الخميس 25 أبريل 2024| آخر تحديث 12:22 08/30



أولا دجرار : مخيم في صيف الفهم والتأمل

أولا دجرار : مخيم في صيف الفهم والتأمل

10459085_631129896984687_62875676126352879_o

انتهى المخيم الصيفي الذي نظمته ، لفائدة ما يناهز 120 من أطفال أولادجرار، جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي وأعوان جماعة الركادة بتنسيق مع هذه الأخيرة استنادا إلى ما حمله إعلان الجمعية المنشور بتاريخ 07/07/2014، والذي فجر، كما يذكر المتتبعون ، نقاشا عارما حول النوايا المبيتة للجمعية تلك في توظيفها الرمزي والغير القانوني للترويسة المعمول بها في المراسلات الجماعية .
وعلى مر هذه الأيام ظلت تساؤلاتنا معلقة حول قدرة الجمعية الحقيقية على تنظيم ذلك المخيم وإنجاحه ، وهي التي لا تحسن حتى صياغة إعلاناتها شكلا ومضمونا . كما استمرت العلاقة التنسيقية بين هذه الجمعية وجماعتها مبهمة ،حيث لم يفهم أحد حجم الدعم اللوجستي أو المالي الذي ضخته جماعة الركادة تفضلا منها على تلك الجمعية . لتبقى التوضيحات حول ذلك كله مفتوحة على ما ستجود به علينا سيناريوهات الأحداث المقبلة .
هكذا إذن ، حملتنا الوقائع وحسن الصدف بكورنيش مدينة أكادير إلى لقاء لم نضرب له وقت موعد مع زمرة منسجمة من أطفال المخيم ذلك ، وهم يرتدون صداريات بيضاء موحدة نقرأ عليها ( أولادجرار ـ جمعية التربية والتنمية بأولادتايمة ) . اختلط علي أمر العبارتين في البداية فصرت أدقق النظر ، وأرجع البصر لعلي أجد كلمة أو حرفا مفتاحا لفك ما تشابه علي في الفهم والاستيعاب لذلك . فهمت الأمر عنده ، كما فهمه ربما الكثيرون عند كل قراءة ، أن أولادجرار المعنية لن تكون سوى جزءا ترابيا من أولادتايمة يحمل من ذات التسمية ما تحمله مناطق أخرى متفرقة في المغرب .ولا أظننا في حاجة لإثارة الحيثيات التاريخية ،والأصول القبلية المشتركة التي كانت وراء ذلك .
هزمني حينها الفضول فقررت الاستفسار عن الأمر قبل أن تختطفني وجوه بضة من بلدتي أولادجرار، بنظراتها الرقيقة التي توزعها في خجل على المارة والمصطافين ، وتحتضنني في صمت حميمي بانشراحها المعهود .
كيف يحدث هذا إذن ؟ وأين توارى اسم جمعية الأعمال الاجتماعية المنظمة للمخيم ؟ وكيف أخذت مكانها على ظهر الأقمصة البريئة جمعية دخيلة من أولادتايمة ؟
بصيغة أخرى ، كيف نفسر هذه الأشكال الغامضة والغير المفهومة من التنسيق ؟ وكيف تجيز وتكفل المواثيق التنظيمية هذا الزواج الغير الممأسس الذي تم بين إطار جمعوي من ( أولاد تايمة ) ولا إطار ( أولادجرار ) . بتعبير سوسيولوجي أدق ، كيف نصنع لاسم ( أولادجرار ) في السياق الذي وردت فيه إطارا من الرمزية القبلية بكل ما يختزله مفهوم القبيلة من معان ويحمله من دلالات اجتماعية وتاريخية عتيقة ومستهلكة ، ونفتح بالمقابل وفي ذات السياق لاسم ( أولاد تايمة ) مواقع متقدمة في مجال التحديث المجتمعي المدني ؟ بل ، بأية مرجعية فكرية تؤسس القوى السياسية التقدمية تلك لأصول الرجعية وتعمل على استدامة مظاهر الثبات المجتمعي وصيرورته الستاتيكية في بلدتنا أولادجرار في الآن ذاته الذي تؤصل فيه لعناصر التغيير و التغير المجتمعي وتؤكد فيه ميكانيزمات التحديث بمناطق أخرى ؟
لكن التساؤل الذي يبقى مطروحا بعد كل هذا هو : كيف السبيل إلى فهم وتفسير كل ذلك ؟
قد تكون المسألة برأينا المتواضع عنوانا على أزمة حقيقية لمجتمع مدني محلي بأولادجرار لم يستطع ، وهو الذي يختزن ما يربو عن مائة إطار جمعوي ، أن يضطلع على الوجه الأصح بمهامه المنتظرة منه في التأطير والبناء الثقافي والتنموي بالمنطقة بشكل يحفظ له الثقة لدى السياسيين المحليين أو غيرهم ، ويضمن له الحضور في المخيمات والملتقيات …لكنه وبعد أن تقفينا ، لدى الدوائر المدنية والسياسية المحلية بأولادتايمة ، أثر تلك الجمعية التي استأثرت ، ولاعتبارات نجهلها ، بصفقة مهام التأطير والتنشيط بالمخيم ، ووقوفنا على حقيقة وجودها الورقي المغمور على الرفوف ، وأدائها الجمعوي الغائب والغير المعلن على الساحة المحلية ، أصبح للمسألة بالتأكيد منطق مبطن يتحكم فيها ، يستند إلى قيم الاستهلاك والاقتناء كمؤشر واضح على المسارات الرأسمالية المنحرفة والجانحة التي يسلكها، للأسف ،عرابوا ( الاشتراكية ) في بلدتنا ، و الذين، بدا أنهم ، يفهمون في فتح دفاتر الشيكات والكومبيالات وسجلات تدبير المقاولات والمنشآت الخاصة أكثر مما يفهمونه في كراسات الشيوعية ويستوعبونه من مرتكزات ومقاصد نبيلة للاشتراكية في تكريس المبادئ الانسانية والقيم الأخلاقية وتثبيت التوجهات المجتمعية نحو تحقيق العدالة الاجتماعية .منطق يكاد ينسحب على أغلب المجالات التدبيرية للشأن المحلي بأولادجرار، بما فيها المجال الرياضي حيث ظل ومازال فريق المنطقة لكرة القدم يلعب بما يزيد عن ثمانين في المائة من الأحذية الأجنبية المأجورة .
أليس بهذه الطريقة يكون واقعنا الحاضر بالمنطقة قد أصبح رهينة تتقلبها الأحوال المشخصنة والاعتبارات السياسية الضيقة ، بأكف الرأسماليين ذوي الثروة و المال ؟ أما المآل في الغد فلا أحد يزرع بذور الأمل فيه لتعلق مواسم حصاد منتوجنا الرمزي وتؤجل المشاريع التنموية الحقيقية بالمنطقة ، ونضيع اللبن الصيف بعد الصيف . وكل صيف وأنتم بخير .
  عبد الحميد بكون – أولادجرار

عضو لجنة التنسيق لتبع ملف المقالع وقضايا الشأن المحلي







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.