الخميس 25 أبريل 2024| آخر تحديث 11:29 06/18



زواج الفقراء نكهة في الصيف وطلاق في …

زواج الفقراء نكهة في الصيف وطلاق في …

azaghare24.com_wp-content_uploads_DSC00372.jpg

قد يكون عنواني هذا عزيزي القارئ فيه بعض الإحراج ومستفزا إلى أبعد حد .. هذا من ظاهر العنوان .. أما من باطنه فهو يعكس الحقيقة بعينها.. فما كان خيالا في البارحة ينعم بالبركة والدعاء ، والهروب إلى الطاعة ( لهرب لزواج ، هرب للطاعة ) أصبح اليوم حقيقة مرة بشكل مغاير ، يتغنى في قصور المحاكم والمخافر .. فلو تأملت معي عزيزي العازب في عصرنا هذا الذي نعيش فيه ، لغيرت رأيك في الحال وبقيت عازبا.. لكنني لا أشجعك على ذلك كما لا نريد منك أن تفعل ذلك ، أكثر ما نريد منك أن تطبق ما يلي ” مائة تخميمة وتخميمة ، ولا ضربة بالمقص ” إنه عصر زواج السرعة دون تأمل ولا تفكير .. فكل ما هو سريع وخفيف .. يقلب فيصبح بطيء وثقيل مع مرور الأوقات والأيام ومتطلبات الحياة الزوجية .. فزوجة اليوم – أقصد البعض وليس الكل – التي تريد أن تضاهي أو تنافس صديقاتها كل ما رأته عيناها من بدلات متنوعة ، وماكياج شهري متعدد الماركات ، وإكسسوارات راقية ، وشهيوات مختلفة ، وقفطان وجلابة في كل مناسبة بتصميم جديد ومتطور، ليست هي زوجة الأمس..الصبورة المثابرة القنوعة ” الحاضنة على العش ” نادرا ما تحلم بلبسة )تكشيطة أو دفينة أو بلغة( مرة في السنة .. فلباسها من صنع يديها ، وماكياجها ” الكحل والسواك والحنة ”  ومع ذلك تجدها سعيدة وفرحة ، في قمة العطاء .. راضية بما قسم الله لها من نصيب في زواج ، يسمونه الناس الأقدمون ” زواج الفاتحة ” أي زواج بدون عقد أو تكليف أو أعراس في قاعات الافراح التي غالبا ما تبقى ديونه عالقة…

لقد كان من المفروض على الراغب في الزواج بالخصوص أن يفكر في سنة قبل أن يعقد العزم بنية الزواج في دقيقة.

إذ ليس صعبا أو مستحيلا أن تصبح زوجا ” رب أسرة ” يشار إليك بالبنان وحتى البنين في مدة قياسية تزامنا مع هذه الموجة التي تجتاح جيوب الأغنياء  قبل أن تزهق أرواح الفقراء، فتفوق طاقة كاهل الزوج وتجعله عاجزا عن تحقيق المتطلبات الزوجية.. لكن إن كنت فعلا ترغب أن تصبح زوجا يعول عليه، قادرا على تحمل المسؤولية، عليك أن تلم أولا بهذا الزواج، وتستحضر العواقب المختفية ، والاحتمالات المفاجئة، وتكون عنه ولو نظرة صغيرة .. لن أقحمك طبعا في البحث عن تعريفات أكاديمية مملة .. فللزواج هذا حكايات طويلة وعملاقة مثل رقبة الزرافة.. فأضحى اليوم بقدرة قادر زواج ، صغير وسريع، يتقلص ويتنوع من حين لآخر ولكن مشاكله وعواقبه كثيرة جدا وطويلة مدى العمر.

فالناس الأقدمون أصحاب الخبرة والتجربة، يسمون هذا النوع من الزواج ” هـَـم الدوام ” يقصدون به حسب تفسيرهم ، الهم الذي يرافق الزوج طيلة مسيرة حياته الزوجية.. إذن السؤال المطروح، هو كيف تسير زوجا صالحا قادرا في منظور زوجتك ، هذا إن كنت سعيد الحظ في إيجاد فعلا زوجة صالحة عن طريق البحث و التنقيب أو الصدفة ، ولما لا ، بدون مشاكل، دون دخل للآخر الذي يهندسنا على هواه ويسوقنا في رحابه طبعا، وبالتالي فإننا مصيرين على وجوه ما ليس فقط وجوديا بل داخل اليومي وآلاته الخفية. أظن أن حجم السؤال عريض..

فزواج ” لمزاليط ” الفقراء الذي يتم بين ليلة ونهار كلمح البصر، غالبا ما ينتهي بأشد المعانات والعراقيل وتفاقم المشاكل التي لا يحمد عقباها، إلا من رحم ربك ونجى من قبضة واختناق القفص الذهبي، وهذا يعد نادرا وقليل ، فأهم شيء في الزواج المبكر أو المتأخر، هو الاستقرار والوعي والتفهم، وفي غياب هذين الأخيرين، نجد الفقراء أكثر إقبالا على الزواج في بعض المدن والمناطق ، وأكثر إنجابا أيضا .. تخيلوا هذه المهزلة التي أصبحت عدوة وراثية تنتقل من فقير لآخر، فالفقر يجذب ويجر من جهة، والحياة الزوجية بمصاريفها ومتطلباتها الضخمة تريد حقها في العيش كي تستمر بدون فتيل ولا لهيب، بدون صراعات ثنائية، بدون محاكم.

فمن الدوافع والأسباب الغرامية التي قد تؤدي إلى الإقدام على الزواج والارتباط الأعمى دون دراسة أو تدبير أو تهييئ مسبق لهذا النكاح, علما أن الطرف الثاني أي )الخطيب( الفقير قبل أن يصبح زوجا، ليس في وسعه القدرة الإضافية على تحمل هاته المسؤولية التي تتطلب ميزانية ونفسا من حيث مصاريف الولادة.. العلاج.. الطب.. الأدوية.. الخ، هناك بعض الإشارات والدوافع التي قد تهوي بك لتصبح زوجا دون تخمين أو تفكير في ذالك وأول هذه المؤثرات الحركية…

نظرة – إعجاب- ابتسامة متبادلة تدل على رضى الطرفين – إشارة بصرية / عينية (غمزة) – اقتراب – كلام جميل فيه شيء من الغزليات – قبلات – جنس – حمل – ولادة أو إجهاض حسب القدرة والتراضي – بداية الصراع – تنكر أو زواج مكره – محاكم .. ومن هنا عزيزي الفقير- كلنا فقراء والحمد لله – تبدأ حياة جديدة عندك فتصبح مخيرا بين أمرين لا ثالث فيهما، إما …وإما…إما أن تستسلم لما اقترفه … وإما أن تكون مقتنعا بهذا الزواج العشوائي الذي تنعدم فيه مجموعة من الشروط الأولية ، كنت أنت وحدك المسؤول عنه، وإما هيئ عظيماتك للقفص الآخر لمعانقة طابوهات المحاكم والقضبان داخل الأسوار والزنازين الخاصة بسلب الحرية قبل تسديد النفقة وفيض من غيض.

فعزوف الشباب عن الزواج عند البعض سواء تعلق الأمر بفقير ) مكيرد أو غني، شبعان لعاقة( جاء نتيجة التأمل والتخمين في هاته الصراعات الأبدية التي تتجلى في كثرة المطالب وقلة المداخيل وعدم استقرار مهني قار …

أما الأسباب والمعيقات المؤدية إلى تفاقم المشاكل اليومية وازدياد حدتها في الحياة الزوجية، فمجملها يندلع من الفقر المدقع ناهيك عن بعض الحيثيات و التداعيات الأخرى التي قد تكون سببا إضافيا يؤدي إلى العزوف أو الطلاق في بعض الأحيان أو النفور من بيت الزوجية .. لأسباب مجهولة بين الرجل والمرأة .

فكثيرة هي الأسر الفقيرة المركبة التي تعيش القهر والحرمان و التهميش من أبسط الضروريات وأندر الكماليات تحت سقف واحد للكراء أو مع العائلة أو تحت رحمة مشغل .. لكنها لم تستفد وتستوعب الدرس حتى تقلص من كثرة )البـــز( الإنجاب، فإذا سألت عن مصير هؤلاء أبناء الفقراء )أبناء لمزالـــيـــط( كيف سيعيشون في عصر يحتاج فيه الطفل الواحد بدل العشرات إلى ميزانية وعناية مركزة كالصحة والتعليم والأكل واللباس والطب وزيد وُزيد … و )لخروق و لحليب(… ابتداء من ولادته حتى آخر مرحلة في شبابه ، قد تستغرب لا محالة في الجواب المباشر عند الطبقة الفقيرة ؛ كل واحد ” كيــدزاد برزقو – لي خلقو يرزقو” فعلا أن الأرزاق بيد الله ، وهذا توكيد إلاهي غير قابل للنقاش حيث يقول عز وجل في محكم  تنزيله ” إن الله هو الرزاق ذو القوة المثين ” ولكن في آية أخرى ، قال سبحانه “ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق” وقال جل جلاله “ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة ” وقال جل جلاله أيضا “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ” وقال جلت قدرته “والله فضل بعضكم على بعض في الرزق ” صدق الله العظيم.

فمادامت القدرة غائبة في تربية طفل واحد، فلا يعقل أن ننجب عشرة أطفال، فيحرمون من الضروريات وبالأحرى ، الكماليات وبالتالي نعيب على الزواج ، ونسخط على المرأة البريئة وعلى الوضع المزري وعلى من كان سببا في ذلك وعلى المولود أيضا الذي ازداد بريئا فأصبح يوما ما في خبر كان ، متسكعا مشردا عرضة للشارع ، سببه في ذلك أنه لم يجد الظرف ملائما حتى يواكب تطلعات الحياة ومتطلباتها اليومية فيتربى تربية حسنة ، ويتكون تكوينا جميلا يؤهله ليصبح رجلا صالحا للغد.

فاللوم هنا عزيزي القارئ لا يعود على الطفل المنحرف أو الذي يشق طريقه إلى الانحراف، بل يعود على الآباء الذين هم بدورهم يعانون هشاشة الفقر والحرمان والتهميش وقلة الوعي ” وزيدينها بلحليز و لبليز” كثرة الدراري بلا حساب .

فبعض الفقراء عنوانهم في الحياة : الفقر والشجاعة في كثرة الإنجاب .. فليس عيبا أن يكون الزوجين أسرة ، ويساهمان في النسل بمعدل طفلين أو ثلاثة أطفال على الأكثر .. ولكن العيب الكبير والسخيف هو أن يتجاوز العدد ويصبح الزوج عاطلا عن العمل ، فقيرا من الرأس إلى الأخمص.. والزوجة في خبر إن ، خادمة في البيوت، عاملة في الحقول ، متسكعة في البحث عن لقمة العيش ، والأطفال في وضع يؤسف عليه في تشرد وتسول وحرمان ، والزوج في قعر الدار ” مربع يديه ”  ينتظر الزوجة أن …

فتحديد النسل باعتباره إثم ، يبقى أخف من أن ننجب عشرات أطفال مجرمين أو محرومين أو متسكعين ، بدون مستقبل ولا …

فيبقى زواج الفقراء الذين هم أكثر هزالة ودرجة في الفقر ، زواج متعة في الصيف وحرمان وطلاق وضياع في الشتاء ” فزواج ليلة تدبيرو عام “.

فاللهم العنوسة والعزوبة في غياب الإمكانيات الأساسية، ولا زواج الخفة والفقر والدل و الإهانة والحرمان ومد اليد للسعاية، )الراجل جالس والمرأة خدامة عليه (.

فيقلب الحب والحنين كره . وغزل كلام العشق والغرام ، توبيخ ، وسخونية الرأس والإسراع في الزواج ، ندامة وتدمر في الأخير ، وذكريات شهر العسل الجميل ، مسلسلات وتحسر وتأنيب في جلسات المحاكم . فيسير الغرام تحت القولة ” إذا دخل الفقر من الباب ، فر الحب من النافذة “.

فالطامة الكبرى عزيزي العازب، صديقي المتزوج، سيدتي العنوسة ” الله إيزوجك بشي عريس شبعان فلوس ، ما شي بحال الفقير لكنتكلم عليه ” هو الإختلاف الشاسع بين الفقير والغني في كل شيء  حتى في الزواج والإنجاب والتربية والتعليم ودرجة الوعي، وفوق هذا كله ، نجد إبن الغني ينادي على أبويه ” بابا…ماما… ” وابن الفقير” بويا…أممي..” لذا فلا نستغرب عندما نجد معدل الأطفال يختلف من فقير لغني ، رغم أن هذا الأخير في استطاعته أن ينجب أكثر الأطفال،  لكن اللهم معدل طفل إلى ثلاثة أطفال يعيشون في رفاهية وبنين، ولا خمسة محرومين مشردين بين الشوارع ضحايا بدون مستقبل ولا مصير ولا…

فأية حياة وعيشة سعيدة، أمام كثرة الأطفال بدون مستقبل ولا مصير.. في غياب الوعي والمادة وراء الحرمان والقهر وعدم التمتع بحقوق الزوجية والطفولة معا ؟؟؟

بقلــم : عبد المغيث عيوش

 







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.