
في إطار أنشطة فعاليات الدورة الرابعة لملتقى “أملال” للشباب المبدع ، احتضنت دار الثقافة محمد خير الدين بتيزنيت، مساء أمس السبت ، ندوة علمية عرفت حضورا نوعيا ومتميزا من أساتذة وباحثين و طلبة ومهتمين بالشأن التاريخي ، حيث قاربت موضوع “العلاقات التاريخية بين سوس و الصحراء” بمشاركة جمعية “أصدقاء طرفاية لإحياء التراث”.
الندوة أطرها كل من الأستاذ ” أحمد بومزكو ” أستاذ مكون في التاريخ و الأستاذ ” مربيه ربه شيبة” رئيس جمعية أصدقاء طرفاية لإحياء التراث و الأستاذ “الحسين ادهمون” باحث باعمراني في التاريخ ، حيث عرضوا خلال أشغالها عدة حقائق و معطيات تاريخية أبرزت العلاقة التاريخية الوطيدة بين سوس والصحراء .
استهلت الندوة أشغالها بكلمة ترحيبية للأستاذ ” مصطفى السوسي ” رئيس جمعية تمونت إرسموكن للتنمية ،نوها من خلالها و شكر الحاضرين الذين لبوا دعوة المشاركة في هذا اللقاء العلمي. وأشار إلى أن أنشطة الجمعية المبرمجة في إطار هذه الدورة الرابعة، أساسية و فعالة وهادفة تمس عدة مجالات و تستهدف تعزيز الوعي الثقافي الجاد و تشجيع الطاقات الإبداعية بالمنطقة .
أول مداخلة كانت للأستاذ ” أحمد بومزكو ” حيث أشار أن العلاقات التاريخية بين سوس و الصحراء انبته لها مجموعة من الباحثين و الجهات و المؤسسات في اصدارات و لقاءات علمية عديدة واعتبر ” بومزكو” أن هذه العلاقة لايمكن حصرها في زاوية واحدة ولا في مجال معين بل لها أوجه متعددة وأوسع في سياقات زمنية مختلفة .
وتطرق الأستاذ المكون في مادة التاريخ ،في حديثه عن العلاقة بين سوس الصحراء، للتمازج الثقافي الروحي السياسي الجهادي الإقتصادي الإثني بين هاتين الضفتين ، و تحدث بإسهاب عن التلاحق من الناحية المجالية و الإثنية و ركز عن الجبل و السهل في ترابطه بين الصحراء و سوس .
وأكد ذات المتحدث أن غالبية ساكنة سوس حاولت أن تنتقل إلى الصحراء لتتعايش هناك نظرا لمجموعة من الظروف القاهرة ( الطاعون الأسود..)، وحاول الأستاذ المحاضر أن يقارن هذا الأمر بفترات تاريخية وركز على الفترة الوسيطية التي كانت خزان بشريا بالنسبة للصحراء ليتحدث بعد ذلك عن الوحدة السياسية و المذهبية التي ميزت فترة من الفترات التاريخية الوسيطية خاصة الفترة المرابطية بمجيء الزعيم الروحي ” عبدالله بن ياسين ” الذي حاول القضاء على عدد من البدع و توحيد الرُؤى المذهبية بين الجنوب و سوس .
وحاول الأستاذ ” بومزكو ” في الأخير مقاربة العلاقة بين الصحراء و سوس من خلال استحضار أحداث تاريخية في القرن السابع عشر و التاسع عشر ، خاصة بمجيء “أبو حسون السملالي” و ” الحسين أوالهاشم ” هذا الأخير الذي قام بتدبير محكم و نموذجي للمجالين من خلال دار ” اليغ ” .
أما الأستاذ ” مربيه ربه شيبة” رئيس جمعية أصدقاء طرفاية لإحياء التراث ، فقد خصص مداخلته للحديث في البداية عن قبائل سوس و الصحراء من حيث مقاومة المستعمر مستشهدا بعدد من المعارك التي ميزت المقاومة المغربية في فترات تاريخية سابقة .
وأشار” مربيه ربه شيبة” في مداخلته أن مقاومة سوس و الصحراء ، و التي انتهت سنة 1934 ، تميزت عن باقي المقاومات على صعيد ربوع الوطن و خالفتها في الوسط و الشمال بكونها آخر من يضع السلاح في وجه المستعمر .
وعرج الأستاذ المحاضر للحديث عن المدارس العلمية المتعددة واعتبر أن سوس و الصحراء مجال لمدرسة جهادية و فكرية و الدينية و الإجتماعية .
ولم يفت للأستاذ ” مربيه ” أن يشير أن أن هناك الكثير من الأمازيغ حاولوا أن يتتلمذوا اللهجة الصحراوية و تظموا أشعارا بالشعر الصحراوي الحساني و نفس الشيء ينطبق على أبناء الصحراء الذين قدموا إلى سوس وحاولوا أن يتقنوا اللغة اللغة الأمازيغية .
واستدل الأستاذ في الأخير عن هذه العلاقة الوطيدة المترابطة بين سوس و الصحراء ، بعدد من علماء سوس أمثال سيدي الحسين الإفراني و المختار السوسي و الدرقاوي ..
وعرفت المداخلة الثالثة مشاركة الأستاذ “الحسين ادهمون” ، وهو باحث باعمراني في التاريخ ، حيث تناول في مداخلته و بإسهاب الحديث عن قبيلة ” أيت الخمس ” بأيت بعمران و علاقتها بسوس و الصحراء ، و تحدث عن علاقة أيت الخمس بسوس قبل الإستقلال من خلال المشاركة بجل المعارك بالمنطقة حيث ذكر الأستاذ مساهمة أيت الخمس في نصرة الشيخ أحمد الهيبة و أخيه مربيه ربو بسوس وأشار إلى معركة أكلو و أمانوز و سيدي بوعثمان و ارسال الزكاة و “العشور ” إلى كردوس و تارودانت .
وعرفت الندوة نقاشا موسعا اعتبارا لكون الحضور يمثل أساتذة و باحثين و مهتمين بالتاريخ إضافة الى بعض الطلبة الذين تابعوا الندوة.
وفي الاخير اختتمت الندوة بكلمة للجمعية المنظمة التي نوهت بمؤطري هذا اللقاء العلمي و بدقتهم في التقديم ، وقدمت تذكارين بالمناسبة لكل من الأستاذ ” مربيه ربه شيبة” رئيس جمعية أصدقاء طرفاية لإحياء التراث و الأستاذ ” أحمد بومزكو ” أستاذ مكون في التاريخ .
تعليقات