الخميس 25 أبريل 2024| آخر تحديث 8:45 06/28



لأجل التنّورة.. هل بدأنا في داروينية النضال؟

لأجل التنّورة.. هل بدأنا في داروينية النضال؟

Captureبعد أن تناقلت مصادر إعلامية عدة –وفي مقدمتها بطبيعة الحال قناة “دوزيم”- خبر فتاتين بإنزكان قوبلتا بالصراخ والتنديد من بعض الباعة بسبب لبسهما لتنورة قصيرة، في مظهر ثقافي دخيل، أكد لي أحد المقربين ل”سوق الثلاثاء”، أن الحادث جر على الفتاتين دعاوى قضائية بتهمة الإخلال بالحياء العام والدعوة إلى تطبيق الفصل (483) من القانون الجنائي المغربي. كما أجج ذلك بعض الهيئات المدنية التي قابلت الحادث بتظاهرة محتشمة أمام ولاية الأمن بمدينة أكادير اليوم (السبت 27 يونيو)، وحملة فايسبوكية من بعض المحسوبين على تيار “الحداثة” في مواجهة صريحة بين فكرين.

وحيث إن تدبير الاختلاف، هو أهم مبدإ للتعايش في أي مجتمع كيفما كان، فإن الطريقة التي قوبلت بها تنورة الفتاتين تنبع من صميم الفظاظة في التواصل مع المختلف عند محاولة إقناعه بفكرة ما، وتنم أيضا عن ضعف الوعي في طريقة إسداء النصح للمخطئ، ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم –وهو معلم البشرية- لم يصرخ في وجه الأعرابي الذي بال في المسجد بحضرته، ولم يتصرف بفظاظة مع الشاب الذي استأذنه في الزنا…، ثم إن الطريقة التي نهجتها بعض الوجوه “النضالية” في الرد، طغت عليها الانتقائية وإلباس الحدث غير حجمه، وتنزيل ذلك غير منزلته، فأفرغ القضية من بعدها الحقيقي. فتولّد لدينا تيّاران متناقضان كلاهما أخطأ الطريق عند تناول الحدث.

وليس مبالغة إن اعتبرنا كل ما يقع حاليا في البلدان التي تشهد التقتيل والتدمير، سعيا حثيثا نحو إلغاء الآخر بعد العجز عن تدبير الاختلاف معه بطريقة حضارية.

فالعراق مثلا يشهد منذ التدخل الأمريكي سنة (2003) نزاعا دمويا بين طائفتين كبيرتين (الشيعة والسنة)، ليمتد أواره إلى سوريا مع دخول الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد على خط الأحداث. أما تركيا فشهدت مرة صراعا طويل الأمد مع أبنائها الأكراد، والأزواديون في مالي تعرضوا لظلم أبناء جلدتهم وهكذا…، ويؤجج هذا الصراع اختيارات السياسيين وأطماع صناع السياسات العالمية وتجار الأسلحة لبسط نفوذهم على مصادر النفط وخيرات الشعوب، وصرف النظر عن الأطماع التوسعية ل”إسرائيل” في منطقة الشرق وقضايا الإمبريالية المعاصرة في مناطق أخرى.

فيما يزيد هذا الصراع المميت اشتعالا، ضعف منسوب الوعي لدى ساكنة هذه المناطق، فيُفتح الباب على مصراعيه أمام حروب دموية عدة لإلغاء الآخر عوض التفكير في كيفية تدبير الاختلاف والتعايش معه على أرض واحدة وتحت سقف واحد. لذلك استنتج ابن خلدون في مقدمته ذات يوم أن “الأوطان الكثيرة القبائل والعصائب، قل أن تستحكم فيها دولة”، في إشارة واضحة إلى صعوبة تحقيق النتيجة المبتغاة في وسط كل حزب فيه بما لديهم فرحون.

لذلك فانسياق بعض الأفراد وراء “تنورات” إنزكان ووضع ذلك في غير حجمه، خطوة تقزّم الفعل النضالي وتضعه في قلب التفاهة، وتؤسس لفكرة “الانتقاء الطبيعي” عند الاشتغال على المواضيع التي لا تستحق النضال بتاتا، وتضرب في مصداقية التنظيمات المدنية التي تدّعي الدفاع عن الحقوق. كما تؤكد حاجتنا لمنسوب وعي يؤهلنا لمسايرة مستجدات عصرنا، وأننا ما زلنا لم نسلك بعد الطريق الصحيح لفتح نقاش جدّي حول سبل تدبير اختلافاتنا الإيديولوجية والعرقية واللغوية…

 بقلم : أحمد إدصالح







تعليقات

  • اتمنى من ادارة الموقع اضافة امكانية نشر “partager ” على مواقع التواصل الاجتماعي… لكون هده المواقع لديها متتبعين اكثر ومواضيعكم تستحق ان تنشر على اوسع نطاق….. وتحية لكم و للاستاد احمد ادصالح المحترم

  • اتمنى من ادارة الموقع اضافة امكانية نشر “partager ” على مواقع التواصل الاجتماعي. كالفايسبوك… لكون هده المواقع لديها متتبعين اكثر ومواضيعكم تستحق ان تنشر على اوسع نطاق….. وتحية لكم و للاستاد احمد ادصالح المحترم

  • اتمنى من ادارة الموقع اضافة امكانية نشر “partager ” على موقع التواصل الاجتماعي. كالفايسبوك… لكون هده المواقع لديها متتبعين اكثر ومواضيعكم تستحق ان تنشر على اوسع نطاق….. وحية لكم و للاستاد احمد ادصالح المحترم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.