دقق عبد الله بوانو رئيس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، في حوار مطول أجراه مع أسبوعية “لوروبورتير” الفرنكوفونية في عددها الصادر بتاريخ 15 نونبر، في النقط الإيجابية والنقط السلبية لمشروع قانون المالية 2013، كما علق على القضايا السياسية الراهنة؛ كموقفه من الإصلاحات الاستحقاقات الجماعية، وتعويضات البرلمانيين، وأحزاب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاستقلال والأصالة المعاصرة، وكريستوفر روس، وإعادة فتح الحدود مع الجزائر…
يعد مشروع قانون المالية 2013 هو الأول من نوعه في عهد حكومة ابن كيران، فما هي خصائصه؟ وأين تتجلى مواطن قوته؟ وكذلك نقط ضعفه؟
بالفعل، هذا هو أول مشروع قانون مالية تم إعداده كاملا من طرف الحكومة الحالية. وهو يحتوي على عدة مقتضيات من شأنها أن تساعد على تنزيل الدستور وتطبيق العمل الحكومي.
هلا بدأنا بالنقط الإيجابية في هذا القانون؟
يركز المشروع على مبدأ التضامن وهو تصور ما أحوج البلاد إليه. ذاك أن الدستور المغربي ينص على ضرورة مشاركة كل واحد منا في هذا التضامن، كل على قدر استطاعته، لأن المجتمع المغربي في حاجة اليوم إلى تضامن فعلي. وهذا المشروع المالي يأخذ بعين الاعتبار الفئات المحرومة في المجتمع سواء الفقراء أو المهمشين على المستوى الترابي وكذلك الاجتماعي، وذلك بواسطة الصناديق المخصصة لهم.
وماذا عن الطبقة المتوسطة التي قد تزداد ضعفا بدل من دعمها؟
لقد اهتم مشروع قانون المالية بهذه الفئة أيضا من خلال تحفيزات على مستوى الصحة والسكن مثلا. ويولى اهتمامه كذلك بالمقاولات الصغرى والمتوسطة عن طريق التخفيف من العبء الضريبي و مسائل أخرى مرتبطة بالقوانين ذات الطابع التنظيمي.
وبالنسبة للشق المتعلق بالاستثمار؟
يهتم مشروع المالية كذلك بالاستثمار الخالق للثروات وفرص الشغل. فهو يخلق 24 ألف منصب شغل بالرغم من استفحال الأزمة الاقتصادية التى يعرفها المغرب.
ما الجديد الذي حمله مشروع قانون المالية 2013؟
يتجلى الجديد الذي حمله مشروع قانون المالية لسنة 2013 في تقسيم جديد و توزيع محكم للنفقات.
هل يحمل قطيعة مع الممارسات القديمة؟ وإذا كان الأمر كذلك، في أي اتجاه ؟
كان التقسيم والتوزيع في الماضي خاضعا لمنطق خدمة الأقوياء على حساب الضعفاء سواء في القطاعات الوزارية أو في المجالات الترابية.
وفي المشروع المالي الجديد؟
اليوم، توزيع النفقات يستجيب لمبدأ الاندماج بين القطاعات.
وبالنسبة للميزانيات المختلفة الأخرى؟
المشروع الجديد غير مطلقا مجال التدخلات لعدد من هذه الميزانيات وأحدث تكاليف جديدة كالتي طبقت على الرمال والحديد مثلا. يتعلق الأمر بعشر صناديق عرفت تغييرا في الفلسفة المنظمة لها وكذا مجال تدخلاتها.
تؤاخذون الحكومة على عدم الإشعار بموعد الانتخابات الجماعية القادمة في مشروع قانونها لمالية 2013 ؟
كلنا متفقون على أن سنة 2013 ستكون سنة الانتخابات سواء الجماعية أو تلك المتعلقة بانتخاب أعضاء الغرفة الثانية. وأنا أرى أنه كان من الأجدر الإشارة إلى تاريخ هذه الاستحقاقات في مشروع قانون المالية وإلى التكاليف المرتبطة بتنظيمها. يجب كذلك الاهتمام بالملفات الكبرى وبصندوق المقاصة … كنا نود لو أن مشروع هذا القانون أشار إلى هذه الاستحقاقات بكيفية واضحة و مركزة.
هل هناك قنوات أخرى من أجل ذلك إذا ؟
صحيح أننا على موعد خلال السنة المقبلة مع القانون التنظيمي للمالية، ومناظرة حول قانون الضرائب… إلا أن هذه المواعيد لم تكن لتمنع الإشارة إلى الإعفاءات الضريبية، مثلا، في مشروع هذا القانون المالي حتى يتأتى مناقشتها وتقييم مردوديتها الاقتصادية والاجتماعية وتأثيرها على التشغيل.
وما قصة الصناديق السوداء التي أثارها رفيقكم البرلماني “أفتاتي” أمام لجنة المالية في فاتح نونبر 2012 ؟
فيما يخص وزارة المالية والصناديق الثلاث التي تتوفر عليها؛ وهي الضرائب والخزينة العامة والجمارك، ننادى بأن ندخلها فى الميزانية العامة وأن تصبح المداخل والنفقات معروفة في إطار الشفافية التامة. والحالة أننا لا نتوفر على معلومات ومعطيات مضبوطة في هذا الشأن (على عكس الصناديق التسعة والسبعين الموجودة)، ودلك طبقا لمبدأ ميزانية موحدة، وشفافة، وتخدم المواطن.
انتقدتم زميلكم “عزيز الرباح” وزير التجهيز والنقل لعدم ذهابه إلى أقصى حد في نشر أذونات؟
ما قلته هو أنه على الحكومة أن تتهيأ للضجة التي من شأنها أن ترافق محاربتها للفساد. وقلت إن الحكومة التي تنجح هي تلك التي تتعرض للضغوطات من طرف معارضيها والمستخفين بها. وقلت كذلك إنه ، صحيح، من شأن هذه الضغوطات أن تؤثر على وثيرة محاربة الرشوة أو إيقافها بالمرة، ولكن ليس على عزيمة الرباح في محاربته للفساد، بل يجب ألا يتردد ويواصل نشر لائحة المستفيدين في أذونات النقل ولا يتخوف من محاولات التشويش، مع العلم أن البرلمان والمجتمع والشعب ونحن كذلك كلنا معه ونسانده.
هل تقصدون بالتشويش المعارضة ؟
لا أبدا، المعارضة جزء لا يتجزأ من العمل السياسي ليس فقط دستوريا ولكن كذلك على مستوى النقد الصادر منها و هو نقد إيجابي. ولكن هناك آخرون لا يرمون سوى إلى التشويش باللجوء إلى مجموعة من الوسائل بدلا من تقديم مقترحات.
تعنى أن التشويش لا يأتي فقط من المعارضة ؟
أقصد، بالأحرى، بضع الأطراف، وهي شخصيات نافدة ومؤسسات ليس من مصلحتها أن يتقدم مسلسل الإصلاحات وينجح، ويبدلون ما بوسعهم لفرملته والتقليص من إيقاعه أو إيقافه بالمرة.
من هي هذه الأطرف التي تقاوم مسلسل الإصلاح على وجه التحديد؟
يظهرون من وقت لآخر من خلال وسائل الإعلام، ومن خلال المواقف التي يتخذونها في حالات معينة.
هل تلمحون إلى الوضعية السائدة فى وزارة العدل والحريات المسيرة من طرف مصطفى الرميد ؟
– وأعتدر على ما سأقوله – إنما أنا أصف ما يحدث اليوم بهذه الوزارة بالتشويش والإخلال، لأن المطالب النقابية شيء وعرقلة الإصلاحات شيء آخر.
في سياق هذه الأزمة الدولية، هل مازلتم متفائلين لمعدل النمو الذي أعلن عليه حزبكم خلال الحملة الانتخابية؟
نحن متفائلون و سوف نبقى كذلك لسبب هام وهو هذا النفس الجديد وهذه الإرادة الحكومية لمحاربة الرشوة، وهو ما سيضمن جزء هام من المداخل. كما ستساهم المحاربة في النمو، وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة. وكل هذا سيكون له وقع إيجابي على النمو.
تتكلمون كثيرا عن صندوق الزكاة …
لطالما دافعنا على ضرورة إحداث صندوق من هذا القبيل وسنستمر في المطالبة به إلى حين أن نصل إلى هدفنا. حاليا، الحكومة ذهبت ماضية على درب التضامن، ولكن نعتقد أن الآلية الملائمة التي سيكون لها صدى على نفسية المغاربة هي المساهمة عبر صندوق التضامن المخصص للزكاة.
سبق للملك الراحل الحسن الثاني أن اقترح نفس الفكرة، أليس كذلك ؟
بالفعل، واليوم نصر على أن يرى النور بشكل ملموس، ونأمل أن تأخذ الحكومة الإجراءات التي يتطلبها وضع هذا الصندوق، لما سيدره من مداخيل مهمة.
وما الشيء الذي يمنع من تحقيق هذا المطلب، وحزب العدالة والتنمية قد أخد بزمام الأمور بصحبة حزب الاستقلال الذي يدافع عن نفس المبتغى؟
إدا كانت الدراسات اللوجيستيكية ذات الصلة قد أنجزت في الماضي، فعلى الحكومة اليوم أن تتفحص النتائج وتتخذ القرارات اللازمة.
لم يكن فريق العدالة والتنمية ولا الفريق الاستقلالي لينين خلال مناقشة مشروع قانون المالية خلال اللجنة المالية، وهو ما اعتبره البعض موقفا شعبويا…
لا أبدا. لقد طرح علي، مرة، سؤال حول ما إذا كان هنالك تأويل غير ديمقراطي للدستور فيما يخص تطبيقه على مستوى العلاقة بين المؤسسات، وبالضبط العلاقة بين الحكومة والمؤسسة الملكية. وأقول إنه حتى داخل البرلمان هناك تأويل غير ديمقراطي للدستور، خاصة الفصل 10 منه، الذي لا يعطي للأغلبية حقها في أن تُؤخذ كل ملاحظاتها بعين الاعتبار. ومن اعتبره تأويلا غير منطقي.
ومع ذلك أنت عضو في الأغلبية التي تحكم…
هذا صحيح، وصحيح كذلك أننا نتقاسم معها برنامجها. ولكن من واجبنا، أيضا، تذكير الحكومة بالهفوات وأي اختلال، وفقا لما ينص عليه الدستور، وطبقا لما تتلوه علينا مهمتنا بصفتنا برلمانيين. وإلا ما الفائدة من وجود برلمان وجلسات للأسئلةزو الشفوية ولجن إذا تحولنا إلى طيور ببغاء أو إلى علب صدى تكتفي بإعادة ما تقوله الحكومة ؟
ألا تخافون من أن تلعبوا دور المعارضة ؟
لا على الإطلاق، نحن نساند الحكومة، فعلا، ولكن هذه المساندة لا تمنعنا من إبداء ملاحظاتنا واقتراحاتنا. وإلا ما معنى أن نتوفر على إمكانية القيام بتعديلات ؟
ألا تسببون نوعا من الإزعاج لحزبكم بمثل هذا التصرف ؟
كلا على الإطلاق، لا نسبب أي إزعاج لحزبنا ولا لمسيريه ولا للأغلبية. فعندما تقدم الحكومة مشروعا من الطبيعي أن نتقدم بتعديلات وأعتقد أن ما قدمته الأغلبية على مستوى قانون المالية فيما يتعلق بالضمانات المخولة للعسكريين هو الدليل على ضرورة أن تلعب الأغلبية دورها كاملا من أجل المصلحة العليا للبلاد.
غدت الأسئلة الشفوية مملة ولم تعد تحظى باهتمام المواطنين. فقط 300 ألف مغربي يتابعون الأنشطة البرلمانية على الشاشة. هل لدى الاغلبية منظور من أجل تحسين صورة الجلسات و جعلها أكثر جاذبية؟
لدينا منظور و حزمة من المقترحات نسهر على أن ترى النور في إطار نقاش وإجماع كل الفرق البرلمانية.
عمليا، ماذا تقترحون ؟
مراجعة جلسات الأسئلة الشفوية التي تعد وسيلة ناجعة لمراقبة السلطة التنفيذية. وكلنا متفقون على هذا الأمر الأغلبية والمعارضة والبرلمان ومكتبه. ننتظر فقط اللحظة المناسبة لكي نطلق العنان لهذا التغيير من خلال القانون الداخلي. الدراسات أنجزت وكدا زيارات المؤسسات البرلمانية الدولية.
هل شعرتم بأي مقاومة ضد العمل الذي قام به حزبكم ؟
طبعا، فالدول التي عاشت الثورة كتونس ومصر قطعت مع الممارسات ومع الأشخاص الذين كانوا سببا في إشعال هذه الثورات. لقد أصدروا قوانين لإزاحة هؤلاء الأفراد ومنعهم من المشاركة فى الحياة السياسية. وهذا ما لم نقم في المغرب.
وهل كان بودكم الشروع في “مطاردة للساحرات”؟
لم تحدث القطيعة فى المغرب بين مراحل 25 يوليوز و تاسع مارس و 20 فبراير. ومع ذلك هذا ما كان يجب فعله. كذلك أولئك الذين كانوا يستفيدون من الوضع ويهاجموننا لا يزالون دائما هنا.
ولكن العدالة والتنمية في الحكومة ؟
صحيح، ولكنه يقاوم حتى من داخل الحكومة.
بما تطالبون إذا ؟
سوف نسهر على تنزيل الدستور الذي يضمن هذا التغيير الذي أخد يتحقق في البلاد وسوف نتعرض لكل شخص يقاوم التغيير الذي أصبح يحمل شعار “الشعب يريد…”. لقد عبر عنه الشعب يوم 25 نونبر 2011 : إنه يريد التغيير فى جو من الاستقرار.
وفي نظركم ما الذي يطمح إليه مقاومو التغيير على حد قولكم ؟
أطرح نفس السؤال على نفسي، ربما يريدون تجربة أخرى غير التجربة الحالية ؟ لذلك، فإن كل مقاومة تهدف إلى عدم تنزيل الدستور بطريقة ديمقراطية أو تهدف المس بالإصلاحات الجارية أو كل مزايدة ضد الإصلاحات ستحارب بالوسائل القانونية والدستورية.
من هو الحزب الدى ترونه الأقرب من العدالة والتنمية؟
لقد عبرنا عن هذا أثناء عملية المشاورات لتشكيل الحكومة. وتمنينا لو كان الإتحاد الاشتراكي ضمن هذه التشكيلة.
ولأية اعتبارات ؟
في هذه الحكومة، هناك من أراد مواصلة ما بدأه “السي” عبد الرحمن اليوسفى. لهذا السبب راهنا على هذا البعد من خلال الفريق البرلماني الاشتراكي ليكون طرفا في الحكومة وإحراز التقدم جميعا في إنجاز الأولويات الثلاث وهي تنزيل الدستور ومحاربة الفساد و تطبيق برنامج اجتماعي واقتصادي لتنمية المغرب.
الإتحاد الاشتراكي يستعد لعقد مؤتمره، من ترشحون أمينا عاما للحزب؟
يتعلق الأمر هنا بالشأن الداخلي للحزب، ولا نود التدخل فيه. وتبقى علاقتنا، مع ذلك، مفتوحة على كل المرشحين المحتملين. ثم إن الأفضل لقيادة لإتحاد الاشتراكي هو الأفضل بالنسبة إلينا كذلك.
وحميد شباط على رأس حليفكم الاستقلال؟
هذا لا يهم سوى حزب الاستقلال. نحن مرتبطون بهذا الحزب مند أمد بعيد سواء على مستوى المرجعية أو على مستوى الرؤى. فالعلاقة التي تجمعنا علاقة متجذرة.
وأين وصلت علاقتكم بالأصالة والمعاصرة ؟
أين وصلت العلاقة؟ هذا السؤال يفترض أن تكون لها بداية أولا ( ضحك). هذا الحزب كان يعمل، في الماضي، بوسائل الدولة. واليوم، وبما أن الحكومة الحالية هي منبثقة عن الإرادة الشعبية فإن الأشياء يجب أن تعود إلى نصابها. وإذا كان هذا الحزب كسائر الأحزاب فسوف نعتبره كذلك. على هذا الحزب أن يبذل ما في وسعه لكي يعود حزبا عاديا وليس حزبا يستعمل وسائل الدولة.
ومن جهة أخرى، المطلوب من هذا الحزب أن يقوم بتغيير على مستوى نظرته للواقع وللساحة السياسية. لا أعتقد أن مطالبة حركة 20 فبراير التي رفعت شعار حل هذا الحزب كانت فقط نوعا من المزايدات.
هل تدعمون الزيادة في تعويضات البرلمانيين ؟
فى الحزب كما في البرلمان موقفنا واضح. نحن ضد أية زيادة في هذه التعويضات و ضد تعميمها.
ولكن البرلمانيين يشكون نقص الإمكانات التي من شأنها أن تسهل مزاولة مهامهم؟
نحن مع تمكين البرلمانيين من الإمكانيات التي هم في حاجة إليها للقيام بمهامهم سواء التنقل أو المأوى أو موارد إنسانية أو أخرى.
لمادا تتأخر الحكومة في الإعلان عن موعد للانتخابات ؟
نحن اليوم أمام حكومة مسئولة، ومن الطبيعي أن تطبق المقتضيات الدستورية. ومع ذلك أتفق معكم بأنها لا يجب أن تتأخر في الإعلان عنها.
وماذا عن زيارة المبعوث الأممي كريستوفر روس إلى المغرب ؟
أعتقد أن كريستوفر روس قد أعطى، اليوم، للملاحظات التي أبداها المغرب، حق قدرها. لقد تقدم المغرب بمشروع حكم ذاتي ذو مصداقية. وبالمقابل ماذا قدم الطرف الآخر؟ وبالتالي، فإن روس مطالب بالشروع في تطبيق المقترح المغربي وأن يقرب بين وجهات النظر.
هل تؤيدون فتح الحدود مع الجزائر ؟
في رأيي، هذا مطلب شعبي لا يمكننا حجبه أو تأخيره، و بعيدا عن كل المزايدات السياسية وأخذا بعين الاعتبار البعد الأمني للمنطقة الذي يفتح الطريق على جميع الاحتمالات.
عن أسبوعية “لو روبورتير” الفرنكوفونية في عددها الصادر بتاريخ 15 نونبر