الجمعة 29 مارس 2024| آخر تحديث 8:49 07/23



أفاعي أدرار لا تقتل.. ابحثوا لكم عن متهم آخر !!

أفاعي أدرار لا تقتل.. ابحثوا لكم عن متهم آخر !!

Captureيوم تمدّدت (للا رقية) عجوز “تازروالت” على سرير عتيق بمستشفى الحسن الأول-تيزنيت ولسانها يقطر دعوات على من اعتدى عليها، سارع من نصبوا أنفسهم أعيانا مفترضين على القبيلة نحو كيل الاتهامات الواحدة تلو الأخرى ل”الجنون” التي لا تبين للعين المجردة، ونصبوا مشانق لمحاسبتها، ذلك أن هذه الكائنات الغيبية ليست  لها القدرة على  الدفاع عن نفسها وتنصيب محامي يدرأ التهم عنها.

ولو تماهى رجل السلطة الأول عندنا مع هذه الرواية المضحكة لرأينا “فقهاء” بأبخرتهم وليس رجال درك يفتحون ملف التحقيق، إلا أنّ تعقّله دفعه إلى تجاهل روايات أعيان الشاي وحلوى الكيلو.

ويوم توفي صبي “تونمان”-جماعة سيدي أحمد أوموسى، وهو في الطريق نحو أقرب مركز صحي، اتّهم الوقت، وجنّدت الأبواق الدعائية لمحاسبته عوض أن نرى مجرى آخر للحدث.

ولو انتظرت إحدى نساء ذات الدوار سيارة الإسعاف لتصلح عجلاتها، لخلفت وراءها يتامى ومكلومين منذ أبريل 2013، ولربما اتهم الناس مجددا الطرق المعبدة لأنها تساهم في تآكل الإطارات.

ولو رجعنا بذاكرتنا أربع سنوات من الآن، لتذكّرنا ستّيني “الركادة” الذي أطفأ عقب سيجارته على موضع لسع العقرب عوض التوجه نحو مستشفى الحسن الأول، لأنه ربما احتفظ بذكريات أليمة مع المستشفيات فقطع على نفسه وعدا بعدم الذهاب نحوها حتى ولو كلّفه ذلك حياته.

أما قصة الطفل الرحّالة بإحدى جبال “تارودانت” فما زالت محفورة في الأذهان، حيث انتقل به أهله من مستشفيات عدة قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولا أدري بما ألصق صكّ الاتهام وقتذاك؟!

واليوم، تتجدد ذات المسرحية، إلا أن عناصرها الأساسية غيّرت جلدها، فهي هذه المرة نصبت خشبتها بدوار “آيمور”-تاهلة (تافراوت)، ولعبت فيها الضحية (ر.آ) وإحدى الأفاعي –أظنه من صنف الأفعى الموريتانية- دور الشخصية الرئيسية، وفيما عدا ذلك شخصيات ثانوية عرضت على الحادثة دون أن تمنع وقوع الفاجعة.

الروايات التي تناهت إلى مسامعنا أعادت سناريو طفل “تارودانت” إلى الواجهة، لكن هذه المرة مع بقال دوار “أكرسيف” ومع سيارة الإسعاف وسائقها، ومع المركز الصحي-تافراوت وأطره ومعداته، بل ومع مستشفى الحسن الثاني-أكادير الذي ختم على نعش جثمان ملئ حيوية ونشاطا قبل ذلك..

بعدها أعلن أبناء “أدرار” الحداد ولو افتراضيا، واتّهم غالبية الناس الأفعى الميتة، ونسوا أن الأخيرة ما هي إلا جزء يسير من عملية قتل تواطأت عليها كائنات عقلية تخضع لدستور بلدنا ونصوصه القانونية.

فالأفعى لم تتصرف إلا بغريزتها الطبيعية اتجاه (رقية)، لكن الذين لم يتصرفوا على سجيتهم الإنسانية هم أولئك الذين تركوا المركز الصحي دون معدات طبية تذكر، بل وتركوا لنا بنايات لا تصلح إلا لتضميد جراحات سهلة الالتئام، وعقاقير بيضاء تشخّص لكافة الأمراض والأدواء، وتجاهلوا حاجة أبناء القرى لأمصال السموم عوض لقاحات إنفلونزا الخنازير، ولا ندري كم من الأرواح تنقصهم ليعرفوا قيمة حياتنا على هذه الأرض.

وربما نسوا أننا نسكن جنبا إلى جنب الثعابين والعقارب وحشرات وحيوانات أخرى عقودا من الزمن، نتقاسم وإياها مسكننا ومأكلنا ومشربنا، فيها ما يمشي على أربع كالخنزير البري، ومنها ما يمشي على بطنه كالأفاعي، ومنها من يمشي على رجلين، وهي أشدها فتكا..

هذا النوع الأخير الذي يضحك على ذقوننا، ويبيع لنا الأوهام الواحد تلو الآخر، ويتركنا نصارع البقاء، لكنه لا يتوانى في مصّ دمائنا كما تفعل العنكبوت مع ضحيتها عند حلول ساعة الصفر..

هؤلاء غالبيتهم انحدر من عائلات مخمليّة يرقد أبناؤها على أنغام “انتي باغية واحد” و”اعطيني صاكي باغي نماكي”، ولا يرون العناكب والثعابين والعقارب إلا عبر قنوات ال”ناشيونال جيو”، وقلّما قادهم جشع الانتخابات إلينا في سيارات مكيفة وأسنانهم الصفراء تبرز نهارا حتى يتجنبوا هذه الحشرات..

وهم الذين ينسون كثيرا أننا مثلهم نتنفس ونشرب ونأكل ونقضي حاجاتنا البيولوجية في المراحيض..، وتؤطرنا القوانين التي تساوي بين الجميع دونما تمييز على أساس الدين والعرق واللون والانتماء.. هؤلاء الذين يضربون عرض الحائط خطب ملكنا –حفظه الله- ، وليتذكّروا في هذا المقام ما قاله بمناسبة الذكرى (61) من ثورة الملك والشعب: “… لا نريد مغربا بسرعتين : أغنياء يستفيدون من ثمار النمو، ويزدادون غنى، وفقراء خارج مسار التنمية، ويزدادون فقرا وحرمانا”.

 

 بقلم أحمد إدصالح 

11745603_1633047183607648_4801203285763688575_n







تعليقات

  • تزامن هذا الحدث الأليم مع فيديو قاعة الولادة في مستشفى قسنطينة بالجزائر الذي صار أرذل من المزبلة، في استهتار وإهانة لكرامة الانسانة التي كفلها الخالق قبل خلقنا..؟ ما يبعث على الحيرة والشؤم والأسى- إذا استحضرنا واقع محيطنا الاسلامي والعربي- متى سنستمر بالعيش مع حفنة من الأراذل تمتص دماؤنا وتهين كرامتنا، وتسحر أعيننا وآذاننا؟؟ إن مثل هذه الأحداث هي التي تصنع شبابا ميؤوسا مكتئبا فاقدا للثقة ما يجعله قنابيل مؤقتة تتلاعب بها أيادي الشر لا قدر الله؟ عار على كل مسؤول أن تبقى مستشفيات كتزنيت تافراوت أكادير دون مصل مضاد؟ للسموم.. عار أن نسمع بوجود أطباء – مع انحنائنا إجلالا للشرفاء منهم- يبيعون اللوازم ابتزازا للمواطنين، وينتقمون بالاهمال من كل مشاغب رام بأدب الحصول على حقه، عار أن يبقى قطاع الصحة وكذا التعليم يسير بعقلية القطيع والاستبداد والبيروقراطية في ق21. أم الحديث عن الحداثة محصور في حرية الفجور و” الصايا” أين شرذمة المحامين الذين يتضامنون مع كل مثلي ومثلية؟ أين ملايير المهرجانات والأنشطة البائدة لتمويل الجمعيات والأحزاب؟ ألا تستدعي الأولوية وضع حد لكل ما ينتهك كرامة المواطن وصحته وتعلمه؟ حببوا للناس وطنهم قبل أن يتخلوا عنه أو يكرهوه؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.