الجمعة 29 مارس 2024| آخر تحديث 4:27 07/17



“دوزيم” تشرمل دفتر التحملات و”الهاكا” تقرر التفرج

lerrouss provil_0

لا أدري ما إذا كان مصطلح “التشرميل” كافيا لتوصيف الانتهاكات والتجاوزات التي ترتكبها القناة الثانية “دوزيم” وبشكل يومي في حق دفتر التحملات الخاص بشركة “صورياد القناة الثانية”؟ وإذا كانت التجاوزات “دوزيم” أصبحت مقرونة باسمها بشهادة مختلف مؤسسات الدولة المتضررة أو ذات الصلة، فإن ما يصيب بالذهول هو اتخاذ الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري “الهاكا” لقرار وموقف واحد وأوحد هو التفرج على تجاوزات “دوزيم” مما عطل أدوارها الدستورية والرقابية حيث تخلت عنها لصالح مؤسسات أخرى كالديوان الملكي في موضوع الصور الشخصية أو الحكومة في “الروبرطاج” الانتقامي والتحريضي حول موضوع التماس الكهرومائي، وبالمقابل سجلت الزيارات غير المنقطعة التي تقوم بها “الهاكا” للعديد من الدول الأجنبية تحت شعار الاطلاع على التجارب وتبادل الخبرات وهي التي لم ير لها حتى اليوم أي ثمار.

بلغة الأرقام والقانون أكد تقرير للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، -التي تحولت لمؤسسة رصدية فقط- أنه تم تسجيل أكبر عدد من التجاوزات على مستوى الإشهار خلال شهر رمضان الماضي بالقناة الثانية، وذلك خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهنا يطرح السؤال بحدة هل تنتظر السيدة “الهاكا” قرب خروج شهر رمضان الحالي لتخبر الرأي العام بأن “دوزيم” مرة أخرى وثانية وسنة سادسة وسابعة قد قصفت المشاهدين بالإشهار المدمر وقت الإفطار؟ وقد لاحظ أكثر من متتبع أن “الهاكا” أصيبت بنوع الجمود منذ تعيين المسؤولين الجديدين عليها شهر ماي 2012 حيث لم تتخذ المؤسسة سوى قرارين يتيمين الأول يهم موضوع الإحاطة وقد ورطت المؤسسة في صراعات ليست من شأنها إلى أن صفعها القضاء والمجلس الدستوري لتقرر العودة للوراء في صمت دون إيضاحات، والثاني سياسي أيضا وهم حق الرد بالنسبة لأحد الأحزاب السياسية، غير ذلك يسجل الفرق الواضح في فعالية “الهاكا” وديناميتها بين المرحلة الحالية ومرحلة ما قبل ماي 2012.

انتهاكات “دوزيم” لدفتر التحملات تم على أكثر من مستوى وصعيد خلال هذا الشهر الفضيل، أفدحها أن قناة عين السبع لا تحترم المادة 49 من دفتر التحملات الخاص بها، والتي تنص على أنه “في التلفزة يتوجب أن تفصل فترة لا تقل عن 20 دقيقة بين وصلتين إشهاريتين متتاليتين”، وهو البند الذي سجل عدم احترامه خاصة في مرحلة ذروة المشاهدة التي تنطلق قبيل الإفطار حتى آذان العشاء، وهو توجه تجاري ربحي محض يهيمن على ما سواه من أبعاد تثقيفية أو إخبارية أو إعلامية.

ذات الانتهاك للقانون تعمقه “دوزيم” عندما لا تحترم بندا آخر في نفس المادة والذي يقول إنه “بالنسبة لساعة مسترسلة من الزمن لا يمكن أن تتجاوز المدة الإجمالية للوصلات الإشهارية 16 دقيقة في التلفزة، إلا أنه يمكن تجاوز هذا السقف خلال شهر رمضان في حدود 18 دقيقة. وقد تم الوقوف وباستخدام العداد الإلكتروني أن الإشهار بالقناة يذهب حتى نصف ساعة للإشهار التجاري الخالص والنصف ساعة الأخرى جزء منها يخصص للدعاية المختلفة لفقرات المساء أو برامج رمضان، والباقي من النصف ساعة يخصص للبرامج التي عليها أكثر من ملاحظة هي الأخرى، هكذا أصبحت المادة الأساسية لبرامج رمضان على “دوزيم” هو الإشهار وتتخلله بعض “الإنتاجات” التي أريد لها قصرا أن تكون رديئة ودون مستوى الانتظارات، وفقط في مجال الترفيه لا غيره وكأن الترفيه هو الوظيفة الوحيدة التي حددها المنظرين والمؤسسين للإعلام، من أمثال “لاسويل” و”لازارس فيلد” و”بارسونز” وغيرهم.

انتهاك دفتر التحملات من طرف القناة الثانية متعدد ولا يتسع المجال لحصره، فعلى مستوى المادة 9 منه والتي تتناول التنوع الثقافي واللغوي والمجالي وتحدد للقناة مستوى حضور اللغة العربية والتنوع اللسني المغربي، نجد أن السيادة بالقناة الثانية ما تزال للفرنسية والدارجة، فقد فجر تقرير “للهكا” السنة الماضية حول برامج الخيال في قنوات القطب العمومي خلال شهر رمضان قنبلة من العيار الثقيل وأرقامه صادمة وتحدث عن نفسها، فقد مثل استعمال الدارجة المغربية بالقناة الثانية “دوزيم” نسبة 92%. في توجه وأجندة مفضوحة تهدد التماسك اللغوي المغربي وأحد أبرز مكونات الهوية والمتعلقة باللسان المغربي والاختيارات الدستورية والرسمية في هذا الباب.

أما التعددية السياسية فإن التقرير الأخير للمؤسسة الرصدية “الهاكا” والذي يهم مداخلات الشخصيات العمومية في وسائل الاتصال السمعي البصري في النشرات الإخبارية للفصل الأخير من 2013 وما سبقه من تقارير تهم فصول سنتي 2012/و2013 على الأقل، فقد أكدت جميعها عدم احترام مبدأ الإنصاف بين الفاعلين، طبعا “الهاكا” ما تزال عاجزة حتى اليوم عن إصدار دليل يهم التعددية على المستوى المدني والثقافي كما يطالبها بذلك القانوني، أما عن صورة المرأة في الإعلام، فهي تتعرض لحملة ممنهجة للإساءة والاستغلال وامتهان الكرامة من الإشهار الذي يصورها كبضاعة إلى الصور النمطية بالأفلام والمسلسلات، وما إشهار “لعقوبات” عنا ببعيد والذي لم تكلف القناة نفسها عناء الاعتذار للمرأة عنه، وهي المدعية الدفاع عنها، بل بلغ بمسؤولة مديرية الأخبار بالقناة حد الخروج من جبتها الإدارية والاصطفاف الإيديولوجي والسياسي بالشارع إمعانا في تفسير مشوه وتضليلي ومحرض لتصريحات رئيس الحكومة الواضحة في الدفاع عن المرأة المغربية تحت قبة البرلمان.

الأطفال كذلك لم يسلموا من انتهاكات “دوزيم” وجرائمها، حيث أكدت دراسة أخرى صادرة عن الوظيفة التقنية ل”الهاكا” شهر فبراير 2014 وهمت العرض التلفزي الموجه للأطفال، أن جروعات العنف المادي والعنف اللفظي تهيمن على تلك البرامج وأنها توجه رسائل سلبية للأطفال من قبيل الإنتحار والإدمان على الكحول، كما أن الإنتاج الأجنبي بلغ 96 بالمائة مقارنة مع الوطني، وأن الفرنسية تحضر بهذه البرامج بنسبة 50 بالمائة تقريبا فضلا عن هيمنة برامج الترفيه بنسبة 89 بالمائة عن البرامج التعليمية الموجهة للأطفال.

كل هذه التجاوزات والانتهاكات القانونية ترتكبها القناة الثانية دون حسيب ولا رقيب، فوزارة الاتصال تؤكد على مبدأ استقلالية الإعلام العمومي وتعلن عزمها تضمينه لأول مرة في التعديلات القانونية المرتقبة، و”الهاكا” اتخذت قرار التفرج على ما يحدث والاكتفاء برصد جوانب منه، ويبقى المشاهد بمختلف فئاته عرضة للقصف اليومي المدمر وانتهاكات “دوزيم”، على الرغم الأدوار المهمة ل”الهاكا” والتي عّززت بدسترتها ومنها ما تنص عليه المادة 3 من الفصل الأول من الظهير المحدث ل”الهاكا” غشت 2002 والذي يلزمها بالسهر على تقيد أجهزة الاتصال السمعي البصري بالنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في ميدان الإشهار، كما تنص المادة 16 على قيام “الهاكا” بمعاقبة متعهدي السمعي البصري حالة ارتكاب المخالفات.

أمام هذا الواقع أصبح ملحا البحث عن بدائل أخرى لمراقبة المؤسسات المنفلتة من مراقبة القانون وأيضا لتفعيل المؤسسات التي اتخذت الجمود والتفرج قرارا، وذلك بما يعزز أدوار المجتمع المدني اتجاهها بفتح مجال التظلم ل”الهاكا” أمام مختلف الجمعيات والفئات المتضررة على عكس ما تحدده المادة 4 من الظهير المؤسس من أن الشكايات ل”الهاكا”  تقبل فقط من الأحزاب والنقابات والجمعيات المتمتعة بريع وامتياز غير ديمقراطي اسمه المنفعة العامة.







تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.