الثلاثاء 23 أبريل 2024| آخر تحديث 5:59 07/01



لقد خلقوا بعدك جيلا من الخرفان يا “جسوس” !!

لقد خلقوا بعدك جيلا من الخرفان يا “جسوس” !!

pageابتلينا في هذا البلد مؤخرا  بفضائح متسلسلة يتبع أولها آخرها كقطع الليل المظلم، فبين الأولى والثانية توجد ثالثة، وبين الرابعة والخامسة ترقد أخرى…

فلم نكد نستفيق من هول حاثة “إنزكان” وما تلاها من حيثيات لا تنبئ بسيرنا في الاتجاه السليم، حتى طفت على السطح حادثة ال”شاذ” الذي حاصره المواطنون في سيارة أجرة صغيرة ب”فاس” وأشبعوه ضربا ورفسا، لتخرج مجددا دعوات من قبيل حادثة التنورة على طرفي نقيض، دون أن يغلب طابع الوسط في تحليل الأمور وبحث حيثياتها والخلوص إلى نتيجة حتمية تخرجنا من البدائية نحو مجتمع يدفع المؤسسات إلى الرقي بعملها.

فحادثة “إنزكان” لم تكلف الكثيرين عناء بحث الوقائع كما هي قبل إصدار الأحكام المسبقة، والخروج في تظاهرات محتشمة، وتحويل الحدث إلى أزمة “تنورة” حزبية افتقدت الوجود في وسط ليس لها أصلا، كما لم ترفع من مستوى النقاش النخبوي إلى مكانة تليق به، أمام غوغائية الاستئصال المبيدة.

وتلتها واقعة الشاب “الشاذ” الذي اختار أن “يتبع جيلالة بالنافخ” ويخرج عن المألوف قبل أيام فقط من صدور حكم المحكمة العليا في الولايات المتحدة الامريكية بسماح زواج “المثليين”، وهو الأمر الذي تفاعل معه موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك) بألوان الطيف الدالة  على هذه الفئة من البشر، فتصرف مواطنون تلقائيا كما يحدث بين الفينة والأخرى في بعض الأسواق الشعبية التي يؤخذ فيها القصاص جماعيا من اللصوص، على أمل وضع حد لظاهرة ما زالت الأبحاث والنظريات العلمية لم تجد لها مخرجا سليما بإثباتها في الذات الإنسانية.

وبغض النظر عن وجود تواطئ مبطن بين مدبري هذه الأحداث من عدمه، فإنه لا داعي هنا لتفصيل الكلام حول أصالة هذا البلد وثقافته وأعرافه وهويته ومضمون قوانينه التي تلفظ  ممارسات عدة.

فالعري مثلا سمة وجودية تنم عن البدائية والانحطاط ما زال البشر يرنو تجاوزها، وال”شذوذ” انحراف تنكره العقول السليمة والطباع الإنسانية، لدرجة دفعت القرآن الكريم لمخاطبة قوم “لوط”: (أتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166)) –الشعراء-، ليعتبره القانون الجنائي المغربي بدوره جريمة تستوجب العقاب ورتّب آثارا على مرتكبيه.

وما دمنا نحتكم لهذه النصوص في حياتنا اليومية، فإننا جميعا نتحمل مسؤولية تنزيلها والترقي بها إلى مصاف التدافع المؤسساتي، وبحث آليات مناسبة لتوطيد العدالة على مستوى الواقع، حتى لا تتحول الشوارع إلى مواضع القصاص، وعلى الأجهزة الساهرة على استتباب الأمن القيام بواجباتها على أكمل وجه، حتى يتسنى دفع الذرائع التي قد تبرر هذه الحوادث، كما يتوجب على مؤسسات التنشئة الاجتماعية تحمل مسؤوليتها في تربية النشء تربية سليمة.

وما دام هذا لم يحصل، فإننا أمام عقليتين متنافرتين طغتا على إثبات الوقائع وتحليلها بعيدا عن طرق الحل، واختارتا التمسك ب”التعصب” وجنون العظمة الإيديولوجية أمام مظاهر بؤس ثقافي تكرس النمطية وتعيد للأذهان عقلية القطيع التي خشي السوسيولوجي (محمد جسوس) أن نقع فيها يوما، لكن للأسف، حصل ذلك أكثر من اللازم، فصرنا في خضم القطيع.. قطيع الخرفان طبعا لا الضباع !!.

 بقلم أحمد إدصالح 







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.