السبت 27 أبريل 2024| آخر تحديث 7:48 05/14



صيانة الرداءة الجبائية

صيانة الرداءة الجبائية

اجتمع كل من يفقه ومن لا يفقه في المجال الجبائي بقصر المؤتمرات بالصخيرات من أجل المناظرة الوطنية للجبايات،; حيث حضر الجميع وفي جعبته ما يقول في موضوع أصبحت أهميته بادية للعيان (وحتى لمعيانش)، الأمر يتعلق بتمويل ميزانية الدولة، بفريضة دستورية بأدائها تصح بقية الواجبات الوطنية و بتركها تسقط كل الحقوق.
بحكم معرفتي بخبايا “النظام الجبائي” الوطني كنت أعتبر الحدت كبيرا وتاريخيا وتيقنت أنها فرصت ذهبية للحومة لتناقش برنامجها في هذا المجال مع الفاعلين خاصة أنها فرصة لا تتكرر إلا ناذرا، تزاحمت الأفكار في رأسي وتخيلت أن خلاصة المناظرةستضم لامحالة ما يلي:
* إقرار الضريبة على الثروة
*إقرار الضريبة على الإرث
*إقرار الضريبة على المضاربة
* إقرار الضريبة على القطاعات المعفية بدون جدوى (34 مليار ذرهم من الإعفاءات(
*تجريم التهرب الضريبي
* إقرار الضريبة على القيمة المضافة للمواد التكميلية PRODUITS DE LUXE
لكن في الأخير تكلم السيد رئيس الحكومة وقراء كل من جاء بعده الأوراق التي وضعها أمامه، وشربوا الشاي وتبادلوا الضحكات في ديبلوماسية زائدة وقرأ السيد الوزير خلاصة المناظرة و كان أهم ما جاء فيها:
• إيجاد توازن في ھیكلة الموارد الجبائیة ببن الضرائب المباشرة والغیر مباشرة
• الحد بشكل تدريجي من الاختلالات التنافسية الناتجة عن تعدد النفقات الضریبیة والإعفاءات التي تستفید منھا بعض القطاعات.
• اعتماد منھجیة تدریجیة لتضریب القطاع الفلاحي تأخذ بعین الاعتبار خصائص القطاع
*إحداث ضریبة على التضامن
* وضع سیاسة شمولیة ومتوافق علیھا لمعالجة القطاع غیر المھیكل
*وضع تدابیر تحفیزیة لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة

لا أدري هل هن هناك في هذه الحكومة من يعلم أن المجلس الاقتصاديوالاجتماعي أصدر تقريرا رائعا عن هذا الموضوع حيث بين بوضوح مكامن الخلل وأشار إلى الطريق السليم للخروج من هذا النفق الجبائي. هذا التقرير واقتراحاته لم نجد لهاأيضا أثرا في القانون المالي الأخير والعجيب في شقه الجبائي.
لا أدري هذه الحكومة أن السياسة الجبائية سياسة عمومية يمكن أن تساهم في تشجيع الاستثمار والشغل وأن العنصر الجبائي أساسي في عملية صناعة القرار الاقتصادي و الاجتماعي.
لا أحب أن أسمي الترسانة القانونية الجبائية المغربية ب”النظام الجبائي” لأن لا شيء فيها منضم، المطلعون على المدونة العامة للضرائب و قانون الجبايات المحلية يدركون أن النصوص الجبائية لا تخضع لمنطق فلسفي واضح هي أقرب الى مجموعة من الفقرات لردع الملزمين لا غير و بمعجم مختلف من ضريبة إلى أخرى ومناشير إدارة الضرائب تجعل الفهم أصعب وأعقد.
المدونة العامة للضرائب هي أصلا تجميع لقوانين كانت في الأصل مستقلة، ومن كترث التغيرات في كل القوانين المالية صارت التغييرات أكثر من النص الأصلي.
الإصلاح ليس تغيير نسب الضرائب أو سحب الإعفاءات بل ينطلق من دراسة تأثير القرار الجبائي على قرارات ورد فعل الملزمين، لا يمكن أن يكون هناك إصلاح ضريبي دون إغضاب المستفيدين من رداءة نظامنا الجبائي. قد نقبل ألف عذر لكي لا يكون هناك إصلاح، لكن رجاء لا تحاولوا أن تسموا إصلاح الرداءة إصلاحا. محمدصلوح