الأربعاء 24 أبريل 2024| آخر تحديث 6:00 03/20



ومن يقنع الديك بأني لست حبة قمح؟

ومن يقنع الديك بأني لست حبة قمح؟

idsalahh

جلّ الأحزاب السياسية المغربية، تنظر إلى المواطن البسيط هذه الأيام كصوت انتخابي يمشي على قدمين في الأسواق ويأكل الطعام.

لذلك تنصبّ جل برامجها قريبة المدى حول كيفية كسب عقول وقلوب هؤلاء قبل الانتخابات الجماعية المزمع تنظيمها شتنبر القابل، عبر وسطاء وأعيان لا يتحدثون إلا لغة المصالح الشخصية الضيقة. فنجد خرجات هنا وهنالك، ونسمع صيحات تقرع الآذان بين الفينة والأخرى إيذانا بصراع الفيلة، وحولها الأتباع الذين فقدوا بوصلة الاجتهاد الفكري للتمييز بين الصالح والطالح. ولا ننسى الإعلام الذي يحرك من وراء حجاب ليؤكل به الشوك صعب البلع.

صحيح أن بعض “الأحزاب الشعبية” تحاول التقرب من المواطن طيلة السنة عبر كوادرها وأطرها النشيطة داخل التنظيمات المدنية والسياسية والنقابية، وتتابع عن كتب قضايا الشأن العام المحلي، وتخرج للفينة والأخرى بيانات تنويرية، وتنظم أنشطة ولقاءات -وإن افتقدت بريقها في غالب الأحيان-، لكننا ما زلنا نعاني الأمرين مع النقص الحاد في انخراط معظم الأحزاب السياسية الفعلي، وتضلعها بدورها في التأطير والتكوين المستمر لمواطنين يحتاجون سندا، ليس فقط في أيام الحج نحو صناديق الاقتراع، وإنما أيضا في بقية أيام “العجاف السياسي”.

وكأن بسياسيينا يتعمدون إفقاد الذاكرة ، واللعب على أوتار الظرفية الآنية، لذلك يخاطبون الجماهير بعاطفة منقطعة النظير، ويكرهون من يذكرهم بالتاريخ وبواجباتهم السياسية اتجاه مواطن ينظر بعين التفاؤل لمستقبل هذه البلاد، مما يؤدي إلى تكريس “الدنس” في العمل السياسي حد العنق، رغم دعوات التخليق الجوفاء التي ما زال صداها يتردد في الآذان.

فليست المزايدة بشأن “الصناديق” وفواتير الكهرباء والماء ومعيشة الطبقة الدنيا… إلخ، هي التي ستجعلنا نثق في هذه الأحزاب، وليست الخطابات الجوفاء هي التي ستعيدنا لحضنها، ولكن ذلك العمل الدؤوب هو الذي سيفعل.

فمنذ نعومة أظفارنا سمعنا وعودا ضخمة كالجبال، لكن بعد أن مرت علينا سنوات لا يستهان بطولها، اكتشفنا أن تلك الوعود تبخرت حتى قبل أن تخرج من فم الساسة الذين فضلوا الفكر “الميكيافيلي” في التعامل مع أناس لا حول لهم ولا قوة، فاتسعت بذلك الفجوة بيننا وبينها.

وحال هذه الأحزاب هنا شبيه إلى حد كبير بحال ذلك الشخص الذي يعاني مرضا نفسيا خطيرا يتمثل في خوفه الشديد من الدجاج، لاعتقاده أنه مجرد حبة قمح، وكلما لمح دجاجة أو ديكا انتابه رعب شديد. فانصرف ذات يوم إلى طبيب نفساني مختص تابع حالته المرضية خطوة خطوة حتى أقنعه بماهيته الإنسانية، لكن الرجل لجأ إلى الطبيب مجددا بعد لأي ليقول: “ها أنذا اقتنعت –سيدي الطبيب- بأني إنسان ولست حبة قمح، لكن من يقنع الديك بذلك؟”.

 







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.