
احتضنت قاعة الاجتماعات بجماعة أربعاء رسموكة إقليم تيزنيت ، مساء يوم الإثنين 30 يوليوز 2018 ، أشغال المُحاضرة العلمية التي نظمها مركز إرسموكن للبحث والتوثيق تحت عنوان : ” المدارس العتيقة”، وذلك على هامش فعاليات النسخة الثالثة لمهرجان دلاح إرسموكن .
وقد أشرف على تأطير الندوة كل من الأستاذ الباحث ” أحمد إد صالح ” ، و الطالب الباحث ” كريم بوريش ” و الطابة الباحثة ” هنية بومحاش ” .
حيث تطرق الأستاذ عبدالله جاكور ” عن مركز إرسموكن للبحث والتوثيق في المداخلة الأولى خلال الندوة إلى الحديث بإسهاب عن المدارس العلمية العتيقة ودورها السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي بسوس خلال القرن العشرين ، مدرسة “دو درار ” نموذجا ، بإعتبارها من منابع العلم و منارة الفكر حيث استرسل الأستاذ المحاضر للحدث عن مجموعة من الأدوار و المهام التي التي كانت تضطلع بها المدرسة العلمية العتيقة ” دو أدرار ” أنذاك ، حيث كانت قلاعا حصينة للعلم والمعرفة الدينية والدنيوية، وفضاءات مارست ولازالت تمارس وظائفها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية والحفاظ على خصوصيات الهوية وتعميق الارتباط بكل ما هو أصيل .
فيما انصبت مداخلة الأستاذ الباحث ” أحمد إد صالح ” في الحديث عن المدارس العلمية العتيقة بسوس و دورها في التحولات الاجتماعية و الثقافية بالجنوب المعربي ، مدرسة سيدي أحمد أوموسى نموذجا .وركز الأستاذ المحاضر في محاضرته عن الحديث عن مدرسة سيدي أحمد أوموسى تاريخها و أدوارها باعتبارها ذاكرة حية وشاهدا تاريخيا اختزن ولازال سلسلة من المحطات التي أثرت أدوارها بشكل جلي في مجالات عدة داخل المجتمع .
وكان الشق الذي أخد حيزا كبيرا في محاضرة الأستاذ ” إد صالح ” ، هو حديثه عن التحولات الاجتماعية و الثقافية التي أفرزتها نشأة مدرسة سيدي أحمد أوموسى منذ القرن العاشر الهجري ، وما تلا ذلك من تغيرات في البنية الاجتماعية للمنطقة بعد مناصرة مؤسس المدرسة لقبائل على أخرى وأعطى الأستاذ مثال مناصرة أحمد بن موسى لقبيلة “إمجاض” على قبيلة “أيت حربيل” .
وأشار الأستاذ ” أحمد إد صالح ” أن مدرسة سيدي أحمد أوموسى ساهمت كذالك في تغيير البنية الديموغرافية اجتماعيا في بلاد تازروالت بعد أن كانت مقسمة بين ثلاثة قبائل ( أيت حربيل ، إمجاض و أيت جرار ) ، كما أن أحمد بن موسى ،يضف ” إدصالح “، لعب دورا كبيرا في محاربة و تغيير مجموعة من الأعراف و المعتقدات التي كانت سائدة في قبيلة ” أيت حربيل ” .
وفي معرض حديثه عن التحولات التي أنتجتها بناء المدرسة بتازروات ، هو أنه تأسست في المنطقة قاعدة أصيلة تتمثل في احترام المشايخ من طرف المريدين وضرب أمثلة لذلك فاستشهد على سبيل المثال بسيدي “ايحياء أويدير” و “عبدالرحمان المسكدادي” وهما معا من تلامذة الشيخ أحمد بن موسى السملالي ، وقال عنهم ” إد صالح ” أنهم أسسوا لمنطق جديد و تغير ملموس على المستوى الديموغرافي .
كما تطرق الطالب الباحث ” كريم بوريش ” في مداخلته للمدارس العتيقة في سوس الأقصى بين التأطير الديني و التمويل القبلي و قدم شرحا مفصلا لنشأة المدارس العلمية العتيقة بسوس ، و تحدث باقتضاب عن بعض المدارس العلمية العتيقة بسوس الأقصى كمدرسة سيدي وكاك و تنكرت و إغشان ..وأشار إلى بعض العلماء و الفقهاء الذين أنجبتهم ، ثم عرج ليتحدث عن التمويل القبلي الذي كان يخصص لهذه المدارس بربوع سوس لأجل ضمان استمرار هذه المؤسسات في آداء وظيفتها من خلال الوقوف عن كيفية مساهمة القبيلة في تمويل مدرستها العتيقة كمؤسسة جماعية ( مصادر التمويل ) و كيف يساهم الفقيه و طلبة المدارس في التدبير معا لشؤون القبيلة.ولم يفت للمحاضر أن يتحدث عن التحولات التي عرفها نظام التمويل نتيجة تحول البنيات الاجتماعية و القبلية في مناطق انتشار هذه المدارس و التي أرخت بظلالها على هذا النظام الذي زاد من حدة تغيراته سعي الدولة إلى هيكلة التعليم العتيق وجعله موازيا للتعليم العصري .
أما المداخلة الرابعة فتحدثت فيها الطالبة الباحث في سلك الدكتورة ” هنية بومحاش ” عن اسهام المدارس العتيقة في حل النزاعات المائية سواء في حال الوفرة أم الندرة ، بحيث أكدت الطالبة المُحاضرة أن هذا الأمر يؤدي إلى نزاعات و اصطدامات بين الساكنة لا يحلها أنذاك إلا فقهاء و خريجي المدارس العلمية العتيقة ، وعززت ” بومحاش ” ما ذهبت إليه في محاضرتها ، بمثالين للمدارس العتيقة التي لعبت ذلك الدور فاختارت مدرسة بإقليم تيزنيت و بالضبط بجماعة أربعاء أيت أحمد ( الأزاريفية ) و إحدى المدارس العتيقة بإقليم تارودانت .
بعد انتهاء المداخلات الخاصة بهذه المُحاضرة تم فتح باب المناقشة، وقد جسدت ملاحظات وتساؤلات الحاضرين نوعا من الثراء المعرفي باعتباره رهانا من رهانات هذا اللقاء العلمي .
الحسين كافو – تيزبريس
تعليقات