الخميس 25 أبريل 2024| آخر تحديث 6:48 03/16



قضية ميناء آيت باعمران : لهم الفَضلُ ولنا الرَّملُ!!

قضية ميناء آيت باعمران : لهم الفَضلُ ولنا الرَّملُ!!

ها نحن مرة أخرى نتجرع المرارة نفسها، ها نحن كما هو عليه الحال دائما، نخجل من الحديث عن منطقة آيت باعمران، فيما بات يعرف ب”وقعة الميناء” بين إقليمي تيزنيت وسيدي افني. نعم نخجل لأننا في وضع محرج، بصراحة أقولها إننا في موقف ضعيف للغاية، كتبنا مقالات، نددنا في عبارات، نظمنا اجتماعات، ونرفع الشعارات، ونتشدق بالكلمات. هل هذا يكفي؟ هل ذلك يكفي؟ ليس لوقف بناء ميناء بوالفضايل، أبدًا. ولكن لإنقاذ ميناء افني من الإقبار والاندحار بعد تشييد ميناء كبير، عصري وجديد بقرب منه. إن بناء ميناء سيدي بوالفضايل جاء على إثر الضغط الذي مارسه اللوبي الاقتصادي والمالي في إقليم تزنيت، والذي استغل بمهارة ونجاعة ضعف النخبة الحزبية والسياسية المحلية، التي تلهث وراء كسب ثقة الأعيان ورجال الأعمال والمال، لحصد المزيد من المقاعد الانتخابية. وفعلا؛ حينما نستعمل كلمة “اللوبي” في هذا الموضوع فإننا نضعه في مكانه المناسب، لأن اللوبي في الانكليزية يقصد بها ما يفيد نوع من جماعات الضغط لا تظهر في العلن، ولكنها تحكم بزمام الأمور في الخفاء، انسجاما وحفاظا على مصالحها الاستراتيجية. لذلك فقد يزعم زعيم سياسي معين أنه حقق مكسب بناء الميناء ويشرح في الصفقات والأرقام، ويظهر في الندوات والاجتماعات الرسمية، ولكن لسان حاله يقول، هذا بفضل قوة رأسمال والأعيان الذين يوجدون وراء الستار، ليصبح السياسي هنا قفاز صغير في أيادي الكبار الذين يخططون للرفع من ثرواتهم ومضاعفة الأموال في العقارات التي يمتلكونها.. إن النخبة الحزبية في تيزنيت وأحوازها، في جلها، تنتمي إلى الطبقة المتوسطة والصغيرة. قراءة سوسيولوجية سريعة للمنتخبين على مستوى البلديات والجهة والبرلمان، نستشف من خلالها أنهم يتشكلون من فئة الموظفين الصغار وخاصة في قطاع التعليم الابتدائي والثانوي، سواء تعلق الأمر بحزب العدالة والتنمية والأحرار والاتحاد الاشتراكي…. والمتحمسون لميناء بوالفضايل على الأقل في الواجهة، يدخلون في هذا الإطار، وبالتالي، تبقى هذه النخبة الحزبية والفئات الشعبية المتوسطة المحيطة بها، -تبقى- دائما في خدمة الآلة الاقتصادية والمالية التي لا تحب الظهور في الواجهة السياسية والإعلامية، ولكن ترغب في الهيمنة على المشاريع الاستثمارية والإستراتيجية، ويستحيل تجاوزها في الشأن المحلي في تيزنيت ومحيطها، فهي تتحكم في الإدارة والعمل الخيري –الاحساني والاجتماعي، وتدير رحى التجارة والعقار والاستثمار كيفما تشاء وفي أي اتجاه تريد. وللحقيقة؛ فهذه الخطة سليمة وناجحة، وستعطي الثمار في المستقبل، لأن اللوبي الاقتصادي والمالي في تيزنيت، نجح في والتحكم وفي اختراق الإدارة والمنتخبين والجسم الحزبي والجمعوي. فليس من السهل إقناع الإدارة الإقليمية والمركزية وتحريك المجالس المنتخبة للتأشير على انجاز ميناء سيدي بوالفضايل في مدخل إقليم سيدي افني، على بعد 30 كلم عن ميناء آخر عمره 35 سنة. لا يمكن ذلك، إلا بتدخل وبدعم مباشر من اللوبي الاقتصادي وخاصة اللوبي العقاري والسياحي في الشريط الساحلي التابع إداريا لإقليم تيزنيت. نوجه البوصلة صوب، ايت باعمران، ما هو واقع الأعيان وأصحاب الأموال والمستثمرين ورجال الأعمال الكبار؟ هذه الفئة التي تنتسب إلى آيت باعمران، عريضة ومهمة، تستثمر في العقار والبحر والفلاحة والوقود والتجارة وحتى السياسة، تنتشر في العيون والداخلة وطانطان وأكلميم وأكادير والدار البيضاء…وحتى في الخارج. الفرق بينها وبين اللوبي في تزنيت، هو أن هذا الأخير يستثمر في المنطقة ويستعمل قوة الضغط محليا على الإدارة، يساعد فيما هو اجتماعي وثقافي، أما الآخر المنتمي لايت باعمران، أو على الأقل ينتسب إليها، فهو يستثمر أمواله خارج المنطقة، ويستعمل نفوذه بعيدا عنها، ولا تربطه بافني أو تيوغزة أو آيت أيوب أو تانكارفا أو آيت الخمس…. إلا وضع الدراعية على الاكثاف في المناسبات والحفلات، لا غير. وعلى عكس اللوبي الاقتصادي والمالي في تزنيت الذي يفضل الانزواء وعدم التدخل المباشر، فإن بعض من رجال المال والأعمال في ايت باعمران، دخلوا إلى العمل السياسي المباشر، ويحتلون الصفوف الأولى في بعض الأحزاب المعروفة، ويشاركون في الانتخابات، إلا أنهم لا يرافعون بالشكل المطلوب، للأسف، من اجل المنطقة في الرباط وداخل البرلمان وداخل الوزارات، لم يصنعوا شبكات الضغط لا مركزيا، ولا جهويا ولا محليا، فقط يتذكرون المنطقة وحس الانتماء إلى ايت باعمران في المواسم الانتخابية أو في بعض المناسبات التافهة لتلميع الصورة وتسجيل الحضور، والظهور بوجه الإحسان في معروف ما آو في موسم ديني. ومن ثمة يعرف الجميع اليوم أن آيت باعمران هربوا منها أبناءها الذين يستثمرون أموالهم في مدن بعيدة…والنتيجة هي أن المنطقة أصبحت تعاني من خصاص كبير في البنيات التحتية، وفاقدة للجاذبية التي يمكن أن تشجع المستثمرين وحتى الدولة لإقامة مشاريع مهمة وضخمة..فعلى رؤوس الأموال أبناء منطقة آيت باعمران، أن يستغلوا نفوذهم وموقعهم إن كان لهم موقع، في تنمية المنطقة وممارسة كافة أشكال الضغط المشروعة لإنقاذ آيت باعمران، وتغيير الصورة السلبية التي يحاول البعض تكريسها في المنطقة، وهل أصبحت قبائل آيت باعمران يتيمة إلى هذه الدرجة، أن يدافع لوبي تيزنيت على تشييد ميناء بوالفضايل ويفتخر بذلك، وفي المقابل يصمت أغنياء آيت باعمران ويتفرجون من بعيد؟ حان الوقت للتحرك والتخلص من الأنانية، والتفكير بجدية في مستقبل المنطقة، والعودة إلى تامزيرت وإعطائها ما تستحق من عناية واهتمام. مُشكلة آيت باعمران ومعضلتها، هي مشكلة ذاتية قبل كل شيء، زادها المخزن وشبكات الأحزاب تهميشا وعزلة. مَن سيراهن اليوم على منطقة افني وآيت باعمران بعد صعود قطب تيزنيت وأكلميم. لكل قطب حضري مشاريع هيكلية وجذابة كالطريق السريع الذي سيشق وسطهما إلى الصحراء، ولكل مدينة مطارها الخاص، والمشاريع الاستثمارية والاقتصادية الأخرى في كل الميادين، إضافة إلى أن لتزنيت شريطها الساحلي والسياحي، ولكلميم أيضا شواطئها البيضاء الناصعة، تنتظر التأهيل وضخ ميزانيات مهمة من طرف الجهة والدولة… ماذا تبقى للمنطقة وحاضرتها افني ؟ شواطئ معزولة تفتقر إلى الطرق والماء وحتى الخبز… في كل فصل الصيف تعيش مدينة افني أزمة الخبز وجارتها ميرللفت أزمة الماء- ويلتقي الجوع بالعطش….يا لها من حسرة..
وبعد كل هذا، لكم الفضل، ولنا الرمل…
عبدالله بوشطارت







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.