر احترافية ومهنية ..دعكم من فذلكات مكاتب الدراسات التي تتعاقد معها مجالسنا الجماعية و الإقليمية وعمالتنا ووزارتنا، فنحن الآن أمام مكتب دراسات يحمل اسم كورونا ويعد تقاريره ودراساته بمهنية عالية ودقة منقطعة النظير، وبدون ضغوطات ولا إملاءات من أحد، فهو بصدد تشخيص الواقع كما هو بقضه وقضيضه بفجوره وتقواه..
مكتب دراسات لا يرأسه موظف كبير غادر ريع الصفقات من الباب ودخلها من نافذة ريع الدراسات المنتقاة والمشتراة، ولاهو يؤمن بدجل القدرات الخارقة لخبراء البرامج الاستعجالية والمخططات الخماسية التي تتوج نتائجها في جرائم الفساد المالي..
مكتب دراسات كورونا يشخص الآن أعطاب الدولة والمجتمع، يكتشف مكامن الضعف ومكامن القوة، يحصي الفرص المهدورة ، و يكتب ملامح الرهانات الممكنة ..يكتب “تقرير خمسينية” جديدة بدقة عالية ، ويعفي لجنة النموذج التنموي من البحث عن إجابات فوق التاريخ والواقع والمجتمع..
مكتب دراسات كورونا صادم للدولة واختيارتها الاجتماعية والاقتصادية، ويذكرها ان المقاربة الأمنية التي أولتها الدولة الأهمية لسنوات هو وحده الحل الممكن الآن الذي أمامها ولا خيار آخر أمامها.. في حين سيظل ضعف المنظومة الصحية وهشاشة الحماية الاجتماعية أكبر تمظهرات فشل الدولة أو بالأصح غيابها..
مفارقات كثيرة مؤلمة وساخرة يضعها “مكتب الدراسات كورونا” أمامنا.. من بينها خرافة العدالة المجالية ببلادنا، حيث لأول مرة تنصفنا “لاعدالتنا المجالية” ونكتشف بعض امتيازاتها الغريبة ، وهي تجعل مناطق في حد ذاتها تملك مسبقا كل إمكانيات عزلها اقتصاديا واجتماعيا عن محيطها الجهوي والوطني، وتستحق جدارة التتويج بزيرو كورونا، لأنها اصلا معزولة وخارج كل ديناميات النشاط الاقتصادي والاجتماعي من الحسيمة مرورا بافني وصولا إلى تيزنيت..فهي مناطق معزولة رسميا ووجوديا قبل أن تعزلها متاريس السلطات في مواجهة كورونا.
مكتب دراسات كورونا اجتهاد ودرس من الطبيعية ليتوقف كل شيء، ويقيم كل شيء، وترتب الرهانات والأولويات..لأن “الله لا يلعب النرد” كما يقول اينشتاين!
تعليقات