الخميس 25 أبريل 2024| آخر تحديث 8:24 06/19



إبراهيم سبع الليل : لقد هزمتني يا “صاحبي”

إبراهيم سبع الليل : لقد هزمتني يا “صاحبي”

كنت ألزمت نفسي منذ مدة ب”دخول سوق راسي” وتجنب السجالات الفيسبوكية مع المنتمين للأحزاب السياسية المتطلّعين للوصول للمناصب كحق مشروع. وفعلا توفقت كثيرا من الأحيان في ضبط نفسي الأمارة وجعلها لا تستسلم للتعليق على موقف سخيف من هنا أو هناك. عندما حل رمضان هذه السنة دخلت في تحدّ مع نفسي بأن أمتنع على دخول الفيسبوك بنسبة 90 بالمائة وهو ما يعادل ثلاثة أيام دخول تقريبا من الشهر الفضيل أي بنسبة دخول واحد كل عشرة أيام وألزمت نفسي بأن لا أعلق على شيء يذكر بنسبة 100 بالمائة.
اليوم السبت وبما أنني أستطيع السهر إلى غاية السحور، قلت في نفسي سأطل على الفيسبوك –وليتني لم أفعل- ذلك أني وجدت نفسي أستمع إلى “بالون هوائي” صاعد في مدينة سيدي إفني وأمعنت النظر في حجم التهريج ورداءة الإخراج المسرحي الذي تعده أيادي التحكم للمدينة بمباركة جمع من “النخب” من ذات اليمين وذات اليسار والوسط أيضا. ضحكت كثيرا وأنا أستمع إلى خطاب قديم-جديد، القديم فيه نفس الأكاذيب: إفني لم تمت…، وسنأتي بالمستثمرين من القمر… وغدا ينتظرنا مستقبل أفضل. والجديد فيه هم “الفاعلون الجدد” – كما قال أحدهم-: كراكيز مسيّرة بخيوط واهية واهمة من طرف جهات غبيّة لم ولن تستوعب الدروس وستكرّر حتما القسم ولن يكتب لها النجاح أبدا.
أعتقد أن الأقدار تسيّرنا أحيانا كثيرة لقضايانا مهما حاولنا التنصل منها، فمع كل ما ألزمت به نفسي من قرارات أساسها الابتعاد “ودخل سوق راسك”… ، أجدني اليوم مضطرا لإعلان هزيمتي علي يديك يا صاحبي، وعودتي للتعليق على جرأتك غير المبررة إطلاقا على رجل من رجالات قضية سيدي إفني وآيت باعمران، لن تبلغ عشر معشار قدره مهما سارت بك رياح السلطة العاتية ومهما ركبت من مراكب القفز العلوي والطولي “التراكتورية”.
أمس الجمعة، شاءت الأقدار أن أحضر إفطارا وحفلا خيريا منظما من طرف جمعية مغربية-جزائرية تهتم بالأيتام وقد كان قرارا اتخذته في آخر لحظة وهناك تشاء الأقدار أن أقابل مستثمرا باعمرانيا كبيرا، له الفضل الكبير على الدولة بما لعبه من أدوار في قضايا مصيرية. لقد سررت كثيرا بمقابلة هذا الرجل، فجلست وإياه في ركن منزو نتجاذب أطراف الحديث عن سيدي إفني وآيت باعمران، إلى أن وصل بنا الكلام إلى سرّ عدم استثمار أبناء آيت باعمران في منطقتهم. وقد كان جوابه بليغا ومقنعا من خلال سرد قصته هو نفسه، إذا أنه فعلا جاء في فترة من الفترات للاستثمار في المنطقة وفعلا أقتنى حقوق استثمار لشركة ماغرانيكس. ذات يوم منحت صفقة في ميناء سيدي إفني لمستثمر أجنبي، سرعان ما جاء يطلب منه تزويد ورش الميناء بأطنان من الكرانيت وهو ما تم بدون تردد وبكميّات هائلة بلغت أكثر من 600 ألف طن، لأن الأمر يتعلق بميناء العاصمة سيدي إفني وكذلك لأن المستثمر- القادم من بعيد- كان مدعوما بقوة مركزيا…وكانت كلّ أجهزة السلطة بالمنطقة في خدمته.
بطبيعة الحال، ومن البديهي أن نقول أن المستثمر الباعمراني لم يتلق ولو سنتيما واحدا تلقاء ما أخذ منه والكارثة أن ميناء المدينة لم ينطلق رغم كل هاته المعاناة.
مع واقع كهذا، ياصاحبي، اعلم أنه ولو جئت بمستثمرين من كوكب مارس- الأمل الذي بقي للإنسانية بعد أن أفسدت الأرض- فلن يكتب لهم النجاح في سيدي إفني وآيت باعمران.
لن أسألك بطبيعة الحال عما كنت تفعله لو كنت في موقع المسؤولية مثلا، لاسترداد حقوق هذا المستثمر، فأنا أعرف أن حدود جرأتك لا تتجاوز مأ أدليت به، ما أحب أن أسمعه منك بدل تهجمك على أبناء بلدتك الشرفاء ومغازلتك للسلطات لأنك تعتقد أنها الضامن لمستقبلك السياسي الطارئ وليس أصوات الناخبين هو: إذا كتب لك أن تصبح شيئا يذكر في المدينة، هل ستملك من الجرأة ما يجعلك تقف في وجه أصغر رجل سلطة في المدينة إذا ما وجد يوما ما مستثمر ممن استقدمتهم للمنطقة، نفسه ضحية أطماعه وحساباته؟
دعني في الختام أؤكد لك يا صاحبي، أن “الفشل الذريع” الذي مني به ابن بلدتك الذي تجرأت عليه وعلى أمه في شهر رمضان، هو رفضه الخضوع لهذا الواقع وأن “النجاح الكبير” المتوقع لك هو مجرد إعادة إنتاج نفس أصناف الخضوع المازوشية لنزوات رجال السلطة محليا ومركزيا، لأنه كما قال سيد الخلق ” إن العرق دساس”…إن العرق دساس ياصاحبي…
اللهم إني صائم وقد قاومت قدر الإمكان ولكن…

بقلم إبراهيم سبع الليل 







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.