الجمعة 19 أبريل 2024| آخر تحديث 11:00 05/16



دفاعا عن حق الوزراء في الحب

دفاعا عن حق الوزراء في الحب

10922470_630883330368022_3936349104788004540_nالحب هو ذاك الشعور الذي ينتاب الإنسان بين الفينة والأخرى، ويجعل حالته العصبية تحت رحمة  هرمون “الأوكسيتوسين”، ويزيد الثقة في الآخر، ويقوي العلاقة بين الأم ورضيعها وبين الزوج وزوجته والأخ وأخيه، والأب بابنه..

ولو لم يكن الحب يداهم طبائع البشر بين الفينة والأخرى لرأينا نفورا عاما في الأوساط المجتمعية، ولما وجدنا على هذه الأرض موطئ قدم إلا وعمه الخراب، وأنهكته الصراعات الدموية التي لا تنتهي. لذلك دعت إليه الديانات السماوية وتشبت به الدعاة والحكماء والمصلحون في دعوتهم.

الحب يساعد على التفاهم، والتجاوز عن الأخطاء، ويؤسس لعلاقات إنسانية متينة، وترابط بديع بين جنسي البشر الذكر والأنثى، بغض النظر عن وضعهما الاجتماعي والثقافي والاقتصادي. فكم من فقير وقع في حب غنية، وكم من مقيم تزوج أجنبية، وكم من ستيني ارتبط بابنة عشرين، وكم من قاضية أسرها ود بائع خضر..

لكن هذا كله لم يعد يثير حفيظة الرأي العام المغربي، بتلك الدرجة التي جعلت القاصي والداني يخوض في مشروع زواج وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني “الحبيب الشوباني” مع الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي “سمية بنخلدون”، ويتطور الأمر شيئا فشيئا على شكل حسابات ضيقة وتجاذبات رديئة شملت الحديث عن الأعراض والحياة الشخصية على منصات إعلامية وساحات للجدال السياسي. وبطبيعة الحال، نفذ الصبر وتدخل مقص التعديل الحكومي ليرمي بهما بعيدا عن كرسي الوزارة بغية إنهاء الجدل المثار بخصوص علاقتهما.

ومع طول المدة التي حاول فيها المعنيان بسط فن التجاهل في الآفاق، وكتمان سر الألم الذي أحدثته الكلمات في ظهريهما عبرت العيون والملامح عن واقع مرير وعذاب نفسي منذ أول وهلة نظرت إلى الشاشة لأتفرس في وجهيهما.

ولا أخفيكم سرا في أنني من أشد المعجبين بطريقة كلام اثنين في حكومتنا: أما الأول ف”الحبيب الشوباني” وهدوؤه عند استلام الكلمة، وهو أمر لم يتسنى لي  البوح به وأنا على لقاء معه بمدينة الرباط قبل عامين من الآن، وأما الثاني فبرلماني “الأحرار”، الأستاذ “عبد الله وكاك”، وقد أسررت له بالأمر عند زيارته ل”أدرار” مطلع هذه السنة.

لذلك سأفتقد في “الشوباني” رجلا سمح الكلام، ولن أتمكن مجددا من رؤيته يرد على السؤال بجواب يحتمل أكثر من ظاهره، ويحاول وضع كل حرف في محله، لأنه لا محالة غلبه كثرة القيل والقال، وكثرة السؤال.

لقد جاء “الحبيب” و”سمية” في زمن الخلط بين العرض والمسؤولية، وجاء “حبهما” في وقت الحروب والدماء وجفاء السياسة وقسوة الطباع وطغيان التزلف والتملق على المشاعر الحقيقية، حتى اعتبر الناس فعلهما غريبا يستحق الملامة، كما حدث مع “حب” “غابرييل غارسيا ماركيز”.

فرغم أنهما لم يخالفا قانون مدونة الأسرة في شيء، ولم يوظف “الحبيب” المال العام لشراء “الشوكولاطا” هدية عند الخطوبة رفقة زوجته الأولى، وكل ما فعله أنه عبر عن مكنون قلبه تحت ضوء الشمس وسط النهار في الوقت الذي يفضل فيه البعض جنح الظلام، لكن قليلا من الناس أشفق عليه وهو في وضعه يجابه الكلمات كالسهام المسمومة.

وفي هذا إشارة واضحة إلى أن الوزراء أناس مثلنا، يأكلون كما نأكل، ويقضون حاجاتهم البيولوجية كما نفعل، وتعتريهم حالات المرض والقلق والقنوط والتأثر بمحيطهم، كما تأسر قلوبهم شباك الحب في أوضح تجلياته، فيسعون نحو تحدي الأعراف والألسن، ولو كان ذلك يكلفهم أغلى ما يملكون ساعتئذ: مناصبهم، فكفوا –يرحمكم الله-  عن هذا وحدثونا عن آكلي أموال دافعي الضرائب، إلى أين وصلت ملفاتهم ؟!.

 

أحمد إدصالح 







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.