الخميس 18 أبريل 2024| آخر تحديث 6:55 09/05



أولادجرار : هل ستشهد واقعة أكادير …

أولادجرار : هل ستشهد واقعة أكادير …

oulad

لم تكن ، للأسف ، ردة الفعل الإعلامية المحلية أو الجهوية ، بحجم صدمة الحادث المأساوي الأخير بمدينة أكادير ، حيث اكتفت منابر إخبارية محدودة بنقل خبر مقتل أحد رجال الإنعاش المكلفين بجمع القمامات الصلبة صباح أول أمس الأربعاء 03 شتنبر 2014 بعد أن داسته خلفها خطأ شاحنة نقل الأزبال الكبيرة التي كان يعمل رفقتها .
الضحية ، الأب لثلاثة أطفال ، وري الثرى بمقبرة ( تادارت ) بعد صلاة عصر البارحة في موكب جنائزي وصف بالمحتشم والعادي ، حيث لم يتجاوز الأربعين شخصا بتقدير الجراري علي بحمان رئيس المنظمة المغربية لحماية البيئة والمواطنة الذي شهد الجنازة .
نستطلع هذا الخبر على هامش مأساة أخرى مماثلة بجماعة الركادة ، مازالت فصولها حية للمشاهدة والمتابعة ، حيث يجبر رجل ستيني معاق برجل خشبية على اعتلاء وتسلق خلفية مؤخرة نقل النفايات الصلبة بهذه الجماعة ، وإفراغ حاويات القمامة المنزلية داخلها .
يأتي هذا في ظل ما يعتبره القائمون على الشأن المحلي بهذه الجماعة تفضلا منهم على هذا الرجل ، وتفهما لحالته الانسانية بعد أزيد من عشرين سنة كلف عمره فيها مهمة جمع الأزبال بعربته التي كانت تجرها دابته الخاصة .
يستمر هذا الوضع الشاذ أخلاقيا وإنسانيا في ظل خيارات أخرى ممكنة داخل الجماعة لإدماج هذا الشخص المعاق لنحفظ له حقوقه التي تكفلها له الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها بلادنا ، كاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بتاريخ 30 مارس 2007 ، وصادقت على بروتوكولها الاختياري بتاريخ 08 مارس 2009، والتي تنص في مجموعة من بنودها على ضرورة تحسين حالة الأشخاص ذوي الإعاقة ، وحماية سلامتهم العقلية والبدنية ، مع ضمان عدم تعرضهم للتعذيب أو الاستغلال والمعاملة أو العقوبة القاسية واللإنسانية أو المهنية .
بين الصورة هذه ، والصورة التي رسمها لنا الخبر رسائل مكثفة المعنى ، ومختزلة المبنى على المسؤولين والقائمين على شؤوننا المحلية في منطقة أولادجرار التقاطها ، حتى نعيد الاعتبار لهذا الرجل المعاق ، ونصون له كرامته من جهة ، وننتزع أسباب إعادة إنتاج مأساة أخرى على شاكلة مأساة أكادير من جهة ثانية . لأنه بغير ذلك ، ومهما استنسخنا أو أبدعنا من تجارب التحديث ، سنستمر مفلسين بلا رأسمال لامادي ، وستنحدر بنا المراتب تبعا لمؤشرات التنمية البشرية كلما انحدرت رؤيتنا للإنسان عامة وللمعاق خاصة ، وتراجعت سلوكياتنا تجاهه . وستستمر أوضاعنا قاتمة طالما بقيت النعوش تبتلع في صمت وسكينة من يجمعون قماماتنا ، نتيجة لحوادث الشغل أو الأمراض القاتلة الناتجة عن طبيعة الشغل في غياب يذكر لجملة من الحقوق الاجتماعية والمهنية لهذه الفئة المحسوبة على الإنعاش ، كالحق في الضمان الاجتماعي ، وراتب التقاعد ، والتعويضات عن الأخطار والحماية الصحية و… ، وطالما أدرنا وجوهنا عن المجهول ليحتضن ذوي الإعاقة وصممنا آذننا عن آهاتهم ومعاناتهم ونحن ندمجهم بتلك الطريقة البشعة ليجمعوا أزبالنا ، في الوقت الذي نفتح فيه عيوننا على تخمة من أخبار السوق و الرصيف وعناوين السفالة في الإثارة على صفحات مواقع إخبارية إلكترونية ظلت تحترم نفسها وهي تكتب بالخط الغليظ : (… شاذ يستمتع بكأس من زجاج ….)

بقلم : عبد الحميد بكون / عضولجنة التنسيق ومرصد أولادجرار لتخليق الحياة العامة







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.