الخميس 8 مايو 2025| آخر تحديث 10:54 12/29



سعيد بنجبلي .. إسلامي قال أن الله خدعه 25 عاما

سعيد بنجبلي .. إسلامي قال أن الله خدعه 25 عاما

من النقيض إلى النقيض .. هو الوصف الأدق لسيرة الناشط المغربي سعيد بنجبلي الذي لا ينصح بتتبع تسجيلاته للجمهور الحريص على أمن عقيدته من “زعزعات خارجية”. يحاول القيادي السابق داخل رباطات العدل والإحسان توجيه مدفعيته اتجاه كل ما آمن به في يوم من الأيام بهدوء يحسد عليه، مع نبرة متهكمة وتلميحات ذكية بلكنته البدوية التي لم تفلح الإقامة بأحضان العم سام من محو ملامحها.

«عزيزتي الفتاة متحسيش بالشمتة إلا ضحك عليك حبيبك شي شهور راني 25 عام والله كيضحك عليا» .. هي واحدة من التدوينات الساخرة على صفحة بن جبلي إلى جانب تدوينات أخرى قد ترتفع حدتها حد استخدام عبارات خادشة أو أخرى متهمة وكأن الرجل يدخل في عملية جلد للذات والتنصل العلني من ماضيه الفكري والعقدي.

ما يعتبره المدون اليوم “شمتة” كان محطات مضيئة وفق تقييم من اختاروه يوما مريدا ضمن جماعة العدل والإحسان، ففي سن الخامسة عشر كان ابن قرية ولاد فرج بدكالة حافظا للقرآن ، ومراهقا نهما للمعرفة الدينية بعد أن تمكن من إحراز أول نقطة على صعيد الإقليم خلال المستوى الابتدائي، لينتقل نحو الجديدة من أجل متابعة دراسته الإعدادية وهناك سيتأثر بأحد أساتذته السلفيين الذي اتخذه قدوة، حيث تبنى مواقف رافضة لنمط الحياة المعاكس ظاهريا لما كان عليه السلف.

بعد انتقاله للمرحلة الثانوية حيث درس الهندسة الكيميائية، حاول “السلفي الصغير” ممارسة الدعوة على طريقته بين صفوف زملائه، من خلال عقد جلسات للوعظ، وكتابة مجلة حائطية، مع العناية بمكان الصلاة مما سمح له بالاحتكاك مع مختلف التلاميذ انطلاقا من حسه التواصلي العالي الذي ستتحدد ملامحه أكثر في محطاته التالية.

خلال عامه الثاني أصبح عنصرا فاعلا من خلال استقطاب المزيد من التلاميذ لفكر جماعة العدل والإحسان، عبر حوارات ثنائية أو إلقاء خطب بين صفوف التلاميذ مع تنظيم خرجات ترفيهية وتعليمية تسمح له ببسط أفكاره بطريقة أسهل.

ورغم تكوينه العلمي، اختار بعد حصوله على البكالوريا التخصص في الدراسات الإسلامية بجامعة أبو شعيب الدكالي، حيث مكنته حركيته ونشاطه من تولي مهمة الإشراف على شؤون طلبة العدل والإحسان بالكلية، مع الإشراف على قطاع الشباب بالدائرة السياسية للجماعة إلى جانب مهام أخرى تتعلق بالمجال الإعلامي تماشيا وميولاته نحو الكتابة في سن مبكرة والتي ترجمة في مساهمات داخل المغرب وخارجه.

التدرج في المهام كان خطوة للاحتكاك بقيادات الجماعة، وهنا كانت بداية الاصطدام بواقع آخر كان مغيبا عن “سذاجة” الشاب المثالي الذي يرى في قياداته كائنات نورانية منزهة عن الخطأ، ومرفوع عنها الحجاب في علاقة خاصة مع أهل السماء “حيث النبوءات والأحلام” القادرة على توجيه البلاد والعباد، «بدأت ألاحظ أمورا ما خطرت على بالي أبدا،فقد رأيت منهم المناورات الماكرة اتجاه بعضهم، وتزوير التقارير وتهميش الكفاءات وهوس الرؤى .. وعدم الجدية في خدمة الناس ..» يقول العدلي السابق خلال إحدى حواراته.

الانتقال نحو فاس لدراسة القانون والشريعة كان فرصة للقطيعة المتدرجة مع الجماعة وفكرها، ومحاولة للعثور على منهج توفيقي يقدم إجابات عقلية دون الخروج عن دائرة التوجيه الإسلامي .. إلا أن رحلة البحث في المجال الديني بدأت تبتعد بالباحث “السلفي” عن تقديس الرعيل الأول الذي انتقل من توصيف القداسة إلى شن هجومات شرسة لا يتردد صاحبها في مهاجمة الذات الإلهية بتهكم، حيث تحول العرش إلى ” عمارية”، والصحابة إلى “هيوش دمويين”، والجهاد إلى “رحلة بحث عن الطروفة والفلوس”، و الوحي إلى “هلوسات وتأليفات”، والخلفاء إلى ” انتهازيين” … واللائحة طويلة من التوصيفات والتعليقات التي يسردها “الإسلامي المعتزل” عبر فيديوهات مباشرة تتناول قضايا خلافية ووجودية باللغة الدارجة والأسلوب ساخر يستفز عددا من المتابعين، إلى جانب سرد عدد من المعطيات التاريخية والفقهية والعقدية.

«لست ملحدا، وأنا مسلم اجتماعيا لتأثري بالعديد من العوامل الثقافية، كما أنني لا أنكر وجود الإله ولا أثبته» عبارة لا يقبلها منطق الكثيرين، لكنها تساير المنطق الخاص والغريب لمن يحمل مؤهلات الشيخ حسب توصيفه، إلا أنه اختار تتبع “عورات” الفكر الإسلامي منذ زيارته لأمريكا في إطار برنامج مخصص لحوار الأديان بدعوة من وزارة الخارجية، وهناك ستتاح له فرصة الاطلاع على العديد من الديانات السماوية والوضعية مما زلزل ما بقي من قناعاته الدينية التي لحقها التصدع منذ مغادرته لصفوف الجماعة.

«كلشي خبير وتخربيق .. الروايات مجرد خدعة للضحك على الناس اللي مقاريينش» .. هي القناعة التي خرج بها الحاصل على إجازة الدراسات الإسلامية وثلاث شواهد في الشريعة والقانون والمتمرس في صفوف الدعوة لأزيد من عشرين عام، بعد وقوفه على نصوص لأساطير ومخطوطات فرعونية تتقاطع وعدد من الروايات القرآنية ، «بغيت غير نفهم كيفاش الإسكندر الظالم والشاذ جنسيا كيصورو القرآن كرجل صالح .. وكيفاش سيدنا محمد كيقول لينا شاف الله فصورة شاب أمرد وزوين .. هاد الخيال العلمي يقدر يصدقوه الأولين حقاش مكانوش كيخدمو دماغهم .. بحال هاد الفكر هو اللي كيضيع بنادم كيفما ضيع ليا عمري» .. يقول بن جبلي خلال إحدى تسجيلاته التي يجيب فيها عن تساؤلات وهجوم متتبعيه ممن اعتادوا تصريحاته الصادمة التي يشهر معها ما يعتبره حججا مقنعة لتفنيذ “الأوهام الدينية” عبر الفايس بوك.

بقلم سكينة بنزين – جريدة الأحداث المغربية







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.