الخميس 28 مارس 2024| آخر تحديث 9:32 03/30



على هامش “مول المكحلة”.. حتّى لا يقنصوا دجاجاتي الأربع !! (2/3)

على هامش “مول المكحلة”.. حتّى لا يقنصوا دجاجاتي الأربع !! (2/3)

من يملك الأرض؟

سؤال وجيه طرحه الباحث السّوسيولوجي المغربي “عبد الرّحيم العطري”، قبل أن يحاول تقديم إجابات مقنعة تتغيّى توضيح الخطوط العريضة التي تربط مختلف أنواع الأراضي: (الأملاك المخزنية-الملك الغابوي-أراضي الأحباس-أراضي الكيش-الملك الخاصّ-…)، والظّروف المحيطة بظهورها، والنّتيجة الّتي خلّفتها على شكل تنمية معطوبة بالعالم القروي، لم تجرّب بعد مقاربة إعادة توزيع الأرض، ذلك “أنّ المدخل الرّئيس للتّنمية القروية بالمغرب يكمن في الأرض وأنماط استغلالها، فإعادة النّظر في أنماط الملكية العقارية وطرق الاستغلال الزّراعي يمكن أن يشكّل معبرا أثيرا ونوعيا إلى الإقلاع التّنموي المؤجّل أو المعيب في العالم القروي”-(تحوّلات المغرب القروي، ص:32)-.

فهل بهذه المقاربة أعلاه، يكون صاحبنا قد أوفى السّؤال حقّه من الإجابة؟، بالتّأكيد، لا، لأنّه لم يكلّف نفسه عناء سبر أغوار الموروث الشّفهي الذي تركه من سبقنا لطرق أبواب هذا الميدان، ممّن حاولوا اسكناه العلاقة الوطيدة التي تربطنا بالأرض قرونا من الزّمن، وممّن خاطبوا الوجدان، وتعايشوا مع الأحداث كترمومتر يسجّل نبضات المجتمع..، من الشّعراء.

فها هو ذا “عبد العزيز الشّامخ”، أحد روّاد ظاهرة “تازنزارت”، يعلنها صراحة سنة (2011)، قبل أن يوسّد في التّراب دفينا: “ayt lasl anga ord nhjim ilin warratn…arawa oman ayga ghwad liyak innan ikkossankh “، وعلى هذا المنوال سار الشّاعر “مولاي علي شوهاد” في أغنيته عن “أركان” المليئة بالرّمز والمعاني والأغراض الشّعرية العميقة:”argan atgabl tasghart d iwttan wakal gabl tigholank…achko lasl adakhtnt ifln gh ifassen”..

لكنّ الكثيرين من بني جلدتنا لم يتذوّقوا هذا الشّعر الرّفيع الذي جمع شتات الكثير من المعاني والدّلالات، لأنّهم منشغلون هذه الأيام بكواليس “الفنّ” المعاصر، وينتظرون على أحرّ من الجمر ما ستقوله “دنيا باطما” عن “ابتسام تسكت” وما ستردّ به الثّانية عن الأولى، وجديد “الفنّان” الكبير جدّا “سعد المجرّد”، وأشباههم..، لذلك، لم يفهموا بعد طبيعة الصّراع على الأرض، ولا يستيقظون من غفلتهم إلاّ على وقع الأخبار المفزعة التي تنبئهم بوجود حدود وراء منازلهم تقيّد تحرّكاتهم في جميع الاتّجاهات، وهو ما يجعل “الغرباء” يتشجّعون على العبث بحرمة الأراضي والممتلكات.

وعلى هذا، لم أستغرب كثيرا على إشهار “المكحلة” في وجوهنا لأننا –بهذا المعطى- مجرّد طرائد اكتُريت الأرض قبلنا، ونحن أصلا جزء من “غابة” ممتدّة الأطراف، نتوالد ونتناسل، ونحيا كما تحيا كائنات غابوية بالطّبع، ولا حلّ أمامنا إلاّ أن نرفع أكفّ الضراعة لخالقنا حتّى لا نختلط بالوحيش عند كلّ موسم قنص، فنسقط ضحايا العنجهيّة والعبث، والافتئات على قانون “تنظيم القنص” ودفاتر التّحمّلات.

مخطئ جدّا من يعتقد أنّ ما بات يعرف ب”تحديد الملك الغابوي” فرصة لتصفية الحسابات السّياسية مع هذا أو ذاك، أو كسب عطفنا لأجل ورقة انتخابية بئيسة، ومخطئ أيضا من ينأى بنفسه عن هذه الأزمة التي كلّما اشتدّت لا تنفرج، بل تزيد سوءا على سوء، وتتيه في الدّهاليز دون أن تعود إلينا بجواب مقنع يريح جميع الأطراف. مخطئ أيضا، من يركب على الظّهور حين تنحني فجأة لأجل ملفّ يجب على الجميع تحمل مسؤوليته فيه، السّياسي من موقعه، والمنتخب في مؤسّسته التّمثيلية، والصّحافي في جريدته، والمحامي بين ملفّات يجمعها هنا وهنالك ويترافع عنها، والمثقّف في محيطه السّوسيوثقافي، والمواطن في همومه اليومية.

قبل أشهر من الآن، قصدت أحد المحامين الكبار، من الذين تبنّوا الكثير من هكذا ملفّات على المستوى الوطني، أحمل له قضيّة بقعة زراعية قسّمتها طوبوغرافيا القائمين على “الغابة” ب”تمازيرت”، فأحالني على رئيس تنسيقية تناضل في هذا المنحى يوم وصل صدى هذه القضيّة ذروته، وتكلّم الأخير كثيرا، لكنّه، لم يقدّم خارطة طريق تخرجني من تلك المعضلة، وفق ما تقتضيه العدالة، ساعتئذ، استنتجت أنّ سؤال السّوسيولوجي “عبد الرّحيم العطري” سيبقى معلّقا إلى حين يقوم كلّ منّا بدوره، علّنا نستيقظ من هذا الكابوس المرعب ذات صباح، وندلّل آخر فصول هذه العقبة الكئود إلى غير رجعة. (يتبع…)

 

 

 

 

 







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.