الجمعة 19 أبريل 2024| آخر تحديث 8:01 04/08



على هامش “مول المكحلة”.. حتّى لا يقنصوا دجاجاتي الأربع !! (3/3)

على هامش “مول المكحلة”.. حتّى لا يقنصوا دجاجاتي الأربع !! (3/3)

لما وضعت النّائبة البرلمانية آمنة ماء العينين الإصبع في جرح الإشكالات التي تتخبّط فيها العلاقة بين “المواطن” و”الدولة” بإحدى أنشطة (RARBA-Tiznit)، حول ما بات يعرف ب”تحديد الملك الغابوي”، كان الوزير السّابق للمجتمع المدني والعلاقات مع البرلمان “الحبيب الشّوباني” منهمك في الرّدّ على سؤال جرّيء طُرح من طرف النّائب “محمد لشكر”، وتعقيب أجرأ من النّائب “محمد عصام”، اكتفى من خلاله بالتّأكيد على أنّ الحكومة الحالية لم تصدر مرسوما متعلقا بتحديد الملك الغابوي، مع الالتماس بتفعيل آلية الرّقابة والمطالبة بعقد لجنة حول الموضوع..

ذهب “محمّد عصام” من قبّة البرلمان محمّلا بأغلال ملفّ “أحداث السّبت الأسود”، وصمت المتكلّمون، وهدأت الأقلام، وذهبت السّؤالات ومعها أشغال اللّجنة أدراج الرّياح، فيما استمرّت ماكينة التّحديد على أرض الواقع، وها هو ذا  جرس الإنذار يدقّ من جديد بين جبال “تافراوت”.

لقد كان الأخير واحدا من السّاسة الذين حملوا هموم “التّحديد” بإقليمي تيزنيت وسيدي إفني –إلى جانب آخرين طبعا-، وبخروجه من الهيئة التّشريعية فقدنا أحد المشتغلين على هذا الملفّ.

نعم، هو من صميم انشغالاته، لكن، من العيب كلّ العيب تبخيس عمل أحد في هذا المجال، لأنّه في المقابل، نجد غالبية المنتخبين يفضّلون القضايا التي ليس فيها “صداع الرّاس”، ويعتبرون هذا الملفّ مجرّد إشكال بسيط جدّا لأناس بسطاء جدّا، في مناطق بسيطة جداّ، ذات خزّان انتخابي هزيل جدّا، وهذا من بين أهمّ الأسباب التي أفضت إلى ما نحن عليه اليوم.

وأنا جدّ مُتأكّد بأنّ هنالك تباينا في استشعار ثقل هذا الملفّ لدى مسؤولينا، فقد  حاولت ذات مرّة التّواصل مع أحد الوزراء في حكومتنا حول هذا الموضوع لأعرف عن قرب ما تخبّئه السّلطة التّنفيذية في قادم الأيّام لبقعة أرضية غزتها الخرائط ذات اليمين وذات الشّمال، ورغم إلحاحي الشّديد بأهمّية ما جئت إليه، أخرجت من  المؤتمر الصّحافي الذي غصّ بمن ينتظرون التقاط صور تذكارية مع السيّد الوزير، ممّن اختيروا بعناية فائقة، بعلّة أن السيّد الوزير ليس لديه الوقت للإجابة عن سؤال كهذا، واقترحوا عليّ تركه حتّى وقت لاحق، كأنّي بهم مقيم بالعاصمة السّياسية، أتردّد بين الفينة والأخرى على ساحة “باليما”، وأمشي بين المكاتب المكيّفة للوزارات صباح  مساء.

مشكلتنا أنّه “مايحسّ بالمزوّد غير لّي مضروب بيه”، فغابت عنّا تلك النّظرة الشّمولية لمعضلة كبيرة تتهدّد منابت الكلأ بهذا البلد، وجعلت كلّ منّا يأوي إلى ركن خاصّ يترقّب ما ستؤول إليه الأوضاع عند جاره ليتّخذ منه مادّة للسّمر وارتشاف أكواب الشّاي المنعنع، دون أن يدري أنّ القضيّة شأن عامّ في رقبة كلّ مواطن يؤمن بمبادئ الدّيموقراطية وحقوق الإنسان ودولة المؤسّسات، وإن كانت الدّائرة اليوم على أبناء تافراوت، فهي لا محالة ستبيت عندنا غدا، وهكذا..

نحن إذا، إزاء قضيّة ارتُكبت فيها تجاوزات كثيرة، لعلّ اهمّها الاستنجاد بالماضي الأليم الذي اعتقدنا أنّا وأدناه سنة 1956، ثمّ خرق مبادئ المقاربة التّشاركية التي ننادي بها دوما على المستوى الرّسمي والشّعبي، ثمّ تجاهل مطالب ذوي الحقوق الذين ارتبطوا بالأرض عقودا من الزّمن، ليس بحقّ الاستغلال فقط، بل بملكية تتيح لهم حقّ التّصرّف وفق ما يسمح به القانون، ثمّ الادّعاء بأنّ “قرينة” الغابة تكفي اعتبار أرض ما غابوية، والحال أن العكس هو ما يجب أن يحصل، ثمّ إنّ قرارات رسمية بهذا الشأن تضرب في مصداقية الادّعاءات التي تعتبر تشجيع الاستقرار بالقرى آلية من آليات التّنمية المستديمة، والحقيقة أنّنا إزاء تهجير جماعي نحو علب الكارتون التي يعدّها أباطرة العقار بأحزمة المدن الكبيرة ليتكدّس النّاس هنالك، ويواسوا بعضهم البعض في مصابهم الجلل.

 







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.