الخميس 28 مارس 2024| آخر تحديث 12:00 05/15



رسبتَ في الامتحان الإشهادي… ألف مبروك لستَ غبيا!

رسبتَ في الامتحان الإشهادي… ألف مبروك لستَ غبيا!

unnamedبداية، أيُّ تشابه مع أي امتحان إشهادي آخر هو من قبيل الصدفة البحتة.

الامتحان الإشهادي موضوع هذا المقال يسمى اختصارا “MOS” (Microsoft Office Specialist)، وهو حسب شركة مايكروسوفت المستوى الأول من التحكم في البرمجيات المكتبية لهذه الشركة.

أبرمتْ وزارة التربية الوطنية اتفاقية شراكة مع شركة مايكروسوفت يمكن بموجبها لرجال ونساء التعليم الاستفادة من تكوين واجتياز الامتحان الإشهادي الخاص بالبرمجيات Word وExcel وPowerPoint. وككل امتحان هناك نقط ونجاح ورسوب؛ فهل يعقل أن نبارك للراسب وأن نعتبر رسوبه دليلا على أنه ليس غبيا؟

الإجابة عن هذا السؤال ستتم من خلال مستويين اثنين؛ أولهما مستمَد من الكتابات المتعددة التي تناولت هذه البرمجيات بالتحليل والدرس؛ والمستوى الثاني سنحلل من خلاله المحتويات والطرائق المعتمدة في تكوين المقبلين على اجتياز الامتحانات الإشهادية.

“La pensée PowerPoint. Enquête sur ce logiciel qui rend stupide” عنوان كتاب لمؤلفه “Franck Frommer” يتناول برمجية إنشاء العروض التقديمية PowerPoint ويؤكد بالبرهان أنها تؤدي إلى الغباوة. كاتب آخر “Rafi Haladjian” في كتابه المجّاني “Devenez beau, riche et intelligent, avec PowerPoint, Excel et Word” يتحدث عن ظاهرة يسميها “La Powerpointisation des esprits” أو عندما تصبح شرائح PowerPoint شرطا أساسيا في العروض والاجتماعات والدروس… إحالة ثالثة إلى رسالة دكتوراه للباحث “Anthony Masure” قدمتْ بجامعة السوربون يوم 10 نوفمبر2014، وحصلت على تقدير وامتياز ومرتبة الشرف بإجماع أعضاء لجنة المناقشة، خَصصَتْ جزءا تحت عنوان “La stupidité logicielle (PowerPoint)” بيّنَ من خلاله الباحثُ أن “PowerPoint” يجعلنا نقرأ ونكتب على طريقته…

“We Have Met the Enemy and He Is Powerpoint” عنوان لمقال صدر في جريدة نيويورك تايمز ليوم 26 أبريل 2010. المقال مرفق بصورة لخطاطة حول الحرب في أفغانستان (صورة1) ويورِدُ مقولات لثلاثة جنرالات أمريكيين. الأول وعند عرض الشريحة المتضمنة للخطاطة علّقَ قائلا: “عندما نفهم هذه الخطاطة سنكسب الحرب”. في تشابه تام أو جزئي أقول تعليقا على خطاطة واردة في عرض وزارة التربية الوطنية حول التدابير ذات الأولوية (صورة2): “عندما نفهم هذه الخطاطة سنفلح في إصلاح نظامنا التعليمي”.

Capture

 

جنرال ثانٍ قال: “PowerPoint” يجعلنا أغبياء. وثالث أكد: خطورة “PowerPoint” تتجلى في كونه يخلق لدينا وهما بأننا نفهم ونتحكم.

أوردنا مصطلح غبي كترجمة للمصطلحين stupide وidiot. والمعنى الذي يعطيه معجم “LAROUSSE” لمصطلح “L’idiot” هو “Qui est dépourvu d’intelligence”، أيْ نقيض الذكي، وهذا يقودنا إلى الإدلاء بملاحظة أولية حول التكوين لاجتياز الامتحانات الإشهادية الذي سنخصص له هذا الجزء الثاني من المقال:

استفدتُ شخصيا من التكوين ضمن الفوج الأول لتكوين المكونين بجهة سوس ماسة درعة (سيتساءل القارئ هل نجحت أم رسبت في الامتحانات، أطمئِنُه، فهذا المقال ليس انتقاما لرسوبي، لأنني نجحت في اجتياز الامتحانات الثلاثة رغم عدم حصولي على نقطة “1000/1000″؛ وأتأسف لكوني لا أستحق التهنئة الواردة في عنوان المقال!)، وتم تكويننا على يد ممثلين لشركة وسيطة؛ وكان محتوى التكوين عبارة عن تلقين لأجوبة أسئلة الامتحان المُنتظَر (الشيء الذي يعتبر خطأ مهنيا إن قام به أستاذ مع تلامذته)، مما يدل على أن الامتحان لا يقيس ذكاء الممتحَن بل يكتفي بقياس مدى قدرته على التكرار الحَرفي لما عُرض أمامه، وإنجاز المطلوب منه حرفيا بالكيفية التي تريدها شركة مايكروسوفت. فمن اجتهد أو فكر أو حاول أن يفهم أو أن يبدع أو أن يستعمل ذكاءه، فمصيرُه الرسوب.

الامتحانات الإشهادية “MOS” تمثل جزءا من الاستراتيجية الوطنية لإدماج تكنولوجيا الإعلام والتواصل في المنظومة التعليمية، التي يتم تصريفها من خلال برنامج “جيني”. أعطِيَت الانطلاقة لبرنامج “جيني” سنة 2005 وتم تبني مصوغة “إنتل التعليم للمستقبل”، التي لا نقول عنها إنها مثالية لكنها على الأقل تعمل على تطوير كفاية إدماج تكنولوجيا الإعلام والتواصل في العملية التعليمية التعلمية، على خلاف التكوين والإشهاد “MOS” الذي لا يستحضر البتة المتعلم والعملية التعليمية التعلمية، مما يجعل “MOS” يمثل تراجعا من الناحية البيداغوجية بالمقارنة مع انطلاقة “جيني”، وهذا سنة 2014. فهل نسير في الاتجاه الصحيح؟

ختاما نستحضر المقولة الشعبية “كمشة نحل أحسن من شواري دبان” للرد على السعي إلى تحقيق “الكم” الملاحَظ، وذلك من خلال التصريحات الرسمية التي تعرض الأعداد المرتفعة للمستفيدين، والنسب العالية للنجاح؛ ونقول للراسب ألف مبروك لست غبيا، وللناجح مبروك ذاكرتُك جيدة، لكن حذارِ من الوقوع في الفخ؛ فهناك بدائل متعددة لبرمجيات مايكروسوفت؛ ونطرح سؤالا جوهريا للأستاذ والباحث “Marcel Lebrun ” يتعلق بإدماج تكنولوجيا الإعلام والتواصل في التعليم مرفقا بصورة جد معبرة:

Capture

« Faire les mêmes choses qu’avant différemment ou faire autre chose ? »

مراجع:
• رسالة للدكتوراه للباحث (“Anthony Masure”: http://www.softphd.com)
• الكتاب المجاني لكاتبه “Rafi Haladjian “: http://cristal.inria.fr/~weis/info/haladjian.pdf
• المقال الصادر في جريدة نيويورك تايمز: http://www.nytimes.com/2010/04/27/world/27powerpoint.html?_r=1
• قراءة في كتاب “Franck Frommer”: http://lectures.revues.org/1271
• Marcel Lebrun, Théories et méthodes pédagogiques pour enseigner et apprendre. Quelle place pour les TIC dans l’éducation. De Boeck 2007

 

عبد الهادي بابنو – أستاذ مكون –







تعليقات

  • سلام. تحية للاستاذ عبد الهادي وشكرا له على تحليله المتبصر وفكره الثاقب وشخصيته العصامية فما احوجنا لمثل هؤلاء الاساتذة لينيروا لنا دروب التعليم المظلمة بفعل ما اوصله اليه من يشتغل وفق اجندات اجنبية ومشبوهة عن علم اودون علم. فالعولمة او ما يسمى صراع الحضارات مسالة حقيقية موجودة ولهذا نسمع عن توصيات للمغرب من طرف المنظمات الدولية حول التعليم. فالتعليم يعتبر اخطر وسيلة تمكن من استعمار الشعوب واستعبادها. ولكن اليد الواحدة لا تصفق وحرب التعلبم ان صحت العبارة لا يمكن ربحها اذا لم نوحد صفوفنا وافكارنا عوض ما نراه من فوضى فكرية نسود حتى بين المثقفين والمفكرين وكل المستويات الاجتماعية ولا ارى حلا لهذه الفوضى الا من خلال تامل قوله تعالى:(لو انفقت ما في الارض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بين قلوبهم انه عزيز حكيم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.