الخميس 18 أبريل 2024| آخر تحديث 12:34 04/17



كيف نخرج المغرب من مثلث كاربمان الدرامي؟

كيف نخرج المغرب من مثلث كاربمان الدرامي؟

Captureهل سمعتم عن مثلث كاربمان الدرامي؟ إنه مثلث لم ينل شهرة كبيرة عند العامة. فهو تقريبا غير معروف في وسطنا. و لكنه أكثر تدميرا و خطرا من مثلث برمودا الشهير. فعالم النفس الأمريكي ستيفن كاربمان  اقترح سنة 1968 نظرية المثلث الدرامي ليشرح العلاقات المعقدة الغير المتوازنة و ألعاب المناورات النفسية الغير الصحية و المدمرة التي يدخل فيها المرء عن قصد أو غير قصد مع محيطه.

فحسب كاربمان، في معظم الأزمات و الخلافات اليومية التي يعيشها الأفراد فيما بينهم فإنهم في الغالب يكونون ضحية المثلث الدرامي. فبالنسبة إليه، معظم الناس في مختلف المواقف اليومية  سيتقمصون إحدى الأدوار الثلاث و سيغيرونها حسب الظروف. فإما سيمثل دور الظالم أو سيلعب دور الضحية أو سيكون هو المنقذ. و متى دخل الفرد في لعبة الظالم/ الضحية/ المنقذ ،  فإنه سوف لن يخرج منها أبدا و سيسقط ضحية هذا المثلث الدرامي الذي سيدور في وسطه إلى ما لا نهاية.

و لتقريب الفكرة إلى القارئ، سنحاول أن نتخيل سيناريو بين الزوج و الزوجة و الإبن باستعمال المثلث الدرامي.

الزوجة توقظ ابنها في الصباح ليذهب إلى المدرسة، الابن ( الضحية) يتمارض كي لا يذهب إلى المدرسة. الزوجة ( المنقذة) تربت على رأس ابنها بحنان و تدعوه ليرتاح. الزوج (الظالم) يصرخ في وجه زوجته ( الضحية) لتحضر الفطور و لتبحث له عن جواربه و ربطة العنق التي سيرتديها. تعد الفطور، تأخذ الصينية إلى فراش ابنها الصغير، ابنها ( الظالم) سيصرخ في وجهها بأنه لا يريد الفطور، الأم ( الضحية) ستبدأ في البكاء بشكل هستيري، الابن ( المنقذ) سيحاول أن يطيب خاطر أمه، سيظهر الزوج ليحاول أن يفهم ما يقع،  ستصرخ الزوجة ( الظالمة) في و جهه بأنه أناني لا يحب إلا نفسه و بأنه لا يهتم بها و لا بابنه المريض. سيتدخل الابن ( المنقذ) ليشرح بأنه بخير و بأن وعكته خفيفة و يمكنه أن يذهب إلى المدرسة لإرضاء والديه… و تستمر الدراما الوهمية إلى ما لا نهاية و يستمر الزوج و الزوجة و الابن في تبادل أدوار الظالم/ الضحية/ الجلاد فيما بينهم…

إن مثلث كاربمان في حقيقته يخفي لعبة المناورة من أجل السلطة أو السيطرة أو الانفلات من العقاب. كما يخفي الشعور بانعدام الثقة و الأمان مما يجعل مختلف الأطراف تناور و ترضى بلعب أحد هذه الأدوار.

و لو تأملنا نوع العلاقات المبنية  منذ الاستقلال إلى يومنا هذا بين الشعب و الأحزاب و المخزن ، فإننا للأسف سنكتشف بأنها تدور في مثلث كاربمان الدرامي. حيث   المخزن سابقا أيام المرحوم ادريس البصري كان يلعب دور الظالم  المستبد، و الأحزاب تمثل دور الضحية  المغلوب على أمرها، أما الشعب فإنه كان يلعب دور المنقذ حيث كان يقف متكتلا مساندا الأحزاب ضدا عن المخزن. أما اليوم فإن الأحزاب تلعب دور الظالم و الشعب يلعب دور الضحية والمخزن يلعب دور المنقذ. و لو استمررنا في هذه اللعبة إلى ما لا نهاية فقد يلعب  الشعب مستقبلا دور الظالم و المخزن سيتقمص دور الضحية و الأحزاب ستحاول أن تلعب دور المنقذ. و هكذا دواليك…

و لكن هذا المثلث الدرامي ليس في مصلحة الشعب و لا الأحزاب و لا المخزن، لأنه بدل أن تنكب مختلف مكونات المغرب للعمل على تطور البلاد و للبحث عن إيجاد حلول للمشاكل التي تعيق الازدهار الاجتماعي و الاقتصادي من تعليم و صحة و تحسين جودة الخدمات العامة، فإن مختلف الأطراف تبنت مع بعضها البعض صراعات واهية و لعبت  أدوار وهمية  لم تستطع الخروج منها بعد.

 

أمل مسعود







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.